تزايدت شكاوى الطلاب المتقدمين للمنح الدراسية والموفدين للدراسة في الخارج والموظفين ضد وزارة التعليم العالي بشكل ملفت منذ أن تقلد هشام شرف منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ونُظمت الكثير من الاحتجاجات التي ناشدت الرئيس والبرلمان والحكومة الالتفات لهذه الوزارة المهمة التي تمثل قمة الهرم التعليمي. وكشف مسئولون ومختصون في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لصحيفة الصحوة عن تزايد المخالفات والقرارات العشوائية والفردية داخل الوزارة، مؤكدين استمرار رفع قرارات وعروض مخالفة إلى جانب عرقلة سير الإجراءات الرسمية وعدم رفع المعاملات للمختصين لمراجعتها والتوقيع عليها وفقا للاختصاصات المنصوص عليها في قانون البعثات ولائحته. وحصلت الصحيفة على وثائق لعشرات القرارات الفردية بمنح دراسية (بصورة مخالفة للقانون) لطلاب لا تنطبق عليهم شروط الابتعاث، على الرغم أن هناك المئات من الطلاب المستحقين للمنح ملوا من التردد على الوزارة وأصبحوا في حالة يأس بسبب مماطلة الوزارة. وطبقا للوثائق، فإن مسئولين في الوزارة رفعوا مذكرات للوزير شرف بإخلاء مسؤوليتهم جراء تدهور الأداء الوظيفي، مشيرين إلى مخالفات للقوانين ومصادرة للصلاحيات التي تنص عليها لوائح وقوانين الوزارة، إضافة إلى عدم قانونية الكثير من الإجراءات التي انعكست سلبا على أداء الوزارة والطلاب وأدت إلى كثير من العراقيل. وطبقا لمسئول رفيع المستوى في الوزارة –فضل عدم ذكر اسمه- فإن هناك عمليات سمسرة واسعة داخل الوزارة للمتاجرة بالمنح الدراسية في الخارج، مشيرا إلى أن المنح الدراسية إلى الولاياتالمتحدة وأربا تباع بما لا يقل عن سبعة ألف دولار وأن المنح إلى الدول الأخرى تباع بثلاثة ألف دولار للمنحة على الأقل. وأقر الوزير شرف الأسبوع الماضي أمام لجنة التعليم العالي والشباب والرياضة في البرلمان بأن هناك اختلالات في الوزارة وبأنه يرضخ للضغوط والابتزاز وبأن هناك طلاب يبتعثون في تخصصات غير نادرة. وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي قد أقر في مقابلة مع صحيفة الميثاق بأن هناك 10 % من المنح تخصص لظروف خاصة، لكنه لم يوضح ماهية الظروف الخاصة، هل هي المنح التي يتم اعتمادها طبقا للمحسوبية والوساطات أم المنح التي يتم فيها المتاجرة وعمليات السمسرة. وأوضحت إحدى المذكرات التي بعثها قطاع البعثات والعلاقات الثقافية إلى الوزير شرف بتاريخ 25/12/2013، تزايد عدد المخالفات واعتماد عشرات القرارات التي لم يتم رفعها وتوقيعها من قبل قطاع البعثات المختص وفقا لقانون البعثات ولائحته التنفيذية. وأكدت الوثيقة أنه على الرغم من الرسائل المتكررة التي وجهت لمدير مكتب الوزير وبعض الجهات المختصة الأخرى في الوزارة وطالبتهم بسرعة تسليم أي ملفات لديهم لمراجعتها وإخضاعها للمفاضلة ضمن ملفات المتقدمين منذ أكثر من عام، إلا أنه لم يتم الاستجابة لذلك إلى الآن. وذكرت الوثيقة أنه لوحظ من خلال التحويلات المالية المرسلة للبنك المركزي بتاريخ 29/12/2013 اعتماد قرارات مخالفة لم يتم رفعها وتوقيعها من القطاع المختص، مشيرة إلى أنه تم تجاهل حالات الطلاب المتقدمين منذ أكثر من عام من طلاب المقاعد المجانية المقرة من اللجنة وطلاب الاستمرارية المؤجلة منذ أكثر من عام والطلاب المتقدمين من الخارج الذي وافقت عليهم لجنة المفاضلة. وأشارت إلى انعكاسات المخالفات والتجاوزات خصوصا القرارت التي تصدر من خارج القطاع وغيره على مصداقية الوزارة، مطالبة بمراجعة وإيقاف المخالفات وفقا للنظام والقانون. وعلى ذات الصعيد، عقدت لجنة التعليم العالي والشباب والرياضة بمجلس النواب الأربعاء الماضي جلسة استماع لإيضاحات الوزير شرف عن الفساد المتعلق بعمليات الابتعاث وشكاوى الطلاب المقدمة للمجلس بشأن مماطلة الوزارة لعملية إيفادهم. وفي تصريح للصحيفة أوضح عضو لجنة التعليم العالي والشباب والرياضة في مجلس النواب الدكتور صالح السنباني أن الوزير شرف حضر يوم الأربعاء الماضي إلى اللجنة وأقر بأن هناك اختلالات مرتبطة بالماضي والحاضر داخل الوزرة. وأشار السنباني أن الوزير أعترف بأن هناك من يأخذون إتاوات من الطلاب ويعدونهم بمنح دراسية وبعضهم لا يفي بوعوده، مشيرا إلى أن الوزير وعد بمعالجة الاختلالات. وشدد على أن تعليلات الوزير غير منطقية وغير سليمة، منوها إلى أن اللجنة طالبات الوزير بإلغاء القرارات المخالفة وسلمت له نسخة من تلك القرارات. وتساءل الدكتور السنباني: لماذا لا تقوم الوزارة بنشر أسماء الطلاب الحاصلين على منح دراسية في الخارج وتخصصاتهم إضافة إلى درجاتهم ؟، مشيرا إلى أن ذلك سيحد من العشوائية والاختلالات. وكان عدد من الطلاب المتقدمين للماجستير والدكتوراه تقدموا بشكوى إلى رئيس البرلمان يحيي الراعي بسبب عرقلة الوزير لمعاملاتهم، مؤكدين أنهم قد ملوا من الوعود والتسويفات لاستكمال قرارات إيفادهم رغم مرور أكثر من عام. وأشاروا في شكواهم إلى أنه تم إصدار قرارات لطلاب آخرين حديثي التخرج وبمعدلات "مقبول". وأكد طلاب للصحيفة بأن رئيس البرلمان وجه لجنة التعليم العالي في البرلمان للإطلاع والمتابعة، مطالبين الجهات المختصة بسرعة الالتفات إلى قضاياهم ومحاسبة من يثبت تورطه في عرقلتهم.