صارع سكرات الموت بكلمة حق ووصية حر ورؤية مُوَفَّق.
هو الشهيد الحافظ المناضل عمر الريدي الذي بدأ حياته بحفظ القرآن واختتمها بتطبيق منهجه الرباني الداعي إلى مواجهة الظلم ومقارعة البغاة.
عرفته محاريب المساجد وزوايا حلقات تحفيظ القرآن الكريم في مديرية بني مطر بمحافظة صنعاء تاليا لكتاب الله معلما له، ثم عرفته مواقف الصبر وأيام البلاء صلبا قويا لا يلين ولا ينكسر حين اختطفته المليشيات الحوثية وزجت به في سجونها ليلاقي صنوف العذاب وألوان التنكيل، ثم عرفته ساحات الوغى ولهيب المعارك رافع همة وملهم شجاعة.
أصيب في جبهة نهم في الثاني والعشرين من يونيو وهو يؤدي واجبه ويواصل مشواره في ركاب المجاهدين الصادقين موجها ومسددا لأبطال الجيش الوطني بقوله وفعله، وظل حتى لحظاته الأخيرة حريصا على تحفيز العزائم ورفع الهمم وتأكيد عدالة القضية وصدق المقصد؛ مرددا كلمة التوحيد التي أراد أن من خلالها أن يقول أن العبودية لله والسيادة لله والأمر لله، ثم اختتم بها آخر أنفاسه بعد حياة ليست طويلة لكنها عامرة بالعطاء والخير والجهاد والتضحية والفداء.
عمر ليس حالة استثنائية كما قد يظن البعض بل هو ضمير الأحرار وصوت المناضلين ولسان الأوفياء الذين خرجوا من ديارهم مظلومين مقهورين لكنهم أحرار أعزة يملؤهم العزم على تطهير الأرض ورفع الظلم ودفع الباطل والعودة رافعي الرؤوس موفوري الكرامة.
عمر وأمثاله من منتسبي الجيش الوطني هم من تحرص المليشيات الحوثية على دمغهم بتهمتها ورميها بذنبها ووصمهم بصفتها فهي لا تكف عن تسميتهم ب "مرتزقة العدوان" بعد أن أخرجتهم من ديارهم وقراهم لأنهم أناس يتطهرون.
ستظل وصية عمر الريدي وكلماته الأخير مصدر إلهام لكل حر مجاهد نذر نفسه لمواجهة الباطل ودفع الظلم وإزالة المنكر ومجابهة مليشيا الكهنوت والإجرام التي عجزت عن كسر عمر في سجونها ثم عجزت عن كسره برصاصها وقذائفها لتظل متوالية عجزها شاهدة على صدق عمر وكل حُرٍ أبيٍّ عمر.