تعرفت على الدكتور أحمد عوض بن مبارك قبل يوم من انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل حينما قدمنا من عدن للمشاركة في أعماله.. أدهشنا بحركته التي لا تتوقف، وابتسامته التي لا تفارق وجهه، وحدة ذكائه، وقدراته الإدارية الفذة، وملكاته في التعامل مع الجميع على اختلاف مستوياتهم ورغباتهم. لمع نجمه خلال أعمال مؤتمر الحوار الوطني بالرغم من أننا وربما كثيرين غيرنا كنا نتساءل: كيف يوكل عمل بهذه الضخامة وهذه الأهمية لرجل مغمور غير معروف وليس له أي حضور أو رصيد سياسي، ولا تجربة إدارية بهذا الحجم. أدار العجلة بمهارة قلما يتمتع بها يمني بالنظر إلى ضعف قدراتنا الإدارية كيمنيين، فكان محط فخر لنا كجنوبيين أن يكون بهذه القدرات والمهارات الإدارية والسياسية والعلاقات. هذه كانت هي الصورة التي غادرت صنعاء وهي في مخيلتي عن بن مبار والأمانة العامة لمؤتمر الحوار.. لكنني أصبت بصدمة كبرى الأسبوع الماضي حينما زرت صنعاء ودخلت مقر الأمانة.. ماهذا؟ لقد انهار ذلك الصرح الكبير وتحول إلى خرائب، وتحولت الأمانة العامة إلى ركن من مكان يقبع فيه عدد كبير من الموظفين المحبطين بلا أعمال أو مهام أو حتى رغبة في عمل شيء بعد أن كانوا شعلة من نشاط وحركة ورغبة في العمل والإنجاز.. تنعقد في مقر الأمانة العامة أعلى هيئة سياسية في البلاد (الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل) والمضيفون يتعاملون بفتور وإهمال ولا مبالاة وكأن الأمر لايعني أحداً منهم.. حينها أدركت سر أنني منذ اختتام مؤتمر الحوار لم أسمع بنشاط أو إنجاز للأمانة، التي من المفترض أنها معنية بالترويج لمخرجات المؤتمر وتهيئة المواطنين اليمنيين لتقبلها والاستفتاء على الدستور والانتخابات العامة ... إلخ ماذا جرى؟ كيف انطفأت شعلة بن مبارك بهذه السرعة؟ طرحت السؤال على أكثر من شخص.. جاءتني إجابات متطابقة لتشكل صدمة إضافية.. لقد أوكل دكتور الإدارة ونجم السياسة الصاعد الأمانة العامة لإدارة هزيلة مقيدة بكل الأمراض النفسية غير خبيرة وغير مجربة، ولا تفهم شيئاً في العمل السياسي.. فشلت في الإبقاء على الصلات والعلاقات، وفشلت في الإبقاء على الحركة والنشاط، فتراجع الأداء رويداً حتى أوشك على التوقف، إن لم نقل أنه توقف فعلاً.. أكاد أجزم أن أحمد بن مبارك قد وقع ضحية خسر فيها كل أرصدته من الاحترام والإعجاب وانهارت صورته بانهيار أداء الأمانة العامة لمؤتمر الحوار.. وأكاد أجزم أن ماحدث ماهو إلا مؤامرة شمالية حيكت خيوطها لتسقط تلك الشخصية الجنوبية التي لمعت واكتسبت احترام الصديق والعدو، والخارج والداخل. أخشى أن تكون المؤامرة قد نجحت عندما أوهموه بأن تلك الإدارة الهشة المهترئة ستكون مخلصة لنجاحه وتسير في طريق الحفاظ عليه وتنميته.. في حين عمدت إلى النقيض من ذلك بقصد أو بدونه إلى تحطيم كامل الصورة الجميلة من النجاحات، لإظهار بن مبارك فاشلاً وتحويل نجاحاته إلى عكسها والدليل أن مخرجات ذلك الحوار الكبير لم تلقى أي ترويج لها في أوساط الناس، والقضاء على مستقبله السياسي وقتل آمال الكثيرين الذين كانوا يعولون عليه وعلى قدراته، وتحويل آمالهم إلى حالة من السخط على أمانة الحوار وشخص أمينها العام الذي لا يعرف الناس سواه، ولا يدركون حقيقة المؤامرة.. لك الله يابن مبارك.