دعونا نحسن الظن ؛ بأن المبعوث الأممي إلى اليمن حريص على التوصل إلى حل لجريمة التمرد العسكري الحوثي في اليمن، و أنه متشبث في البقاء لأداء مهمته ليس بسبب العائد المالي الذي يتقاضاه من وراء مهمته ، و إنما للتوصل لحل جريمة الانقلاب. نعم ، ها قد أحسنا الظن، و وضعناه في موقع القسيس و القديس ! لكن هل سلك سعادته المسلك الذي يستجلب حسن الظن، ويعزز ثقة اليمنيين به ؟ الجواب : كلا، و ألف كلا. لو أن سعادته كان حريصا، فلسوف نجد منه إصرارا على متابعة تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة بجريمة الانقلاب الكهنوتي . لكن الرجل أدار ظهره لكل القرارات الصادرة عن المجتمع الدولي ، و راح بمكر يسعى لإفراغ تلك القرارات من مضامينها. في كل إحاطة يقدمها سعادته لمجلس الأمن - لا يخجل أن يكرر منذ تسلمه لمهمته الخائبة - أن يبشر بتقدم نحو الحل، و يقوم بالحديث عن التفاؤل، و بيع كلام الوهم في كل إحاطة يقدمها. يتغاضى سعادة المبعوث - دائما - عن تصعيد الإرهاب الحوثي، كما يبتلع لسانه عن الحديث بشأن عرقلة مليشيا الكهنوت لاتفاق استكهولم، و يتجاهل ذكر مليشيا الحوثي في زرع الألغام و قصف الأحياء السكنية ، و إطلاق الصواريخ الباليستية على التجمعات السكنية . أما تعز و حصارها فهو ملتزم تماما لجهة ما بعدم ذكر معاناتها، و حصارها و ما تتعرض له من قصف لأحيائها السكنية، و له في ذلك شركاء تعهد لهم بتناسي تعز و عدم الحديث عنها، إلا عندما يحتاج لذر الرماد على العيون، و بصورة نادرة جدا. دعونا من تعز، فهي لا تعول على المبعوث الأممي في شيئ، كما لم تعول يوما على ذلك الطرف الذي حال دون أن تدعم تعز بشيئ، إلا ما تتطلبه الخديعة، من ذر للرماد مما لا يسمن، و لا يغني من جوع ! و دعونا من هذا أيضا. وحتى خلايا الطابور الخامس، دعونا منها كذلك، كما ترك هذا الطابور الحديث عن جرائم الحوثي، و فضّل أن يأكل لحم أخيه ميتا ، دعوا هذه الخلايا تتكسب ، فلعلها أو بعضها يصحو يوما، و لعل ضمير هؤلاء أو أولئك يستيقظ في وقت من الأوقات، و هذه السطور واثقة من أن يصحو هذا أو يستيقظ ذاك، فليس من المعقول أن يظل إنسان يأكل لحم أخيه ! و لنرجع إلى المبعوث الأممي و إحاطاته الخائبة ! فقد كان أمام سعادته فرصة تمكنه أن يتقمص فيها دور المبعوث الجاد و المحايد. كان بمقدوره أن يشير إلى ما يسمى بالمحاكمة التي جرت خارج القانون و أمرت فيها مليشيا الحوثي بإعدام أربعة من الصحفيين، فيعبر و لو بألطف عبارة - كعادتهم- و بأنه ( قلق ) من تلك المحاكمة خارج القانون، و لو حتى بالتفاهم مع مليشيا الحوثي أنه سيعبر عن قلقه في ذلك بإحاطته. تعالوا نهمس بأذن سيادته أن هناك جريمة اختطاف جديدة، مما اعتادت عليها عصابة الإمامة الحوثية، تمثلت باختطاف الأستاذ خالد الرويشان. ننصح المبعوث الأممي أن يستدرك الأمر فيسارع بالإدانة لهذه الجربمة، حتى من باب ذر الرماد على العيون ! الرجل حريص، و هو حريص جدا على النجاح .. و أي نجاح أحسن من أن يبقى إنسان في منصب أممي رفيع همه خدمة ( نوايا ) المجتمع الدولي، و ليس بسبب ما يتقاضى على ذمته أتعابه الطائلة، حتى و إن كان العالم لا يحركه إلا( البزنس ) !! و انظروا إلى ما كشفه فيروس كورونا من أنانية و هلع، و جزع، سقطت معه أقنعة الحضارة في صفوف دول كبرى ، سُحر بزيفها و مزاعم إنسانيتها كثيرون ! أما اليمن فيكفيها أنها مسحورة بجريفيث !!