يُعول كثيرًا على الوسائل الإعلامية بمختلف أنواعها - المرئية ،المسموعة ، المقروءة – في عمليات التوجيه والتثقيف والتوعية والتنشئة وحل مختلف القضايا و المشاكل المجتمعية وذلك لما لهذه الوسائل من تأثيرٍ فعالٍ على مختلف الفئات الاجتماعية التي غالبًا ما تتفاعل بشدةٍ مع مختلف الرسائل الإعلامية التي تصلها عبر تلك الوسائل . ولا يمكن لهذه الوسائل حقيقةً القيام بهذه العمليات التي تهدف في جوهرها إلى التنوير ما لم تلتزم بمعايير مهنيةٍ وأخرى أخلاقية تضبط أداءها الإعلامي وتتجه به صوب المسؤولية بعد أن تدرك مدى تأثيراتها على المجتمع وتربط هذا الإدراك بإدراكٍ أخرٍ لطبيعة المهام الإعلامية التي يجب أن يؤديها أي إعلام حر نزيه متجرد من صفة التبعية المفسدة دائمًا للوسائل الإعلامية ومضامينها الموجهة إلى الجمهور . والمتابع لمسار الإعلام اليمني في الآونة الأخيرة التي تميزت بظهور صراعٍ سياسيٍ وصف بالعقيم واتخذ الشكل المسلح في الأيام القليلة الماضية بين الحكومة اليمنية ومعارضيها المطالبين بإسقاطها وإبدالها بأخرى أكثر كفاءةً منها ، يلاحظ مدى تحيز وعدم مصداقية وموضوعية الوسائل الإعلامية اليمنية بمختلف أنواعها والتي مارست - ولازالت تُمارس - خطابًا إعلاميًا مُضللاً قائمًا على التدليس والتحيز والتحريض والمغالاة وعدم الرغبة في تقبل وجهات النظر المختلفة وابتعاد هذا الخطاب تمامًا عن المسؤولية الأخلاقية والمهنية اللتين يجب توفرهما معًا من أجل استمرارية الوسائل الإعلامية في أدائها وقبول رسالتها من قبل الجمهور. وقد أستغل هذا الخطاب التضليلي من قبل الوسائل ذات الاتجاهات السياسية وحتى الدينية المختلفة في عملية الحشد الجماهيري لطرفي الصراع - الحكومة ومعارضيها – وقد نجحت في ذلك نتيجةً لعدم قدرة المواطن اليمني البسيط الأمي غالبًا على تحليل الخطاب ومعرفة دلالاتهِ ودلالة الوقت الذي طرح فيه وأسلوب طرحه . دون وجود أي عامل رقابة على الوسائل الإعلامية التي مارست هذا الخطاب ، والحق أن من يجب عليه القيام بدور الرقابة على الأداء الإعلامي في الوسط الإعلامي اليمني هو نفسهُ من فرض على الوسائل الإعلامية الرسمية ممارسة هذا الخطاب الذي لا ينم إلا عن إفلاسٍ في المعاييرِ المهنيةِ والأخلاقية ِ للوسائل الإعلامية الرسمية في اليمن . على العموم : من الواجب المُلِح على الوسائل الإعلامية اليمنية خلال هذه الفترة أن تُفعِل من عامل الرقابة الذاتية على أدائها الإعلامي و أن تتبنى خطابًا إعلاميًا عقلانيًا يتسم بالرغبةِ في الإصلاح والتصالح لان تبني أي خطابٍ أخر سيوسع من الشرخ الاجتماعي الحاصل بين المكونات الاجتماعية التي أصبحت منقسمةً ومشحونةً بما فيه الكفاية لمواجهة الطرف الأخر ميدانيًا ،مما سيجعل العنف والصراع المسلح الدائم نتيجةً حتمية إلى أجل غير مسمى . [email protected]