منذ انقلاب الحوثي خسر معظم الناس أعمالهم وفقدت غالبية الأسر من يعيلها، وانتقل مواطنون كثير من الفقر بسرعة قياسية للتسول، فقبل اجتياح صنعاء عام 2014، ارتبط يوم الجمعة بمتسولين يقفون بعد صلاة الجمعة وفي الأسواق، لكن الوضع تغير الآن، فالمتسولون يجولون المدينة يوميا. التسول كظاهرة تنشأ عندما يشعر الأشخاص أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء لمساعدة أنفسهم وتضيع كل الآمال والتطلعات امامهم، وبالتالي ليس لديهم الا أن يعتمدوا على الخير من الآخرين للبقاء على قيد الحياة. في صنعاء تحديداً اصبحت ظاهرة التسول مثيرة للاهتمام، سواء من حيث عدد المتسولين الذين يخرجون إلى الشوارع أو السهولة التي يتسولون بها، ام ياسر (60عاماً) تقف قرب فرزة حافلات شيراتون - الجامعة وتستعطف الركاب ليعطوها أي شيء، فيرد عليها السائق: «الله كريم يا حاجة» في حين يجود عليها بعض الركاب بما فاض عن حاجته، اخبرني البعض انها كانت تقتات من بيع الكراتين والقوارير البلاستيكية، سألتها " الصحوة نت "عن زوجها ، فأشارت لي الى الرصيف المقابل وهناك رأيت عجوزاً طاعناً في السن يتسول في الجانب المقابل من الشارع قالت انه زوجها، وانها لم ترزق منه بأولاد قط. أما "رهف " فهي طفلة جميلة في شارع الرقاص تقف للمارة بالمرصاد، وقليلون هم من يتمكنون من العبور بدون ان تفوز منهم بشيء، وعلى مرمى حجر منها تقف اختها الكبرى التي يبدو انها في الثامنة او التاسعة عشر من عمرها لتؤدي نفس المهمة ولكن بتحفظ وخجل أكثر، لا شيء في -مظهرها او ثيابها يدل على انها متسولة اطلاقاً، ولكن إذا سألتها ستخبرك انها وشقيقاتها الخمس وأمهن ينتشرن في هذا الشارع على مسافات متباعدة بسبب انقطاع راتب الأب وقلة الحيلة. "ابو الخير " رفض ذكر اسمه تحدث " للصحوة نت " بقوله " أن الكثير من المتسولين حسب رأيه يعتمدون على الجانب الديني لدى الناس الذين يعتقدون أن العطاء هو عمل من التقوى وأن كل مسلم صالح يجب عليه ان يتصدق. وفي شارع الدائري يتجول المسن عبد الله بين السيارات ويتحدث عن معاناته بقوله "أنا في السادسة والستين من العمر وليس لدي أحد، تركني أطفالي، واليوم أتسول عند إشارة المرور هذه، أحيانًا يعطيني الناس المال، وآخرون يغلقون نوافذ سيارتهم وهذا غير محترم". وتابع ساخرا" منذ ثورة الرعاع 21 سبتمبر: الله كريم !" من جانبه يقول جمال حمود (30عاماً) : "إن رؤية الأطفال الصغار وهم يخاطرون بحياتهم في الشوارع وأحيانًا يرتدون ملابس خفيفة خلال الأيام الباردة يجعلني أتخلى عن بعض المال. وتوافقه في الرأي أمينة 44 سنة "، أستاذة في مدرسة: "صحيح أنني لن أعرف أبداً ما إذا كانوا فقراء حقًا أو يتظاهرون فقط ولكن المشهد نفسه يجعلني أشعر بالسوء والشفقة وارى انه لابد من تقديم المساعدة". ويشير الكثيرين من سكان صنعاء إلى أن حياة الأهالي تزداد اليوم سوءاً بسبب استمرار الانقلاب والحرب وانعدام الغذاء وتردي الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار.