ليس هذا الحديث ردا على لقاء المدعو مصطفى راجح مع قناة الجزيرة في منتصف يوم الأحد، والذي بدا فيه نسخة أكثر سوءا من أحمد الصوفي وياسر اليماني وعبده الجندي، لكنه مناقشة لمنطق بعض المروجين لخطاب السلطة ومطابخها الاستخباراتية من موقع الكتاب المعارضين أو المدنيين أو اليساريين عند تناولهم للقضية الجنوبية واحتجاجات أبناء الجنوب على السياسات الجائرة التي ارتكبت بحقهم منذ العام 1994م. هناك منطق معوج يقوم عليه تقييم هذا البعض للأحداث في جنوب اليمن منطلقين من مفردات "الحراك الانفصالي"، و"الحراك المسلح، و"الحراك المدعوم من إيران"، و"فصيل علي سالم البيض" وغيرها من العبارات التي لا تقدم أي توصيف لجوهر المشكلة بقدر ما تأخذ الجزء وتترك الكل، تتناول المظهر وتتجاهل الجوهر، تشرح النتيجة دون الإشارة إلى الأسباب وما أكثرها، تركز على الفرع وتتحاشى التعرض للأصل، والفرع والأصل: هنا ليسا تكريسا لمقولة "عودة الفرع إلى الأصل" التي روج لها أبطال سبعة يوليو أثناء احتلالهم للجنوب، لكنه يتعلق بمشكلة جوهرية وهي سبب كل المظاهر المتجلية هنا أو هناك في الجنوب. لم يتحدث أحد من هؤلاء وآخرهم المدعو مصطفى راجح عن معاناة الجنوبيين على مدى ما يقارب عقدين من الإقصاء والتهميش والامتهان، والبطش والقتل والمطاردة والاعتقال والحرمان من الخدمات ناهيك عن ما تعرض له الجنوب من سلب ونهب على أيدي أبطال سبعة يوليو، فهذا حق للسلطة "تحمي بها شرعيتها"، كما قال المدعو مصطفى راجح في آخر كلماته للجزيرة، بل راحوا يبررون للسلطة وأجهزتها الأمنية قتل المواطنين الجنوبيين بتهمة التبعية لإيران أو التطرف أو المطالبة بالانفصال، دونما إثبات واحدة من هذه الاتهامات بوسائل البحث الجنائي المتعارف عليها في كل البلدان التي تحترم مكانة وقيمة الإنسان، ومن ثم إنزال العقوبة التي ينص عليها القانون بحق جرائم كهذه. وعندما يقعون في حرج السؤال عن مظالم الجنوب يقولون كلاما عاما عن القضية الجنوبية كالقول بانها "قضية عادلة، وعلى رأس الاهتمامات، وستكون موضوع رئيسي في الحوار" إلى آخر هذا الكلام الذي لا يعني شيئا في ظل استمرار سياسة النهب والقتل والاعتقال والتهميش والإقصاء والهيمنة الشطرية الانفصالية بامتياز. لم يقولوا أن السلطة هي من استفز نشطاء الحراك بأختطافهم من بيوتهم واعتقالهم قبل يومين من الاحتفال ومنع المواطنيين من المحافظات الجنوبية من دخول عدن ووقتلهم ونزول الدبابات والألوية العسكرية تستعرض عضلاتها وتطلق الرصاص في الشوارع وتوجه أسلحتها على بيوت المواطنيين الذي ادى الى استشهاد المواطنين من الاطفال والنساء وهم في بيوتهم فهل هؤلاء الذين تم قتلهم هم من الحراك المسلح انهم قتلوا على ايدي قوات الامن التي تسخر نفسها لخدمة المتنفدين والكل يعلم كيف تعامل قوات الامن الجنوبيين وكيف تكن لهم الحقد والكراهية وكيف كان يتم اغتصاب نساء الجنوب من قبل رجال أمن وكيف كانوا يمارسون اذلال أبناء الجنوب وذلك لاخضاعهم لسياسات سلطة عائلية فردية، بالأمس واليوم، ونقول لمن يدعون الديمقراطية لماذا لم تسمحوا للحراك بان يقوم بمظاهرة مثلما سخرتم كل امكانيات الدولة لحفل وحيد رشيد ولماذا سخراسبوع كامل في تلفزيون قناة عدن للحفل ولم يسمح يوما بنقل فعاليات الحراك الجنوبي السلمية وكان اخر صرعه في صرعات موضة الكذب ان ينتحلوا شخصية الجنوب وذكرنا هذا بما قالوه في حرب 94 بأنهم سوف يرسلون خمسة مليون ليسكنوا الجنوب وعندها سينتهي شيء اسمه الجنوب وهذا يتم استخدامه اليوم بأوضح صوره وأكرر هنا: نحن لسنا ضد ان يأتي المواطنون من اي محافظة كانت ليحتفلوا في عدن ولكن نحن ضد الكذب والتضليل بأن يقال هؤلا ءهم أبناء عدن بينما يرسل ابناء عدن الحقيقيون الى المعتقلات حتى لا يتم فضح الكذبة وأقول لمن يستعرض علينا بأنهم اكثرية ونحن أقلية مهما رفعت اصواتاً، اننا الأقوى لأننا أصحاب الحق والحقيقة شرعيتنا لا التدليس وأننا مسلحون بالمبادئ لا بالقنابل يقودنا فكر نزيه ندافع بها عن حقوق الانسان اليمني وكرامته أينما كان نفتح أيدينا للشراكة لا للانفراد بالوطن لاننا نحن الشعب اليمني وما أنتم سوى قلة نافدة وكائنات طفيلية عاشت على نهب قوتنا وجهدنا، وليس كما تبث بعض الشخصيات النافدة من كراهية لتهييج اخوتنا وشعبنا في المحافظات الشمالية وتصور لهم أن الحراك ضدهم باسخدام رجال الأمن بقتل مواطنيين من الشمال او احراق محلاتهم التجارية او المقرات الحزبية ثم لا يتم القبض على الجاني حتى الآن ولم نسمع من هو صحاب شحنة الأسلحة التركية والإيرانية التي تتخذ من عدن مسرحا لتشويه صورتها الحضارية لخدمة تجار السلاح الذين لا علاقة لعدن بهم، فكل هذا يستخدم للإساءة للحراك ولعدن حتى يدخل الجنوبيون الحوار وهم مستضعفون خانعون خاضعون لرغبات من استولوا على ثروات الشعب اليمني شمالا وجنوباً حتى يضمنوا عدم التعرض لأموالهم التي جمعوها عبر النصب والاحتيال والتسلط والاضطهاد على شعبنا اليمني. وبالعودة إلى الأحداث الأخيرة في عدن فإن الكل يعلم أن قتل المدنيين بدأ منذ 19 فبراير عندما اغتالت قوات الأمن ثلاثة من ناشطي الحراك عند نقطة دار سعد، بلا أدنى سبب، فقط لأنهم أصروا على دخول عدن، وقوات الأمن تمنعهم من ذلك، فكان القتل عقابا لهم، هؤلاء ليسوا عملاء لإيران ولا هم من فصيل علي سالم البيض وكل جريمتهم أنه أرادوا دخول عدن، . . .هذه الحادثة لم يتعرض لها أحد، وحتى أحداث ساحة العروض، وعلى افتراض أن هناك من حاول اقتحام الساحة، وعلى افتراض أن هؤلاء يعترضون على إقامة مهرجان وحيد رشيد، ، ، ،ألم تكن هناك وسيلة أخرى للتعامل معهم غير القتل؟ ماذا تفعل القوات التي تعتقل المئات في ساعات؟ لما لم تعتقلهم وتقدمهم للقضاء؟ ثم هل كان الشهيدان الطفلان حمود على حامد، ويونس الحوشبي، الذان لم يتجاوز أحدهما عشر سنوات، من الحراك المسلح المدعوم من أيران؟ مأساة بعض الكتاب الذين يعتبرون أنفسهم مدنيين وحداثيين أنهم يعتبرون التملق للسلطة هو الطريق لتحقيق الشهرة وتحسين الموقع السياسي والأدبي حتى ولو على حساب دماء الضحايا وآهات الثكالى، ولم يتعضوا ممن سبقهم من منافقي الطغيان ومداحي السلطان، أما القضية الجنوبية فهي لن تحل بالمجاملة والطبطبة على الظهور، بينما يستمر إقصاء الجنوبيين والتعامل معهم كأعداء ومواصلة النهب والسلب والإقصاء، ثم يقال لنا: ماذا تريدون لقد انتخبنا رئيسا منكم، ورئيس وزراء ووزير دفاع، ووزير تقنية المعلومات ومحافظ المحويت، ورئيس الأمن القومي؟ لأن أحدا من هؤلاء لا يستطيع أن يكفكف دمعة يتيم ولا أن يطبب جرح مصاب، أو أن يعيد قطعة أرض أو منزل منهوب، ولا أن يلغي صفقة صغيرة من صفقات شفط ثروات الجنوب التي أبرمها أساطين سبعة يوليو الأشاوس، ثم إن كل هؤلاء هم من شركاء سياسة سبعة يوليو الإجرامية حتى وإن أتوا اليوم باسم الثورة وهي منهم براء، . . .فخذوا كل هؤلاء وأعيدوا لنا حقوقنا ونعفيكم من أي امتيازات تعتقدون أننا نطلبها منكم.