بالمفهوم البسيط الثورات تعني الشعب يريد إسقاط النظام ، لتأتي بعدها خطوات تصحيحية جذرية على المستوى الاقتصادي والسياسي. ومثال ذلك مصر وتونس وليبيا، أما ما حصل في بلادنا منذ عام 2011م فلا يمكن أن نسميها ثورة لأنها لم تستوفي هذا المفهوم ، ومن يظن أنها ثورة فهو يسير في الاتجاه المعاكس مع شعبه . ومع كل هذا فقد اخذ الناس في بلادنا بحسن النوايا وحسن الظن عندما أتت المبادرة الخليجية المدعومة من مجلس الأمن ، وهي في حقيقتها أي المبادرة أنها مجرد توافق بين القوى المتصارعة وهي قوى اعتقدت أنها تتسيد الوضع في اليمن وأنها قوى قد تتحد في حال ضياع المصالح في تلك المنظومتين اليائستين ، فجأت المبادرة الخليجية منقوصة لأنها تجاهلت بعض القوى ومنها جماعة أنصار الله والحراك الجنوبي، وكذلك لا تمتلك رؤية واضحة تضمن تحقيق الاستقرار وإرساء دعائم السلم وإقامة دولة يسودها النظام والقانون . إذا من وراء سقوط صنعاء وكذلك سقوط مفاصل الدولة كالحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية ، وإجهاض للمبادرة الخليجية . كثير من المحللين يؤكدون أن خروج الناس في صنعاء في ثورة مضادة جاء نتيجة الفشل بعمل إصلاحات اقتصادية ونتيجة للاختلالات الأمنية وكثرة أعمال القتل وسيطرة القاعدة على بعض مناطق البلاد لا سيما المناطق الجنوبية أبين وشبوة وحضرموت، وكذلك الفشل الكبير لحكومة الوفاق في محاربة الفساد الإداري والمالي الذي تفشى بصورة كبيرة خلال هذه الفترة الانتقالية، كذلك يرى المحللون إن تأخر تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وعدم استكمال الدستور والانتهاء من عملية السجل الانتخابي، وكذلك الزيادات المستمرة في أسعار المشتقات النفطية . بناء على هذا كله فقد طالبت كثير من المكونات السياسية والشبابية والمجتمعية بإحداث تغيير في كيان الحكومة دون المطالبة بإسقاطها، ولكن قوبلت هذه المطالب بالرفض وعدم الأخذ بها ، وكأن المبادرة الخليجية نص قراني لا يقبل الخروج عنه ، لذلك تصاعدت المطالب الشعبية إلى إسقاط الحكومة . هنا وجدت الأطراف المقصية في المبادرة الخليجية وخاصة التي في صنعاء فرصتها لتتبنى المطالب الشعبية وتعمل على دعمها والترويج لها مثل ما حصل في الجنوب عندما تبنى الحراك الجنوبي مطالب الشعب في الجنوب الذي ينادي بالانفصال. إذا السؤال هنا من وراء هذا الانهيار السريع للدولة الذي لم يبق إلا اسمها واسم رئيسها ؟ المتابع للمواقع الإخبارية والقنوات الفضائية اليمنية تبعث بالحيرة وغياب للحقيقة والمقاصد ، جماعة الحوثي يقولون بأنهم خرجوا لدعم مطالب شعب وكذلك من اجل إرساء دولة مدنية يسودها النظام والقانون والمساواة والعدالة ، ومحاسبة الفاسدين . الدولة تقول إنها تتعرض لحركة تمرد وانقلاب على مبادئ الاتفاق المتمثل في مخرجات الحوار الوطني وأيده في ذلك الأحزاب المسيطرة على حكومة الوفاق .وكذلك الأممالمتحدة والدول العشر . حتى تصاعدت وتيرة الأحداث وتعالت الأصوات هنا وهناك وتعددت الساحات وفي النهاية سقطت صنعاء وسقطت الحكومة وانهار جيش الدولة الذي يبدو أنها بلا جيش أصلا . ووقعت اتفاقية جديدة تضع أسس وخارطة طريق للنهوض بهذا الشعب البائس اليائس الذي لم يشم رائحة الهدؤ والاستقرار . ما نتمناه اليوم من مختلف القوى السياسية في صنعاء بالذات أن تقبل بهذا الاتفاق الذي يبدو في ظاهره نوايا نحو البناء والعمل الجاد وإعطاء كل ذي حق حقه ، وهي فرصة أخيرة لننسى هذا السؤال من وراء السقوط حتى لا يضيع الوطن والمواطن وتصيد الأعداء . انتهى،،،،