[email protected] عقود من الضعف والانحسار عاشتها أمتنا امتهنت فيها كرامة الإنسان، وحرم فيها من كثير من حقوقه، حتى صار هم العيش يؤرقه والبحث عن الأمان أهم ما يحرص عليه، فهو مهدد في قوته، متهم في سلوكه فضلا عن انتقاص حقه في التعبير وإبداء الرأي، أما اختياره لنظام الحكم ولحكامه فتلك مفازة مرعبة قد تودي بصاحبها موارد الردى، وإذا فكّر مواطن أن يشارك وينافس على السلطة فعليه أن يضع رأسه على كفه ويستعد لأسوأ الاحتمالات. هذا الوضع الذي يعيشه الإنسان في عالمنا العربي والإسلامي لا يؤسس لنهضة ولا يصلح بيئة للتقدم والازدهار، بل إنه سبب عجزاً فاضحاً في الدفاع عن الأرض وحماية ثروات الأمة وثقافتها وهويتها. ولقد خدمت ظروف الانكسار والانحسار الحكام، الذين زعموا أنهم قد تفضلوا على شعوبهم بتولي السلطة، واعتبروا تلك منّة يستحقون عليها التمجيد والتبجيل، ومن أجل ذلك تصرف الأموال الطائلة وتتحول وسائل الإعلام إلى أبواق للدعاية والتطبيل والتزمير حتى بدا وكأن الدول وجدت من أجل الحاكم لا العكس !! هذا الوضع المزري جعل الأمة تدخل في غفوة و إذا فتحت عينها ظلت في غفلة فهي في وضع سيئ جعلها تعيش على هامش الحياة، عالة على غيرها في سلمها وحربها، لا طموح عند الحكام ولا المحكومين ولا رسالة تسعى لتحقيقها وأقصى ما يقدم لها توفير المتطلبات الضرورية للحياة، وهذا ما يقدم للحيوان الذي لا يعقل ولا يتطور. وكان لابد لهذا الوضع أن يتغير (فليس بالخبز وحده يعيش الإنسان) ولم يخلق لهذا فحسب "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا". كان لابد للأمة أن تستيقظ وتصحو من سباتها وكان الأولى بحكامها أن يقودوا حركة التغيير لكنهم لم يفعلوا فثارت الشعوب وستمضي لتحقق أهدافها وتطلعاتها مهما حاول المستبدون الحيلولة دون انطلاق قطار التغيير فإن الأمة لن تقبل أن تظل على هامش الحياة ولا يمكن أن يبقى الإنسان عبداً مدى الحياة. لهذا كانت الثورات العربية نتيجة طبيعية للمعاناة، وعزيمة على الخروج من حالة الكساح التي لم تعد مقبولة فأما أن نكون أو لا نكون، وعلى الذين ألفوا عبودية البشر واستأنسوا بالذل والهوان أن لا يستكثروا على الأحرار وأصحاب الطموح من التحليق في أفياء الحرية والكرامة. إنها ليست ضرب لازب أن نظل في ذيل العالم فالله بسط خيره وفضله لسائر البشر ولم يستثن شعوبنا من ذلك. "كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا"