جميع الاطراف والقوى السياسية اليمنية تمطي سفينة واحدة هي سفينة الوطن , وقد اجمعت كل هذه الاطراف على اختيار المشير عبد ربه منصور هادي لقيادة هذه السفينة والوصول بها الى شاطئ الامان والاستقرار والدولة المدنية الحديثة . لكن سفينة الوطن اليوم حائرة تشق طريقها وسط امواج واعاصير عاتية و بصعوبة بالغة. البحر مغامر والمشوار طويل والرحلة فيها الكثير من المتاعب والمخاطر. خرجت السفينة وانطلقت ترفع اعلام ثورتها المباركة وهى ترفرف على اجساد شهدائها الأبرار الذين قدموا للوطن اغلى ما يقدم الإنسان من التضحيات. ولكن سرعان ما تغيرت النفوس وارتفعت صيحات الرفض والمصالح، ومن كانوا يتقاسمون رغيف الخبز وقطرات الماء حملوا السهام وبدلوا المواقع واشتبكوا فوق السفينة بعد ان تركوا الأمواج تحاصرهم من كل جانب. وحل الظلام على السفينة الحزينة واصبح الغرق يتهددها في أي وقت , ونستطيع ان نشاهد علامات الإحباط والإنكسار والوحشة على وجوه جميع الاطراف التي تمطي هذه السفينة كلما ارتفعت الأمواج وزاد الصراخ واشتبكت الأيدي وكل طرف يلقى المسئولية على الآخر رغم ان الجميع شركاء فى الكارثة. وبالرغم من ان كافة الاطراف السياسية التي تمطي سفينة الوطن قد مكثت على طاولة حوار واحدة لمدة تسعة اشهر واكثر في مؤتمر الحوار الوطني وخرجت برؤى مشتركة حددت مسار سفينة الوطن في اتجاه بناء وترسيخ دعائم الدولة اليمنية الحديثة . الا ان بعض هذه الاطراف للأسف الشديد وقبل ان يجف حبر وثيقة الحوار الوطني , بدأت تعبث فى السفينة وتحاول كل منها دفعها إلى اتجاه مخالف نحو شاطئ مخالف. والسفينة حائرة ما بين سلطة حائرة وعاجزة, ومعارضة مفقودة او تائهة, وشعب يبحث عن ملاذ. واصبح السؤال الذي يدور فى عقول وقلوب كل ابناء الوطن , هو من ينقذ سفينة الوطن ؟ ان جميع اطراف العمل السياسي على ظهر سفينة الوطن, يدركون يقينا حجم الكارثة التي سوف تحدث لو غرقت بهم السفينة. او تقاذفت به الامواج والاعاصير والقت بها في اماكن مجهولة , ولذلك فهم المسئولون في المقام الاول عن غرقها او انقاذها , وعليهم ان يضعوا ايديهم جميعا على خطة واضحة المعالم لإنقاذ سفينة الوطن , تستند الى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني . واذا كانت هناك بعض النيات الطيبة وبعض الأفكار المستنيرة وبعض الرموز التي تحمل تاريخا مشرفا , لكن هذه الأشياء جميعها لا تستطيع ان تقاوم ضراوة الأمواج التي تحاصر السفينة من كل اتجاه. وعلى امتداد الأفق تطل انوار بعيدة ربما تخفى وجوها واحداثا واصدقاء واعداء وكلها تتربص بالسفينة. فهناك من يتصور ان الماضي كان الأفضل وان على السفينة ان تتوقف وتنتظر قدرها ولا تحاول الوصول إلى الشاطئ. وهناك من يتصور ان السفينة لو عبرت وقاومت الأمواج فسوف تهدد احلام الآخرين وسوف تكون شريكا فاعلا فى الأحداث والمواقف. وهناك من سرق الغنيمة ومضى ويخشى ان ينكشف امره ويصبح مطالبا برد ما سرق. وهناك من لا يريد للسفينة ان تغرق لأن غرقها كارثة وهو لا يريد انقاذها لتبقى ما بين الغرق والنجاة وما بين الحياة والموت وما بين الفقر واللاغنى. اما الأعداء فإنهم يتربصون بالسفينة من كل جانب وتستعد سهامهم فى أى لحظة للإنقضاض على ما بقى فيها. وعلى امتداد الأفق البعيد يقف اكثر من خمسة وعشرين مليون يمنى ينتظرون ساعة الخلاص وهم يدركون ان الشعب الذى تخلص من حكم الطغاة في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وتخلص من المستعمر المغتصب في الرابع عشر من اكتوبر 1963م , وحقق وحدته المباركة في الثانى والعشرين من مايوا 1990 م , انه شعب ابي و عنيد وقد قاوم الإحباط ولم يستسلم يوما لمواكب القهر والطغيان. وانه شعب غاضب والويل كل الويل لمن لا يقدر غضبته. وعلى كل الاطراف السياسية ان تدرك ان الوقت لم يعد فى مصلحتنا وان السفينة مهددة. وعلى الشعب ان يستعيد إصراره ويعطى لهذه الاطراف فرصتها الأخيرة فى البقاء أو الرحيل ليختار مستقبله ومصيره وهو قادر على ان يفعل ذلك فى أى وقت وفى أي ظروف. انها ثلاثية لا بديل عنها. ان نتخلص من امراض الماضي ونؤمن بأن مشاكل وازمات وطننا تحتاجنا جميعا. وان نؤجل احلامنا الصغيرة من أجل تحقيق حلم اكبر فى العبور إلى المستقبل. وان نؤمن بأن اليمن وطن لنا جميعا وليس لنا وطن غيرها وان الآخرين لن يساعدونا إلا إذا ساعدنا انفسنا وان السفينة تواجه عواصف عاتية ولكنها لن تغرق وخلفها شعب وتاريخ وحضارة.. وختاما اقول : أيها المستهمون على سفينة الوطن، ارحموا سفينة الوطن، واعلموا ان لركوب البحر مقتضياته، وللوصول إلى بر الأمان متطلباته، وخطاب السفينة له مفرداته ومواصفاته، وانتم جميعاً على سفينة واحدة اذا غرقت يغرق الجميع والركون على القفز الى القوارب الخاصة وترك السفينة تغرق هو بحد ذاته سببا لغرق أكبر ,.وسفينة الوطن فى حاجة لكم جميعا، فاتقوا الله فى سفينة هذا الوطن ، ومسؤوليتكم أمام الله والتاريخ فاحرصوا على أن تصلوا بسفينة الوطن إلى بر الأمان وشاطئ النهوض والتقدم والاستقرار , والله يوفق الجميع لما فيه خير اليمن وتقدمها وأمنها واستقرارها. *أستاذ التسويق المشارك / جامعة تعز [email protected]