أصبحت المشاكل التي يواجهها المغتربون اليمنيون – خصوصاً في السعودية- بسبب تعديلات في قانون العمل السعودي، حديث الساعة، كما أنها حضرت بقوة في مؤتمر الحوار الوطني، حيث تبنى عدد كبير من أعضاء المؤتمر قضايا المغتربين في مداخلاتهم، وطالبوا بسرعة حلها، والتواصل مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية، لمعالجة أوضاع المغتربين. حول هذه القضية التقينا مع الجانب الحكومي المسئول عن قضايا المغتربين، الذي تحدث عن جذور المشكلة، وتداخل الصلاحيات حول المغتربين بين 3وزارات وكيف تم الفصل فيها، وعن اللجنة الني شكلتها الحكومة مؤخراً لزيارة المملكة وبحث أوضاع المغتربين، وعرج إلى الفساد المستشري في السفارات والقنصليات، مؤكداً أن قنصلية اليمن في جدة بؤرة فساد وتزوير وجباية غير قانونية، إضافة إلى تزوير شهادات باسم جامعة ذمار. وكان هذا حصيلة حوار مع وزير شئون المغتربين اللواء مجاهد القهالي.. حاوره/ عبدالله المنيفي * نبدأ من قضية المغتربين اليمنيين في السعودية، ما هي المشكلة تحديداً، وما حجم الأضرار والمعاناة؟ - المشكلة ليست وليدة اليوم لكنها مشكلة معقدة وشائكة، وتبدأ جذورها من اليمن، من عملية التفويج التي كانت تتم، هي سبب المشكلة الحادثة لأكثر من 80% من المغتربين، كل العالم لديهم آلية للتفويج، مبنية على أسس تحفظ حق المغترب وتصونه، وفي نفس الوقت تحدد مهلته وعمله قبل أن يذهب إلى أي دولة أخرى، والدولة نفسها تقوم بتوفير حتى الحماية القانونية، لكن مغتربينا يذهبون وفق آلية عشوائية، يدفع المغترب فيها 12ألف إلى 16ألف ريال سعودي دونما عقد عمل أو ضمانات عمل، أو معرفة أين سيعمل، وهذا أوجد تراكما في عملية التفويج، وحمل اليمنيين أعباء جسيمة. * لكن هناك من يقول إنه يجب أن تكون هناك امتيازات خاصة للمغتربين اليمنيين، استناداً إلى اتفاقات سابقة، فضلاً عن دور الروابط المتينة بين البلدين والشعبين، التي تدفع نحو منح المغترب اليمني امتيازات تستثنيه من قوانين تنظيم العمالة في السعودية. - المشكلة أن هذه الامتيازات لم يتم بحثها بشكل دقيق، والكثير من أصحاب السمو في المملكة تحدثوا وقالوا بأن لليمنيين امتيازات خاصة، لما يربط اليمن والمملكة العربية السعودية من روابط القربى والدم والمصير الواحد وعقيدة الإسلام، إنما لم يتم وضع أي بروتوكول حول طبيعة هذه الامتيازات. * تقول أن ما يعانيه المغترب اليوم ناتج كما ذكرت عن غياب تنظيم الهجرة.. من يتحمل المسئولية في ما يتعرض له المغتربون من مشاكل؟ - مغتربو أغلب الدول لن يتعرضوا لهذه المشكلة؛ لأن هذه الدول مرتبة أوضاعها، باستثناء اليمنيين. * ولماذا اليمنيين فقط؟ - كما قلت لك أوضاع المغتربين في الفترة الماضية رتبت بطريقة خطأ.. سواء في تفويجهم أو في إقامتهم أو في حقوقهم، لم تكن مرتبة وفق الترتيبات الجارية للجاليات الأخرى، كالمصريين والهنود، يعني هذه دول منظمة لا تقبل أن ترسل أبنائها دون عقد عمل أو حقوق أو تنظيم. * لكن أليست وزارة المغتربين هي المسئولة عن ذلك؟! - أنا وصلت على وزارة لا تمتلك أي صلاحيات، وقدمت إلى مجلس الوزراء تقريراً كاملاً شرحت فيه أحوال المغتربين وأوضاعهم، وطرحت 11مشروع قرار تعالج أوضاع المغتربين، وحينها أقر المجلس تشكيل لجنة لمناقشة هذه المقترحات، واللجنة بدورها أقرتها وبعدها أقر مجلس الوزراء هذه المقترحات بناء على قرار اللجنة. * ما أبرز ما جاء في المقترحات التي قدمتموها لمجلس الوزراء وتم إقرارها؟ - أبرز ما جاء فيها هو تحرك وفد مكون من الخارجية والمغتربين ومن الداخلية إلى المملكة العربية السعودية لتصحيح أوضاع المغتربين، وأيضاً إنشاء محكمة عاجلة للاستثمار والمغتربين، وثالثها اعتماد آلية منظمة لتفويج المغتربين وتنظيم العمالة، وأيضاً إسناد رعاية المغتربين في الخارج إلى وزارة شئون المغتربين مع أحقيتها في تعيين ملحقين يتولون ذلك. * وإلي أين وصلتم في تنفيذ هذه الإجراءات؟ - طبعاً حينما أقر مجلس الوزراء هذه القرارات ذهبت إلى المملكة العربية السعودية، والتقيت سمو الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية والأخ نائب وزير العمل ووزير الصحة، وعرضنا عليهم تسع نقاط شملتها رسالة مقدمة من وزارة شئون المغتربين، تعالج كل أوضاع المغتربين في المملكة العربية السعودية، وعرضنا عليهم طبيعة الآلية الجديدة المتمثلة في وضع قاعدة بيانات تنظم أوضاع المغتربين. * وكيف كان تجاوب الأشقاء في المملكة مع ما تم طرحه. - نحن كنا متفائلين لأن الإخوة في المملكة اعتبروا أن الآلية الجديدة تعزز الأمن والاستقرار في البلدين وتقرب المسافات، وبعد ذلك كنا قد توصلنا إلى بداية تفاهمات حول البلاغ الكيدي، واعتبار أن أي سعودي يقدم بلاغ كيدي ضد مغترب يحرم من الاستقدام خمس سنوات، وتفقنا أن تقوم شركة استقدام في المملكة، وشركة خدمات هنا، واليمن تبدأ وضع قاعدة البيانات، وأن يكون هناك تجاوز لموضوع الكفيل بالتدريج، ليكون هناك أيضاً إمكانية الانتقال من كفيل إلى كفيل آخر، بعد موافقة وزارة العمل. هنالك أشياء كثيرة فعلاً كنا قد توصلنا إلى اتفاق حولها، وحينما عدنا وجدنا اعتراضاً من وزارة الخارجية ووزارة العمل، واعتبروا ذلك خرقاً صارخاً لصلاحياتهم. * كيف اعتبروا ذلك خرقاً، هل هناك تداخل في أعمال هذه الوزارات؟ - هم يريدون أن يكونوا مسئولين عن رعاية المغتربين وعن تفويجهم وتنظيم الهجرة وأن تبقى وزارة المغتربين شكلاً كديكور ليس إلا، يعلقون عليها كل أخطائهم في هذه الشماعة، لكن نحن وجدنا بأن الاستمرار في هذا الوضع لوزارة المغتربين استمراراً غير صحيحاً، وغير لائق لمن يعمل فيها، فتحركنا بهذا الاتجاه. * وكيف تم الفصل في هذا الاعتراض من قبل الحكومة. بعد الاعتراض مجلس الوزراء أحال الموضوع إلى الشئون القانونية، والشئون القانونية أنزلت فتوى وأقرت بإسناد تفويج العمالة وتنظيم الهجرة وأيضا عملية رعاية المغتربين وتوثيق العلاقات مع الدول التي يتواجدون فيها إلى وزارة شئون المغتربين. وبعد أن أقر مجلس الوزراء هذه الفتوى وطالبنا من الأخ رئيس مجلس الوزراء إصدار تعميم بهذا الشأن، وفعلاً تم ذلك على أساس أنه صدر قرار تنفيذي من رئيس الوزراء إلى وزير الخارجية بأنه تم إسناد مهمة رعاية المغتربين وتنظيم وتفويج العمالة والعلاقات مع دول الاغتراب إلى وزارة شئون المغتربين، وكان ذلك في تاريخ 11/3/2013 بينما نحن بدأنا تقديم تقريرنا إلى مجلس الوزراء في 23/4/2012 انظر كم الفاصل الزمني، وعملياً فلا نعتبر أنفسنا مسئولين عن المغتربين وعن قضاياهم إلا من تاريخ 11/3/2013 إذا صدقوا!. * أعلنت الحكومة مؤخراً أنها شكلت لجنة لزيارة المملكة العربية السعودية لبحث مشاكل المغتربين ومعالجتها، ماذا تم بشأن هذه اللجنة. - الحكومة أقرت تشكيل لجنة، واجتمعت في وزارة شئون المغتربين، وناقشنا هذا الموضوع، واقرينا رفع نتائج هذا الاجتماع إلى القيادة العليا، على أن يكلف وفداً برسالة من الأخ الرئيس لزيارة المملكة العربية السعودية، كي يكون هذا الوفد قادراً، وفي نفس الوقت عنده رؤيا جيدة تعبر عن رؤية القيادة السياسية في اليمن، والرئيس الذي يتابع قضية المغتربين بنفسه شخصياً كل يوم، هو لا يتوقف عن ذلك. * من هم أعضاء اللجنة؟ - وزارة شئون المغتربين، وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، وزارة الخارجية، ووزارة الداخلية ووزارة الخدمة المدنية. * وهل هناك تواصل بين القيادتين السياسيتين في البلدين؟ - نعم نعم هناك تواصل مستمر. * الآن المغتربون يعيشون مشكلة حقيقية ويحتاجون إلى حل سريع، وهناك أخبار عن ترحيل السلطات السعودية 2000 مغترب يمني يومياً. - لا صحة لهذه الأخبار، ولم تصلنا أي معلومات وثيقة بهذا الشأن. * في مؤتمر الحوار الوطني تحدث أعضاؤه عن هموم المغتربين ومشاكلهم وركزوا عليها، ماذا تؤمل أن يقدم المؤتمر للمغترب اليمني، كحل لمشكلة مهمة يجب أن يعالجها؟ - والله أنت تشاهدني بعينك وأنا أتنقل من لجنة إلى أخرى، وفرق العمل، كي أقف على اللجنة التي أُسندت إليها قضية المغتربين، وهو فريق القضايا ذات البعد الوطني والمصالحة الوطنية، واتفقت الآن مع الذين انتخبوا لهذه اللجنة، أن انتظر لاجتماع هذا الفريق وأقدم له ملفاً كاملاً وبحسب قرار المؤتمر تشكيل لجنة من هذا الفريق لبحث قضايا المغتربين. * المغتربون اليمنيون في مختلف الدول – وليس في السعودية فقط- ينتظرون منكم أن تفعلوا لهم شئا، يحل مشاكلهم ويعالج أوضاعهم، ويحقق لهم حقوقهم، فماذا تعتقدون أنكم يتقدموه في هذا الاتجاه؟ - نحن لم نتوقف لحظة واحدة، ونشتغل من الصباح حتى بعد منتصف الليل من أجل معالجة أوضاع المغتربين، ونحن بصدد إعادة تنظيم الهجرة، وأيضا إرسال ملحقين برعاية شئون المغتربين، وتنظيم وترتيب كافة الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية، ومراعاة أحوالهم وتبني قضاياهم. * الطلاب اليمنيون الدارسون في الخارج أيضاً لهم مشاكلهم، ما دوركم كوزارة للمغتربين في حلها؟ - هذا شأن وزارة التعليم العالي هي المسئولة الطلاب، ويبدو أن هناك حلولا طيبة لهم، والمشكلة هي تكمن في جدة، حيث تمكن مدير مكتب رئيس جامعة ذمار والمسئولين عن القنصلية من الحصول على 14مليون ريال سعودي، مقابل تزوير 700شهادة. * هل هذه المعلومات مؤكدة؟ خصوصاً أن رئيس جامعة ذمار نفى ذلك. - مؤكدة، وإذا أردت أن تتأكد أكثر فاسأل المخابرات السعودية، التي أجرت التحقيق بنفسها، وللأسف الشديد أن حكوماتنا ووزاراتنا ومسئولينا لم يحركوا ساكناً، لا في قضية تزوير شهادات في المملكة، ولا حتى في قضية 25مليون ريال سعودي أخذها مدير مكتب رئيس جامعة صنعاء ولم تتمكن رئاسة الجامعة من تغيير مدير المكتب؛ لأن القنصل اعترض، وبالتالي فهنالك مبالغ ضخمة بما يعادل 27مليار في السنة، تؤخذ من المغتربين تؤخذ عن أنف الجميع، وبرغم أنه صدر قرار من مجلس الوزراء يلغي كافة الضرائب غير القانونية إلا أن القيادات المتنفذة الفاسدة من فوق كل قرار. * أخيراً فيما يخص مشكلة طلاب اليمن في الجزائر الذين يواجهون الملحق الثقافي ويتهمونه بالفساد، وفوق هذا اعتدي على بعضهم، وهم باتجاه تصعيد احتجاجاتهم من أجل إقالته، ما دوركم في هذا؟ - أعلن تضامني معهم.