تعيش إيران وسط العالم الإسلامي و في إطار العالم العربي، لكنها لم تعط لحق الجوار العربي أي قدر من الاحترام و حقوق الجوار ! تمسكنت في بداية أمرها، و أبدت مرونة إعلامية تجاه العرب خاصة و المسلمين عامة أثناء ثورتها ضد الشاة، فلما تمكنت قلبت ظهر المجن. بدأت تلوك كلاما خرافيا مشحونا بالغرور، و يضع قادتها المتمترسون خلف عنوان الإسلام نصب عيونهم استرجاع امبراطورية كسرى. لم يصدر الإيرانيون ثورتهم، و لا صدروا ثورة إلى خارج حدودهم، و إنما صدروا خرافات و مشاريع طائفية، و مشاريع الملشنة المذهبية الشديدة التطرف ، مع مد عصاباتهم الطائفية بالسلاح، في حين أن إيران منذ الهالك الخميني حتى اليوم لم يدعموا أي دولة عربية أو إسلامية بأي مشروع من المشاريع أو المساعدات التنموية، و لو حتى(طلاء) بعض المباني المدرسية. و حتى هذه المليشيات التي تدعمها، لا تربد منها أكثر من أن تكون تابعا خالصا لإيران، و تعمل لإعاقة أي تطور تنموي للبلد التي تخدم فيه !! الواقع أن إيران لم تبد للعالم العربي أي حسن نية حقيقية، و إنما تعاملت بنوع من الغرور، و العجرفة، و تبني سياسة تخريب الدول العربية، و كأنها تستجر حقد القرون على العرب الذين جاء إسقاط امبراطورية كسرى على أيديهم إبان الفتح الإسلامي. خسرت إيران علاقتها بالعرب لسوء أدائها السياسي المتربص بالدول العربية ؛ و بسبب غطرستها المتعالية التي خربت علاقاتها بجيرانها، فخسرت بذلك الكثير ؛ إذ خسرت النصير، و السند، و الظهر، والعمق ، الأمر الذي أفقدها عاطفة جيرانها أجمعين، و مساندتهم لها ؛ لتعيش منبوذة في كل الوطن العربي، إلا عند العصابات الطائفية التي غذتها و مونتها و عسكرتها في عدد من الدول العربية. و اليوم تُحصر إيران في زاوية ضيقة في محيطها الجغرافي، و كان يمكنها لو أنها تعايشت بود، و بنت علاقاتها باحترام مع جيرانها العرب، لكان لها اليوم شأن آخر، و لكان لها عمق و ظهر و سند، لكنه الصلف و الغرور ، الذي افقدها كل ذلك العمق و الظهر و السند. و إيران في هذا مثلها مثل بعض الأنظمة العربية التي لم تحسن توثيق الصلة بينها و بين شعوبها، بل و خاصمت القوى الشعبية الحية التي تمثل في الحقيقة قوة للدولة و الوطن، لكنه الوهم و عمل المتربصين الذين يجعلون المرء أو النظام يفقد أهم أهم أنصاره و مسانديه ! و اليوم، و في أقل من عام تقف إيران وجها لوجه أمام اختبار عسكري كبير، ففي مطلع العام 2020م.وقفت على المحك حين اغتيال همزة الوصل مع العصابات المليشاوية الإيرانية الإرهابية في الدول العربية قاسم سليماني، و تقف اليوم وحيدة مكشوفة الرأس، عارية الظهر ، قليلة السند؛ لأنها عادت كل العرب، و يصدق عليها القول : في الصيف ضيعت اللبن! اليوم تقف مرة أخرى أمام اختبار جديد و صعب، مع اغتيال فخري زادة الذي يسمونه أبو القنبلة النووية. و كما هددت و أرعدت عند اغتيال قاسم سليماني، و توعدت بالانتقام الذي جاء أشبه بمسرحية توافق عليها المهدِّد و المهدَّد، و هاهي اليوم تهدد بشكل أقوى و برد قوي و ذكي - كما قال بعض قادتها - تختار فيه الزمان و تحدد المكان. ستكون القيادة الإيرانية مطالبة أمام شعبها بتنفيذ هذا التهديد، الذي لن يعجبه التسويف في تحديد الزمن و اختيار المكان، و الذي سيذكّره بتهديدات أنظمة أخرى كانت تستخدم نفس هذه العبارة، ثم لا يتم من تلك التهديدات أي شيئ. القيادة الإيرانية زادت - أيضا- أن الرد سيكون ( ذكيا ) ! و هي مفردة قد توفر لها مخرجا أمام انتظار الشعب الإيراني للرد الموعود، فتذهب لتنفيذ عملية شبيهة بعملية الرد على مقتل سليماني، فتأخذ دويا إعلاميا، يبتلعه الكيان الصهيوني مادام لم ينله أذى ! و على اعتبار أن إيران قد ترد على الكيان الصهيوني - و هو ما يستبعد من وجهة نظر هذه السطور - فإنها في كل الأحوال، و سواء كان الرد جوهره الرداء الإعلامي، أو كانت عملية عسكرية حقيقية، فإن هذا لن يتم قبل تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة زمام السلطة ؛ و ذلك خشية من رد فعل عسكري أقوى ينتقم به الرئيس الأمريكي رولاند ترامب دعما لحليفه البائس نتنياهو؛ و لحاجة في نفس يعقوب .