بيان المؤتمر الأخير بشأن مأرب ليس غريباً بل و متوقعاً أن يعود تحالف 94 مجدداً ليرسم ملامح اليمن' تنفيذاً لأجندة خارجية عبر المربع الأقليمي للسياسة الدولية في الشرق الأوسط و إرضاءً للسعودية و الخليج, كانت مأرب على الدوام حجر الزاوية و مربط الفرس في التحالفات السياسية و قبلة التغيير لأنها نقاط تجمع و تقاطع مصالح أباطرة الفساد و قوى الإرهاب و العبث بمدخرات الدولة و منها يتم تغيير المعادلة و تدار اللعبة السياسية وكانت عن طريق الإرهاب و الأعمال التخريبية محل تجاذب و ضغط الطغم الفاسدة العابثة كورقة ضغط لفرض سلطة الأمر الواقع. و مافرقته السياسة - يوما ما - جمعته المصلحة المشتركة و تمديد النفوذ و المتاجرة بمأرب حتى الرمق الأخير, و ما نلمسه من المغازلة السياسية بين المؤتمر و الإصلاح مؤخرا و إستثناءة من جحيم مأرب, و ليس كما هو الحال كل مره من إشراكه و إستثماره إعلاميا و التحدث عن تحالف أنصار الله مع المؤتمر في بقية المناطق, رغم ان دوره الثوري و رصيده الوطني كان صفراً مزيناً بالفشل و الخزي والعار. كانت مواقف المؤتمر متماهية متباينة إنتقائية إنتقامية ضد الإخوان بعد ثورة 2011 و ركوبة موجة ثورة 2014, و لكن هاهي مأرب تعيد الروح مجدداً الى تحالفات قطبي الفساد والارهاب و تؤكد ان من يقف وراء العبث الأمني و إستهداف المنشئات الحيوية أدوار مكملة بين الإصلاح الذي يوظف القاعدة و الارهاب لتثبيت وجوده و الإعمال التخريبية لأبراج الطاقة التي كان المؤتمر يضيف لها الغطاء السياسي نكاية و إزدراءً بالإخوان و تبريره لفشل ثورة 2011 و إقصاءه من السلطة عبر الإنقلاب الثوري. حيث و أن الزعيم مدين للسعودية و الخليج بالكثير ستصبح المحافظة النفطية الغنية المحك و الإمتحان الأقسى لإثبات الولاء و عربون محبة و صداقة للعودة الى بيت الطاعة الخليجي بعد عصيان لم يدم طويلا, أضف الى ذلك الحاضنة الشعبية الكبيرة للمؤتمر الموازية للإصلاح في مأرب تعزز هذا الطرح. ترس عجلة الأحداث يدور في حلقة متكاملة من منطومة التروس و ديناميكية الرغبة الجامحة للدول العظمى ضمن تحالفات المنطقة و تكامل الادوار والتحالفات الإقليمية ( 2+6 ) و تكوين تحالفات عسكرية عربية و أجنبية في مواجهة ما يسمى الإرهاب, لن يكون المؤتمر ببعيد لتمرير التحالفات الدولية و الخطط المعدة مسبقا يستمر تأثيرها لإقصاء أنصار الله كلياً من اللعبة السياسية و يصيبة بالإنهاك و الإجهاد الثوري عبر حروب الإستنزاف المستمرة التي يخوضها مع القاعدة, عوضاً عن إشراك الجيش في تحمل مسؤولياته الأمنية و الدفاعية. و لذا كانت ضمن إستراتيجية أنصار الله إمكانية مواجهة القاعدة في مأرب قبل أو بعد الإنتخابات الرئاسية و الدستور و الإستقرار السياسي ؟ , او التأجيل حتى تنتهي المرحلة الضبابية و يتبلور الواقع السياسي و العملي و الحاضنة الجماهيرية, و لكن بعد إختلاط الأدوار و تشاباك اقطاب القرار و إنفراط العقد و مع دخول خيار الستة الاقاليم و جدلية الدستور, و توسع التدخل الدولي عبر سفراءه كان لا بد لأنصار الله من حسم الأمر سريعاً و كسب ورقة مأرب بأي ثمن كان لضمان تعطيل و عدم إشكالية أية تحالفات مستقبلية بين المؤتمر و الاصلاح و تحريك ورقة القاعدة في أروقة العمل السياسي ودهاليزه تؤدي لإقصاء أنصار الله , وفعلا جاء التحالف مبكراً لأن إستهداف مأرب يعني دك آخر قلاع الإرهاب و حصونه المنيعه ( متمثلا بالقاعدة ) و الفساد ( متمثلاً بالشركات النفطية و مصادر الطاقة ) و تزاوجة في المحافظة ومن يملك سلطة الأرض في مأرب يملك سلطة القرار السياسي و تجييره لصالحه و يستحوذ منه على عرش اليمن. بالنسبة للمؤتمر مأرب محط رهان و مسألة مصيرية, ومنها كان الغناء الفاحش و نهب المال العام على مدى عقود من نظام صالح عبر صفقات مشبوهة مع الشركات النفطية و بيع ثروات اليمن, و من ناحية أخرى يجري مهرولا الى الإخوان لإحياء حب و ود قديم ظناً منه بإنكسار شوكة اللجان الشعبية في المواجهات و لأنه يدرك تماماً أن ما بعد مأرب سيكون الدور عليه وسيصبح الهدف التالي لقوى الثورة بلا جدال, و إنتهاء الفصل الأخير من مسلسل الثورة لاجتثات رموز الفساد كلياً, فروحه في خطر و لن يسلم رقبته بسهولة و سيحرك الأمر عبر أياديه القبلية المتماهية مع الإخوان في خندق واحد. تأتي بالتزامن مع الضغط الخليجي و رفض الدعم الإقتصادي و المالي و ترحيل العمالة و تشديد إجراءت الدخول , للقبول و على مضض بالمخططات و العودة الى أحضان البيت الخليجي الدافئ. و يؤكد شبهة تسليم الأسلحة و إستهداف كتيبة قوات الإحتياط عبر توجيهات عليا, لم تكن أصابع المؤتمر ببعيدة عن تلك النكسة, فهاهو المؤتمر يمرر الحكومة و يمنح الثقة عبر صفقات مقايضة بالغاء التصديق على العقوبات الدولية', و هاهو مرة أخرى يمرر صفقة أخرى في مارب لتحالف الإرهاب ارضاء للسعودية و لمصالحة الذاتية و توفير أمان للزعيم, و يؤكد لنا ان المؤتمر انزلق من كونه حزب سياسي الى كونه مجرد حزب فردي تحركة رغبات و توجيهات فردية تخدم شخص الرئيس السابق و تدعم وجوده الذي بدوره يرسخ مكانته القياديه فيه الى خدمة الخارج.