لكم يعتصر الألم قلوبنا ويقض مضاجعنا ويعكر صفو حياتنا ونحن نتابع الوضع في يمننا الحبيب وما آل إليه والخطر الداهم الذي يهدد مستقبل أبنائنا الذين من أجلهم اغتربنا و لنوفر لهم حياة كريمة ومستقبل أفضل فارقنا وطننا وأحبابنا وأهلنا وذوينا بل ويهدد الوطن برمته لا لشيئ إلا لأن أبناءنا قالوا للفساد كفى وللفاسدين آن رحيلكم ثلاثة عقود مضت جثم فيها الفساد والفاسدون على أنفاس الوطن والمواطن حولوا فيها البلد إلى إقطاعية خاصة للأبناء والحاشية وبائعي الشرف والمتزلفين امتصوا فيها مقدرات الوطن وثرواته فانتشر الفقر وامتدت الأمية وعم المرض مقوضين كل أهداف الثورتين المجيدتين سبتمبر و أكتوبر حولوا فيها يمن الحضارات ودولة سبأ ومعين وحضرموت و أوسان وحمير وغيرها من الحضارات المتعاقبة عبر التاريخ حولوها إلى دولة لا يعرفها العالم في محافله الدولية والإقليمية إلا متسولة على أبواب المانحين فلما أراد أبناؤنا أن يعيدوا لليمن حضارته العريقة ومجده التليد وأعلنوها ثورة سلمية أعلنها الفاسدون نحن أو الطوفان ورشوهم بالغازات السامة المحرمة دوليا فاستنشق معها الشباب عبير الحرية وتذوقوا فيها حلاوة التضحية في سبيل الوطن فازدادت قوتهم وقويت شوكتهم فجن جنون الطاغية فأرغى وأزبد وحشر زبانيته ونادى أن اقتلوهم من وراء جدر فوجهوا نيرانهم الهمجية وآلاتهم القمعية إلى صدور أبنائنا العارية وارتكبوا مجزرة دموية بشعة يندى لها جبين التاريخ محطمين بها أرقاما قياسية لم يسبقهم بها النازية أو الفاشية أو الصهاينة بحق أبناء وطنهم العزل وهم ينادونهم سلمية سلمية سلمية إلا أن مصاصي الدماء وقتلة الأبرياء قد صموا آذانهم عن السمع وقلوبهم عن الرحمة متجردين عن كل معاني الإيمان والحكمة والأخلاق والشرف والحب والرأفة والسلام لم يراعوا حرمة الجمعة ولا حرم الجامعة فحصدوا كل روح اختارها الله إلى جواره شاهدة على ما يمكن أن يفعله الإنسان بأخيه الإنسان عندما يتجرد عن آدميته وتغلب عليه شهوانيته الحيوانية الوحشية الكاسرة فتدفقت دماؤهم الزكية سيلا عرمرما وطوفانا جارفا زلزل بنيان الطغاة وقوض أركانهم فتساقطت حيطانهم كأوراق الخريف كما صرح كبيرهم لكنهم إذ ذاقوا طعم الدم وأصابهم السعار انطلقوا ينهشون أجسام الشباب ويلعقون دماء الأطفال في تعز والحديدة وعدن وسائر محافظات الجمهورية ظنا منهم أن ذلك سيخيفهم فيثني عزائمهم ويخمد ثورتهم فمازادهم إلا إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فحلت ساعة الحسم ودنا الرحيل .