يتطلع شعبنا وقواه الحية للتغيير وبحرارة إما أن تُغيّر السلطة سلوكها ، و إما أن تذهب هذه السلطة وتحل محلها سلطة أخرى غير فاسدة ولا مستبدة ، سلطة يهمها شعبها تُخبرك بذلك أعمالها قبل أقوالها ، هذا التغيير يعتقد البعض انه أصبح في متناول اليد، وهذا البعض يعتقد أنّ السلطة الراهنة توشك على السقوط بسبب التردي المُريع للأحوال المعيشية والسياسية والاجتماعية . إنّ دغدغة العواطف ان التغيير أياً كان شكله هو قريب يؤدي إلى خطرين كبيرين أولهما الإحباط الذي يختلط بعد ذلك مع اليأس ، وثانيتهما التخذيل عن مزيد العمل السلمي من اجل التغيير وبالتالي القعود وهذا يؤبد الأوضاع السيئة . إنّ التغيير عملية شاقة وطويلة وتحتاج إلى أصحاب العزائم التي لا تفتر ولا تمل ولا تيأس وهذه خاصة هي صفات رواد وقادة التغيير، التغيير العام يستند إلى رأي عام واعي بجوهر الحال المُراد تغييره و ملتف حول قيادة التغيير ومستعد للتضحية من اجل التغيير، وليس فقط رأي عام يحلم بتغيير ينزل جاهزاً من السماء ، فالحلم بالتغيير لن يحققه مطلقاً ، إنما يحققه الوعي الحقيقي بضرورته ولزوميته لتغيير واقع الحال و السعي من اجله والتضحية في سبيله والالتفاف حول قيادته، ومن واجبات قيادة التغيير ان تدفع الجماهير لكل ذلك وان تخلق فيهم الوعي بالتغيير والقناعة بقيادته ، ومن هنا نعلم ان التغيير مهمة صعبة ومعقدة ، ولكنها ممكنة وغير مستحيلة متى ما توفرت تلك العوامل والضروريات، والتغيير الذي يدوم هو التغيير الذي تنضجه قيادته على نار هادئة، وفي التاريخ العبر، بل وهاهو هذا الحكم في بلادنا يستمر أكثر من 30 عاماً ، لماذا لأنه انضج على نار هادئة ، ومنذ ان اقتنع الثوار بضرورة الثورة على الإمامة منتصف الأربعينيات حتى قيام الثورة في 26 سبتمبر 1962م وانتصارها استغرق ذلك 17 عاماً ، وقد يقول البعض كان ذلك بسبب الجهل المطبق ، أقول ولكن المسالة نسبية فاليمن اليوم ليست متخلفة كتخلفها زمن الإمامة وليست شخصنة الحكم اليوم كزمن الإمامة فهناك مجلس لنواب الشعب ودستور وقانون وصحافة وانتخابات صورية يصدقها الغالبية وهناك مجالس محلية . التغيير لابد له من إرادة له ، وقدرة عليه ، والسلطة اليوم تمتلك القدرة ولكنها فاقدة الإرادة ، والمعارضة ، ممثلة في اللقاء المشترك تمتلك الإرادة وتفتقد القدرة ، والتغيير يكون إما بان تصبح السلطة القادرة مُريده للتغيير أو ان تصبح المعارضة المريدة للتغيير قادرة عليه، وحتى يحدث ذلك هناك شروط للتغيير لابد من إحرازها إنّ من سيصنع التغيير هو صاحب النفس الطويل فلنكن كلنا ذلك الرجل ، وحتى تحين لحظة صناعته علينا ان نتسربل بالاستعانة بالقوي اللطيف الوهاب لانجازه ، وعلينا ان نتسلح بالأمل الذي لا يخبو مهما عصفت زوابع اليأس ، وأن نتّزر بالحكمة والتأني والأخذ بالأسباب و استفراغ الجهد في كل الأوقات ، وابتكار الوسائل الجديدة النافعة للنضال السلمي من اجل التغيير . ومتى فعلنا هذا حُق لنا ان نُحدّث أنفسنا بيوم إحراز التغيير وحال الشعب حينها ، ما لم فان حديث النفس للنفس عن التغيير هو سراب بقيعة يحسبه الظمآن ما ، فالسلطة اليوم يبقيها ثلاثة ميادين اولها الجهل وغياب المبادرة وقليل من الدهاء يذهب به الغرور ، فإن انتصر الشعب ومعه معارضة راشدة وفية لوطنها وبنيه حريصة على الصالح العام فكراً و ممارسة تحقق التغيير . و الوقت جندي فاعل لصالح التغيير حيث انه بمرور الوقت تزيد مساوئ السلطة ومعها تزداد النقمة الشعبية و بالتالي مزيد وعي بضرورة التغيير ، هذا أولاً ، وثانياً ان رواد التغيير الأصل ان يستوعبوا مزيدا الوقت في صناعة لوازم التغيير السلمي السالفة لا ان يُضيّعوه ويهدروه في شواغل جانبيه لا تصب في مجرى التغيير المنشود ، فالتغيير يحتاج إلى عزيمة وطول نفس وأشواق جارفة له في وقت واحد .