لاأشك أن قرائي في هذا العمود قد اشتاقوا إلى لقائي كشوقي إلى لقائهم. لقد اعتذرت لهم وأعلنت أنني سأعمل عملية عيون، ولكن الطبيب رأى أن العملية ليست لازمة الآن وأن بالإمكان تأجيلها حتى حين. ولئلاّ يظن القارئ العزيز أنني قد تناقضت فأصارحه بأن الطبيب الذي كان قرر أنه قد آن عمل العملية وهو غير الذي اقترح تأجيلها أي أنني قد زرت طبيبين وفوق كل ذي علم عليم. وهاأنذا أعود بعد هذه الفترة التي قد طالت، لأنني بعد معرفة أن العملية يمكن تأجيلها، قلت: مادمت قد اعتذرت للقراء وأعلمتهم أنني سأنقطع عنهم فترة فليكن ذلك ولتكن استراحة، ولكن مع ذلك فإنني لم أسترح وظللت أغالب شوقي للقاء قرائي الأعزاء، لأن طول المدة التي مرت عليّ وأنا ألتقي بقرائي كل أسبوع قد أوجدت عندي رابطة بيني وبينهم، وكنت أشعر أنني كمن أضاع شيئاً عزيزاً عليه. وأنا أعرف أن شعور القراء هو نفس الشعور، وقد مر شعبنا في فترة غيابي بخطوب وخطوب ونكبات وويلات فاتني أن أساهم فيها برأيي وبما يترجم عن مشاعري في تلك الفترة العصيبة، وإذا كنت لم أكتب فقد كنت أعانيه ما يعانيه كل فرد من شعبي، بل لقد كنت أكثر ألماً إذ أرى ما يحدث دون أن أدلي بدلوي فيه بما أراه. فلم تكن فترة راحة كما ذكرت، بل كانت فترة أشعر فيها أنني وضعت في تنور بدأ يشتعل. والآن بدأ القلق يتبدد بعد أن رأيت الثورة وقد حققت بعض أهدافها، وأقول: بعض. ولأننا بعد رمضان أقول: تقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال، ولأننا بعد عيد الفطر أقول كذلك، كل عام وأنتم بخير. وهانحن أولاء نلتقي ولكن لقاء مؤقت لأنه لابد من إجراء العملية فقد بدأت المياه البيضاء تزحف إلى عيني، فلننعم بهذا اللقاء ولو كان ينّغصه أنه مؤقتاً. فأهنئ نفسي بنعمة اللقاء بكم بعد طول غياب وسيهنئ بعضنا بعضاً حين تنجح الثورة النجاح الكامل الذي لا ينغصه حماقات من ظنهم الشعب اليمني أحبابه واتضح لهم أنهم ألد أعدائه وأنهم يعدون آلاف الخطط ضده، ولكن الله سيحبط مساعيهم ويكشف ما يكنونه في صدورهم لهذا الشعب من غلٍّ ومكرٍ وكراهية.