وهاهي الأشهر الستة التي حدِّدت للحوار الوطني تكاد أيامها تًُطوى، والأمل- بعد الله سبحانه وتعالى- أن يصل المؤتمرون إلى نتائج تهدف إلى خدمة الشعب وتسهم في تحقيق تطلعاته لحياة آمنة ومستقرة ومزدهرة.. إن الجميع يتطلع إلى مؤتمر الحوار الوطني باعتباره الإطار الذي جمع شتات القوى السياسية المتفقة آراؤها في بعض القضايا الوطنية، والمتنافرة في بعض القضايا التي تأخر الاتفاق عليها لسبب أو لآخر..! ومهما كانت الصعاب والعقبات التي وقفت حجر عثرة أمام هذا المؤتمر قبيل انعقاده وأثناء انعقاده، فقد تجاوز الكثير من تلك الصعاب والعقبات، وأصبح الشعب ينتظر مخرجات هذا المؤتمر بفارغ الصبر المشوب ببعض القلق خوفاً من أن لا تكون هذه المخرجات ملبية لطموحاته، ولا متساوقة مع رغبته في حياة كريمة خالية من كل ما يعكٍّر صفوها وفي ظل دولة يحكمها الدستور، ويضبط القانون حركة مؤسساتها، ويسود فيها العدل والمساواة، ويشعر كل مواطن في ظلها بشراكته الفعلية في الثروة التي يمتلكها، والسلطة التي هو مصدرها ومالكها..! إن الشعب يترقَّب انتهاء الزمن المحدد للمؤتمر لكي يدخل مرحلة صياغة الدستور-تعديلا أو إنشاء -.. المهم أن يكون منظما لحياته بكل شمولها، وأن تتوزع السلطات بين أبوابه ومواده، وبصورة لا تكون مفصَّلة على مقاس شخص بعينه، ولا على هوى حزب بذاته، ولا لحساب طرف معيَّن في المجتمع على حساب أطراف أخرى.. إن الشعب يريد أن يصاغ دستوره من قبل أناس يضعون في حسبانهم مصلحة الوطن والمواطن أولاً وأخيراً، وأن من سيقوم بتطبيقه على أرض الواقع هو من ستفرزه صناديق الاقتراع، وأن هذا الفرز سيكون في صالح أحد الكيانات السياسية في دورة من الدورات الانتخابية، وقد يكون في صالح كيان سياسي آخر، وفي دورة انتخابية أخرى.. إن الشعب يريد دستوراً تتفكك فيه عرى الاستبداد عروة عروة، وتزول به أنانية الفرد الملهم، أو القوى السياسية الغارقة في ذاتها والمنغلقة على نفسها ومصلحتها..! إن الشعب يريد دستوراً ومخرجات لمؤتمر الحوار الوطني لاتصب في مصلحة هذا الجيل وحده؛ فهذه أنانية مفرطة، وإنما تصًُبٌّ في مصلحة أجيال تأتي من بعدنا، ومن حقها علينا أن نؤسس لها ماينفعها لاما يضرها، ومايجعلها أكثر أمناً وثراءً وازدهاراً.. إننا بهذا نقي أنفسنا من الطغيان والاستبداد والاستحواذ الدائم للسلطة، ويجعلنا نطمئن لمن يحكمنا وأنه لن يتأبد في حكمنا، ولن نكون عرضة للانقلابات العسكرية، وأننا سننعم بحياة محترمة كبقية دول العالم الحر..!