عزا خبراء اقتصاديون تدهور العملة الوطنية إلى تزايد السحب الكبير للعملة الصعبة من قبل مسئولين وتحويلها إلى خارج الوطن، محذرين من مغبة استمرار تدهور قيمة العملة . ألمح خبراء مصرفيون وأصحاب شركات صرافة الى أن سر الارتفاع المفاجئ لسعر الدولار مقابل الريال اليمني يعود الى تدافع مسؤولين كبار على شراء الدولار في ظل الأوضاع المتأزمة التي تعيشها اليمن. وقال صاحب شركة صرافة في العاصمة صنعاء: "القصة أننا لما ذهبنا الى البنك المركزي اليمني لشراء احتياجنا من الدولار كما هي العادة قالوا لنا ليس لدينا دولارات"، مضيفاً أنه ما تأكد لنا لاحقاً هو أن البنك المركزي باع كميات كبيرة من الدولار لبنك التسليف التعاوني الزراعي الذي بدوره باعها لمسؤولين كبار بالدولة. وألمح في حديث ل"العربية نت" الى أن تفاقم الازمة السياسية وتضاؤل فرص الوصول الى حلول سلمية دفعت مسؤولين كباراً الى سحب الدولار وتحويله إلى الخارج تحسباً لما قد يحدث. وأشار الى أنه ومعه أغلب اصحاب شركات ومحال الصرافة لا يبيعون الدولار في الوقت الراهن لأنهم لا يضمنون ما سيكون عليه سعر الصرف في اليوم التالي, كما أنهم لا يشترون الدولار للإبقاء على قدرتهم في الايفاء بتحويلات الريال. وأكد الدكتور محمد عبدالحميد فرحان، رئيس قسم العلوم المصرفية بالأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، أن ارتفاع الدولار مقابل الريال اليمني يعود بدرجة أساسية الى حالة القلق لدى المودعين والمستثمرين. مشيراً الى أن هناك عملية هروب لرأس المال الى خارج اليمن في ظل تصاعد الازمة والاحتجاجات المطالبة برحيل النظام اليمني وفشل كل المبادرات الرامية الى ايجاد توافق سياسي بين السلطة والمعارضة. ولفت فرحان في تصريح ل"العربية نت"الى أنه كلما أحس الناس أن أفق الحلول السياسية مسدود وأن الامور تتجه الى التصعيد فإن الاوضاع الاقتصادية والمالية يمكن ان تخرج عن السيطرة. ونوّه الى أن من العوامل الأخرى التي تقف وراء انخفاض سعر الريال اليمني أمام الدولار مسألة المضاربة في الدولار، حيث إن البعض يشتري بمليار ريال وبسعر 214 ريالاً للدولار وعندما يزيد حجم الشراء للدولار يرتفع سعر الدولار وتزيد حالة القلق, كما أن البنك المركزي مؤثر عليه الوضع السياسي وليس هناك ديناميكية لدى البنك بحيث انه يتعامل مع الاحداث أولاً بأول فهو دائماً تأتي قراراته متأخرة. وأضاف الخبير المصرفي الدكتور محمد عبدالحميد فرحان أن من العوامل السلبية أن سياسة التدخل من قبل البنك المركزي حيال ارتفاعات أسعار الصرف ظلت على مدى السنوات الماضية تقتصر على جانب ضخ كميات كبيرة الى السوق من احتياطياته من الدولار، وهو ما كان يذهب في مصلحة مستفيدين ثم تعود الازمة مجدداً في حين انه كان على البنك أن يتدخل بوضع ضوابط ورقابة على المضاربين. وأشار الى أنه كلما ارتفع سعر الصرف يؤثر ذلك على أسعار السلع ويؤدي الى التضخم. من جهته حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي البنك المركزي اليمني من تدهور العملة الوطنية الريال مقابل الدولار والعملات الأجنبية، والذي وصل إلى 230 ريال للدولار الواحد في حركة البيع والشراء خلال يوم واحد مقارنة ب 214 ريال للدولار أمس الأول. وكشف المركز في بلاغ صحفي أن البنوك تتعامل وفق سعر 220 ريال للدولار الواحد مقارنة ب 214 ريال للدولار قبل يومين، و58,60 ريال مقابل الريال السعودي, وأفادت أنها تقوم بذلك بضوء أخضر من البنك المركزي اليمني، مطالباً البنك بسرعة التدخل للحد من المضاربة بالعملة وتزويد البنوك بما تحتاجه من عملات أجنبية وفق الحدود المعقولة. وعزا المركز تدهور الريال إلى تزايد الطلب على العملات الأجنبية تخوفا من الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد، وتزايد حركة تحويلات العملة الأجنبية إلى الخارج إضافة إلى ضخ مليارات الريالات في محاولة كسب الولاءات وتنظيم المهرجانات والاعتصامات. وكانت البنوك اليمنية ومحلات الصرافة قد امتنعت عن بيع الدولار للمواطنين، فيما رفضت كثير من البنوك صرف الدولار للمودعين. وحذر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي من السياسية الخاطئة التي ينتهجها البنك المركزي، داعيا إلى تحرك عاجل للحد من هذا التدهور في سعر العملة، الذي سينعكس بصورة مباشرة على أسعار السلع والخدمات.