لقد خرجت بحمد الله الحكومة اليمنية إلى حيّز الوجود بعد مخاض عسير جداً ومؤلم ليس لها وحسب، بل ولكل مكونات المجتمع اليمني والوطن، حتى شعر الفرد اليمني خلال فترة التشكيل – المخاض - الطويلة وقُبيلها بأن القائمين عليه يعاملونه كطفل لا يعرف شيئاً.. ونتجت ردود أفعال مُتشنّجة مثلاً كإقالة هادي والإرياني.. وعلى كلٍّ ما فهمته أنا بشخصي البسيط بأن إقالة رجلين من منصبيهما في المؤتمر الشعبي العام هو في حقيقة الأمر مهزلة صودرت فيها عقول النّخب السياسية وغيرها بما تعرفه يقيناً عن المفاهيم الحزبية وآلية تولي المناصب والإقالة ..الخ، فما تم لا هو إجراء حزبي ولا مشيخي..! وما يمكن القول عليه بأنه إجراء مِسخُ القبيلة ومِسخ السياسة.. ولكن هذا الإجراء يمكن أن ينطبق عليه المثل القائل " رُبَّ ضارة نافعة " وبمعنى آخر هو إجراء جاء – دون قصد - لتحرير هادي من العبودية لمسخ الحزبية، ليصبح رئيساً لكل اليمنيين وليمتلك مساحة واسعة من الحرية في اتخاذ قرارات للمصلحة العامة.. ما أعرفه ويعرفه غيري بأن تشكيل أعضاء الحكومة جاء بناء على تفويض كامل من الشركاء الفرقاء للرئيس هادي ورئيس مجلس الوزراء باختيار الكفاءات للمناصب الوزارية، وحينما صدر القرار الجمهوري برئيس وأعضاء الحكومة، امتعض البعض وطلب البعض سحب أعضاءه وهدد البعض باسقاطها ولوّح مكون آخر بعدم منح الثقة..الخ، وما فهمت من كل ذلك بأن كل تلك الأقليات لم تمتعض أو تنسحب أو تلوّح إلا لأن مصالحها تضررت، وأفهم – أيضاً - أن كل وزير يرفض المنصب في هذا الوضع الصعب إلا لأن ولائه مرتبط بشخص أو بمكون ما لا لوطن وشعب.. من يعتذر عن تولي منصبه والوطن في أمس الحاجة له فهو خائن للوطن وللشعب.. من يهدد بعدم منح الثقة للحكومة هو أيضاً خائن للوطن وللشعب مرتين، أمّا الأولى التي خان فيها الوطن والشعب عند ما أعطى نفسه الحق في البقاء على كرسي مجلس النواب عقد ونيّف من الزمن دون حتى أن يأخذ رأي من كان سبباً في صعوده إلى كرسي المجلس، أمّا الخيانة الوطنية الثانية برأيي حينما لم يمنح الحكومة الثقة ليس لأنها معدومة الثقة ولكن لأن إملاءات فُرضت عليه من خارج قبة المجلس، وهنا أتمنى على الرئيس أن يصدر قراراً بحل المجلس منتهي الصلاحية العجوز فكراً وعمراً كما فعل الشهيد الرئيس/ الحمدي رحمه الله.. حينها يمكن القول أن عجلة التغيير دارت نحو الأمام.. إن أجمل ما في الحكومة الجديدة – مع تحفظي على بعضهم وكثرة عدد الحقائب - أنها خلت من نواب لرئيس الوزراء وكذا خلت من غالب الوجوه المعمّرة التي تملّكت النظم الوزارات ردحاً من الزمن فكانت كمصّاصي دماء حتى أبقت الوزارات هياكل لا غير.. وأرجو أن يفهم بحاح وهادي أننا في الألفية الثالثة ومن صنع كل السوء الذي نعيشه هم من جيل منتصف الألفية الثانية وشتّان بين الألفيتين وجيليهما..! ومن صنع البؤس لا يمكن أن يحسن البناء.. فاعتمدا على الشباب بِطانة لكما وأداء.. فلولا الشباب ما كان هادي رئيساً للبلد ولا بحاح رئيساً للحكومة ولا الوزراء الجدد وزراء..! فأين نُصرة من نصراكما أيها الرئيسين؟ وأتمنى من الوزراء أن يتحرروا من العبودية للقائد الملهم للحزب، ويعملوا من أجل وطن كنوع من رد الجميل أو جزء منه للشباب الذي بفضلهم أصبحوا وراء..! كما أني أخي القارئ الكريم لست مع إذلال أي فرد يمني – بغض النظر عن منصبه أو مكانته - داخل أو خارج وطنه لكنني أيضاً لست مع معالجة الخطأ بالخطأ أو بتشنجات عاطفية قد تؤدي إلى نتائج غير مرضية أو محببة لكلا الطرفين.. ولو عرف الجميع أن لدى القانون مقلمية تقلم أظافر أي عابث، لما وصل الحال إلى هذا السوء..! فهل يفهم طرفي المعادلة معنى ذلك؟ [email protected]