يظل هاجس الانتقام هو المسيطر على نفسية الزعيم ، ولذلك يحب ان يطلق عليه انصاره ومحبيه الرئيس المتسامح والرئيس الصالح، ودائما ما كان يغلق الصفحات ويفتح صفحات جديدة طوال فترة عهده الذي امتد 33 عاما قضاها في ترسيخ امنه الشخصي وامن عائلته في المقام الاول ، فخاض حروبا لها بداية وليس لها نهاية فقد بداء حكمة بحرب شاملة عام 1979م مع جنوب الوطن وكانت هذه الحرب هي هروب الى الامام وقد استطاع بها تثبيت اركان حكمه والهاء الشعب فيها لينسى قضية اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي ، وكذلك لتغطية تصفية بعض الرموز الوطنية والسياسية عن الساحة السياسية امثال عبد الله الاصنج وعبد الله عبد العالم ومجاهد القهالي والشيخ حمود الصبري ونخبة من مشايخ المحافظات الوسطى وتعز وقد نجح بالفعل من خلال حربه هذه من تشتيت انظار وافكار الشعب اليمني آنذاك. وكان الزعيم يعمل على مقولة الحكم ثم الحكم ثم الحكم وكل شي يهون من اجله ، حتى ان تحالفاته لا تدوم كثيرا وكذلك صداقاته ، ويحسب للزعيم انه اسس لكل مشاكل اليمن السياسية والاقتصادية وحتى مشاكل الارهاب ففي عهده الميمون وفي بداية الوحدة المباركة بدا التخطيط للتخلص من شركاء الوحدة ولم يمر على ذلك شهور قليلة فسمح بدخول اسامة بن لادن اليمن الى ابين بالذات وبداء تكوين الجماعات المسلحة هناك والتي شاركت بفاعلية كبيرة في حرب صيف 1994م التي اشعلها صالح للتخلص من خصومه شركاء الوحدة الحزب الاشتراكي ،وقد شارك من الجماعات الاسلامية في تلك الحرب القذرة عشرات الالاف من مختلف جنسيات العالم وقبل هذه الحرب كانت التسعينات من القرن الماضي مسرحا لأقذر عمليات تصفية الخصوم السياسيين ، ولا يسع المجال هنا لذكر كل الحوادث ولكن نذكر ان البداية بدأت بمحاولة اغتيال القامة الوطنية والادبية الكبيرة عمر الجاوي وكان ذلك بعد مرور عام واحد على الوحدة المباركة وقد نجا عمر الجاوي ولكن استشهد رفيق دربه شهيد الديمقراطية الاول حسن الحريبي ، ثم تلى ذلك اغتيال اكثر من 150 كادر من كوادر الحزب الاشتراكي اليمني ولا ننسى حادثة الاغتيال الجبانة للشهيد البطل ماجد مرشد نتيجة مواقفه الصارمة مما يحدث للجيش ومطالبته بعودة جيش الجنوب الى مواقعه السابقة حتى يكون قوة متساوية بين الشمال والجنوب. ومن منا لا يذكر الشاعر والخطيب المناضل السياسي محمد علي الربادي صاحب الخطابات النارية امام الزعيم مباشرة كاشفا كل مواطن الظلم والفساد والذي توفى في ظروف غامضة في صنعاء بتاريخ 25/7/1993م بنوبة قلبية كما اشيع حينها ، وعلى ذكر احزان التسعينات فلابد من ذكر صاحب الديمقراطية كلمة مرة عضو مجلس النواب والصحفي الكبير حبيب الملايين من فقراء الشعب اليمني عبد الحبيب سالم مقبل والذي رفض استلام مرتباته من البرلمان وقدم استقالته ايضا وظل يصارع الفساد بجراءة منقطعة النظير وكان يهز عروش القتلة والفاسدين عبر كتاباته الرائعة والتي كان يتابعها جمهور كبير جدا من اليمنيين هذا الرمز الوطني صدر قرار تعيينه ملحقا ثقافيا في بولندا يوم 21/10/ 1995م ومات في ظروف غامضة في اليوم التالي لقرار تعيينه أي يوم 22/10/1995م ، ومن اراد المزيد من هذه الاحداث المؤلمة فما عليه الا الرجوع لتصفح ذكريات التاريخ في ذلك الحين والمصادر متوفرة جدا لمن اراد . ولأجل كرسي الحكم لا مانع لدى الزعيم من اعطى دولة مثل أرتيريا بعض الجزر اليمنية وحقوق سيادية في المياه الاقليمية اليمنية قد تصل الى ميناء الحديدة ، وكل ذلك لأنه ادرك ان احتلال جزيرة حنيش من قبل ارتيريا في ديسمبر عام 1995م هو رد فعل اقليمي ودولي لتأديبه وتحجيمه بعد عروض الجيش الاستعراضية وكانه قوة اقليمية لا تقاوم ، فكان لزاما على المجتمع الاقليمي والدولي تعريته واذلاله واذلال جيشه امام شعوبهم وامام الشعب اليمني وهو تم بالفعل . ولم تنتهي مشكلة احتلال ارتيريا جزيرة حنيش والا وقد مرت احداث وقامت تحالفات وانتهت تحالفات حيث تخلص الزعيم من اكبر حلفائه واكثرهم قوة ونفوذ والذين هم شركاء في الحكم من الباطن ، ولكن عندما شعر الزعيم بان اطماعهم زادت ونفوذهم كبر وان تركهم في الساحة يشكل خطرا على مستقبل حكمه ومستقبل اولاده ولم تشفع لهم صداقتهم وقربهم من الزعيم من التخلص منهم بحادث طائرة مروحية عام 1997م اودت بحياة حاكم حضرموت العسكري محمد اسماعيل وحاكم تعز العسكري احمد فرج ، وبرحيلهم لم يتبقى من منظومة اصدقاء وشركاء الامس العسكريين سوى الجنرال محسن والذي هو شريك منفذ في كل حروب الزعيم وتصفيات الخصوم ويعرف تماما كيف يفكر الزعيم وكيف يتصرف ومما يخاف ومما يهاب ، فكانت حروب صعدة محاولة لانهاك قوة الجنرال (الفرقة الاولى مدرع) ثم الانقضاض عليه ، ولكن محسن يعرف طريقة تفكير الزعيم تماما فجعلها لا هي حرب ولا هي سلم بل انه طلب اشتراك الحرس الجمهوري في تلك الحرب وكلنا يتذكر كيف كانت تنهار المعسكرات وتسلم الالوية وخاصة التابعة للحرس الى الحوثيين ، وقد كسب الجنرال محسن هذه الحرب لان الزعيم لم يستطع القضاء عليه كما خطط لذلك ، ولكن الزعيم استثمر نصرا آخر لم يشاهده محسن آنذاك بوضوح تام وهي لعبة الزعيم المفضلة مع خصومه، فقد غرس صالح قناعة لدى الحوثيين ان محسن هو عدوهم اللدود والوحيد رغم ان الواقع يقول ان محسن كان يخوض تلك الحروب بأمر من الزعيم وهو من يعلنها ومن يوقفها ، ولكن الزعيم هو من يكسب دائما وما نعيشه هذه الايام من تحالف لا يصدقه عاقل بين الحوثيين والزعيم شاهد على كسب الزعيم حروب صعده ولو حتى حين ... يتبع