لا يخفى على أحد ما تمر به اليمن في هذه الأيام من تدهور أمني واجتماعي واقتصادي، ومن تدخلات خارجية، وضغوط داخلية، ومن عبث حكومي، وفساد إداري، الأمر الذي أغرى بعض الجماعات المتطرفة لمحاولة الانقضاض على الجمهورية، والتفكير في ابتلاع الدولة، وفرض مشروعهم العنصري الذي يخالف العقل والمنطق، ويتجاهل العصر الذي نعيش فيه، عصر الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان . كل هذه القضايا تحتم على رئيس الجمهورية أن يتحمل مسئوليته الأخلاقية والوطنية تجاه هذا الوطن والمواطنين والشعب اليمني أجمع الذي منحه الثقة، وحمله الأمانة، وسلمه مقاليد الأمور ليكون الحارس القوي، والحامي الأمين على مقدراته، ونظالاته وإنجازاته وفي مقدمتها الجمهورية والوحدة والحرية والديمقراطية . لا أحد ينكر الضغوط الكبيرة التي تمارس على رئيس الجمهورية، والصعوبات التي يواجهها، كما لا يستطيع أحد أن ينكر– ومن وجهة نظري – أنه إلى ما بعد مؤتمر الحوار الوطني بأيام كان الرئيس يمثل في نظر الكثير من أبناء الشعب اليمني الرجل الوطني والحكيم والقوي، لكن فجأة ومن دون معرفة الخفايا حدث نوع من التراجع والتراخي، ولا ندري ما الأسباب الكامنة وراء ذلك حتى جعل البعض يتهم الرئيس حيناً بالتواطئ مع هذه الجماعات، وحينا آخر بالتنسيق مع النظام السابق، أو أنه ينفذ أجندة خارجية . يا سيادة الرئيس نريد أن نرى دولة النظام والقانون، دولة الحقوق والحريات، نرى أن تحقق حلم الثائرين الذين خرجوا في الحادي عشر من فبراير، نريد أن لا تخيب طموح الملايين الذين منحوك أصواتهم، نريد أن تبسط هيبة الدولة على كل شبر من أراضيها، لا نريد أن نرى جماعات أو أحزاب تفوق قوتها قوة الدولة، لا نريد أن نرى مراكز قوى – من أي طرف كانت - تحول دون قيام الدولة المدنية الحديثة، لا نريد أن تقضي على مراكز قوى معينة لتستبدل بها مراكز قوى أخرى، لا نريد أن نرى من ينتهك سيادة الدولة وأنت تتفرج . ما حدث في دماج كان جريمة بكل المقاييس وأنت تتحمل جزء كبير من هذه الجريمة، ما حدث في عمران وسقوط اللواء 310 ومن ثم سقوط عمران جريمة أخرى هزت هيبة الدولة، وقوضت أركان المجتمع، وأنت تتحمل جزء كبير من هذه المأساة، لا نريد أن يحدث – ولا سمح الله – أي سوء لصنعاء وأنت تتفرج، وترسم الخطوط الحمراء ، وتحذر وتندد فقط . نريد أن تضرب بيد من حديد كل من يهدد أمن واستقرار هذا الوطن، ويظل حجر عثرة أمام قيام الدولة، ويخرج عن الإجماع الوطني، ويرفض تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي أجمع عليها كل فئات المجتمع، تذكر أنك قلت يوماً أنك ستقدم نفسك فداءً لهذا الوطن . يا سيادة الرئيس تجنب غضبة الشعب، ودعوات المظلومين، ولعنات التاريخ، مكانتك تتآكل، وسمعتك تتراجع، ورصيدك في قلوب الشعب اليمني شارف على النفاذ . يا سيادة الرئيس التفت إلى ممثلي الدولة، من وزراء ومحافظين ونواب ووكلاء ومسئولين وحاسب المفسدين، والمقصرين، وجفف منابع الفساد، وابدأ ذلك بنفسك أولاً لتكون قدوة لغيرك لا أن تؤثث منزلك بما يقارب المليار ريال في حين أن الشعب يئن تحت وطأة الفقر والجوع، نشط الهيئات الرقابية والمحاسبية، اتخذ قرارات شجاعة في حق المفسدين، والمتلاعبين بأمن هذا الوطن حتى يخلدك التاريخ، ويحفر أسمك في ذاكرة الشعب اليمني . وأخيراً يا سيادة الرئيس إذا رأيت نفسك غير قادر على إدارة البلاد، وضبط الأمن، وتحقيق الاستقرار، والخروج باليمن المخرج الآمن، ومحاربة الفساد والمفسدين، فليس عيباً أن تقدم استقالتك، وأن تصارح الناس بعجزك عن تحمل المسؤولية، وتحقيق ما يصبون إليه، وستظل في قلوب الشعب اليمني الرجل الوطني والمخلص، وستحظى بكل احترام وتقدير. *جامعة صنعاء