منذ انقلابها على الحكومة الشرعية واجتياحها للمدن اليمنية، ومليشيا الحوثيين المدعومة من إيران، تواصل تجريف مقدرات الوطن وتسخيرها لصالح عائلة سلالية، تحت مسميات ويافطات دينية وطائفية، لا علاقة لها بالجمهورية اليمنية والهوية الوطنية. وفي هذا السياق تسربت مؤخراً، نسخة من قرار أصدرته المليشيات الانقلابية، "بشأن اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة" يميزون فيه من وصفوهم ب"بني هاشم" عن اليمنيين وعامة المسلمين. وحسب النسخة التي نشرها ناشطون على وسائل التواصل، فقد أصدر القيادي الحوثي مهدي المشاط، قراراً بشأن تلك اللائحة، مكونة من عدة أبواب وفصول في 38 صفحة. والمواد التي أثارت الجدل جاءت في الباب الثالث "الأموال التي تجب فيها الزكاة"، الفصل الثامن "ما يجب في الركاز والمعادن"، ص 18. وحددت المادة (48)، الفقرة أ. مصارف ما يجب في الركاز والمعادن (ما ذكر في المادة 47)، وقسمته على 6 أسهم كالتالي: السهم الأول: سهم لله ويصرف في مصالح المسلمين العامة كالطرق، المستشفيات، المدارس، أجور العاملين فيها، طباعة كتب العلم والمناهج الدراسية، وتحصين ثغور المسلمين جنداً وسلاحاً ومؤونة وغير ذلك من المصالح العامة التي لا يراعى فيها جنس بعينه أو أشخاص بعينهم. السهم الثاني: سهم الرسول لولي الأمر وله كل تصرف فيها. السهم الثالث: لذوى القربى من بني هاشم الذين حرمت عليهم الصدقة فجعل الله لهم الخمس عوضاً عن الزكاة والأولى أن تصرف في فقرائهم. السهم الرابع: يصرف ليتامى المسلمين بمن فيهم يتامى بني هاشم. السهم الخامس: يصرف لعموم مساكين المسلمين بمن فيهم مساكين بني هاشم. السهم السادس: يصرف في مصرف ابن السبيل من بني هاشم أو من غيرهم من سائر المسلمين. وأثارت اللائحة، سخرية النشطاء اليمنيين، الذين وجهوا انتقادات لاذعة لجماعة الحوثي، ومشروعها السلالي الطائفي البغض والدخيل على المجتمع اليمني. وقال وزير الأوقاف والارشاد الدكتور أحمد عطية إن الحوثيين يضحكون "على المغفلين بالمصطلحات بهذه المصطلحات : آل البيت ، أئمة الرشاد ، قرناء القرآن ، العترة الطاهرة ، ورثة الكتاب ، دعاة الولاية ، الخمس ، وكلها دجل وخرافات". وأضاف القاضي عطية في تغريدة على حسابه بتويتر، مخاطباً اليمنيين "إذا سمعتم من يدعي إلى الخمس فأعلموا أنه نصاب يريد الحكم والمال ، وكل هذا منطبق على الحوثي ومن سار في مشروعه". وأِشارت عضو مؤتمر الحوار الوطني سحر غانم، إلى تذكرها المستمر "للمطالبات الدائمة للقاضي عقبات عضو مكون الحوثيين في فريق بناء الدولة (مؤتمر الحوار الوطني) بإدراج الخمس في المخرجات. وقالت إنهم اعتبروها "حق من حقوق الله" كما قال آنذاك. لم ييأس من التذكير به حتى ونحن نهنئ بعضنا البعض بانتهاء الفريق من إعداد التقرير النهائي". وأوضح الباحث والكاتب السياسي، محمد عزان، والذي كان في فترة من فترات حياته أمين عام "الشباب المؤمن" النواة التي أسسها الحوثيين لمشروعهم الانقلابي في وقت مبكر، أن "لا علاقة لخُمس المعادن والركاز والثروات بخمس الغنائم، وما ورد فيها هو جزء من حديث يبين مقدار زكاة المعادن والركاز بلفظ: "وفي الركاز الخُمس". وأضاف على تيوتر، "وعليه فإن التشريعات المسربة عن الحوثيين في أن خمس ثورات البلاد خاص ببني هاشم، مجرد (سَطْو مُتَغلب) وليس لها أصل شرعي وإنما رأي مذهبي خاص". وأكد الدكتور صالح سميع محافظ المحويت، أن تشريع الحوثيين قانون للخمس " دليلا قاطعا على التماهي الحوثي مع إيران وملاليها وفقهها الإثني عشري إذ لم تعرف اليمن عبر عصورها الإمامية فقه الخمس إلا في عهد الحسين العياني في القرن الخامس للهجرة فثارت عليه قبايل اليمن وقتلوه في منطقة ريدة وفي مكان يسمى ذي عرار". وقال الكاتب والمحلل السياسي عادل الأحمدي، إن "ما لم يقله الحوثة في قانون ما يسمى الخمس" هو فتوى حوثية قرأها في أحد كتبهم الحديثة، مضيفاً على حسابه بتويتر "الخُمس من الأموال إن كانت حلالا. والخُمسيْن إن كانت حراما. ولديهم بالطبع أساليبهم في الاحتيال على الثلاثة الأخماس الباقية. وتذكروا: تأتي هذه المكوس المتحايلة على الدين والشعب في أشد حالاته فقرا وعوزا". وقال الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيس الوزراء السابق ومستشار رئيس الجمهورية حالياً، إن "قانون الخمس تعبير أكثر وضوحاً عن عنصرية سلالية مقيتة". وأضاف على حسابه بتويتر "لست أدري كيف سيستقبل دعاة الحقوق والحريات من اليمنيين والغربيين الذين يدافعون باستماتة عن الحوثيين هذا القانون". وتابع بن دغر "إن لم يكن هذا القانون عنصريًا فماذا تكون العنصرية، رحم الله أحمد شرف الدين، شهيد الحرية، والدولة الاتحادية". وأكد رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، عبدالسلام محمد، أن "قانون الخمس الذي أصدره الحوثيون اليوم هو امتداد لوثيقة حقهم الالهي في الحكم التي صدرت قبل سبع سنوات، ولَم تعط اهتماما حقيقيا من اليمنيين،ولَم يدركوا مخاطرها الا بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014." وقال وزير الإعلام معمر الإرياني، إن مرتزقة طهران "الحوثيون" لم يكتفوا "بنهب الخزينة والاحتياطي النقدي والايرادات العامة، فذهبوا لسن قوانين فصل عنصرية تشرعن نهب وتقاسم ثروات البلد وممتلكات المواطنين تحت مسمى "الخمس" في إستهداف خطير للهوية الوطنية والسلم الأهلي وإثارة النعرات العرقية بين مكونات المجتمع اليمني". وشدد الإرياني في حسابه على تويتر على إدراك "خطورة المشروع الذي تحمله المليشيا الحوثية والقائم على فكرة الحق والاصطفاء الالهي والتفوق العرقي، والذي يؤسس لواحدة من أسوأ نماذج التمييز العنصري في العصر الحديث والتي تجاوزها اليمنيون في ثورة 26سبتمبر الخالدة". ودعا الوزير كل اليمنيين "لتجاوز خلافاتهم وتوحيد جهودهم في معركة استعادة الدولة بقيادة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية واسقاط الانقلاب الحوثي ومشروعه العنصري الذي تجاوزه الزمن، والانتصار لتضحيات ثوار سبتمبر وقيم الحرية والعدالة والمساواة بين مكونات المجتمع".