سلب احترام الوطن سببه هؤلاء [2] ليس هذا موضع سرد وقائع الكذبات التي قالها المؤتمر , والمشترك , و الحوثي , والرشاد , وغيرها من المكونات والجماعات , كذلك لا يتسع الوقت لذكر المبررات التي يسوقها هؤلاء الكذابون لتجميد الغضب الشعبي وتبليد العقل الجمعي للناس , ونحن لا نفقه أن ما يقدمه هؤلاء مبررات للكذب وليس دفعا له وردا عليه وإنكار وقوعه منهم , وصار الناس بتلك المبررات التي تؤكد الكذب ينفونه ؛ بسبب سيطرة جمود الإتباع على التفكر والتعقل وغلبة حب السلامة على التحقيق وتقديس الصدق . نعيش دائما تحت سماع سيول وعود متعددة , ورعود مختلفة , تتوزع على قيم أخلاقية مهمة في السياسة والعدل والحرية , ثم نرى في الواقع خلاف ذلك بل ضده تماما . مصير وطن بأكمله ومستقبل شعب بأجمعه : يتدحرج من حناجر مدافع التهم واللمز و النبز والكذب , ويمطر من خلال التفريق والتجريح والتقتيل والتنكيل, مع أن الجميع يعلم بالتجربة أن هذه التشوهات في البناء للدولة تنتج ولو على المدى البعيد مظلوميات تبقى راكدة لا ميتة , ثم تنبعث هذه المظلوميات بعد العمل على تقويتها وتيسير سبل رجوعها لتقضي و تدمر ربما بداية بناءٍ وأمن وسلام , وحال اليمن هكذا من بداية نشأة الإمامة ثم الجمهورية ثم الوحدة وصولا إلى تقلبات واقعنا المرير. ملايين الحناجر والبطون يقطنون وطنا لا يعرفون عن أحداثه إلا ما يريده هؤلاء الكهنة والأحبار والسماسرة , ملايين من الناس يعيشون في أرض هي لهم لا يستطيعون الوصول إلى حقيقة واحدة تخص مصيرهم وفكرهم ومستقبل الحياة في بلادهم , ملايين من البشر ينتظرون خبرا صادقا وحزبا محترما ووطنا آمنا ومسؤوليين شرفاء , لكنه عندما يحلم بتحققها يعيش في الواقع إخفاقها وشرودها , حتى آمن بعدم التنفيذ وسلم باستحالة التطبيق. عندما نصل إلى وضع يشبه خروج عفريت في فلم هندي أو مصري ويتمثل أمام السيد فيقول : شبيك لبيك , احلم أحقق لك ما تمنيت فقال : السيد أريد منك يا عفريت تحقيق هذه القائمة المكتوبة , وهو ما تحقق في الواقع الآن وربما بعضه لم يقع بعد . فما ذا تريدون من المواطن أن يعلق على هذا الهراء الذي يسبب الغثيان ويبعث على الاشمئزاز , شيء عجيب وأمر غريب لم يتحقق حصوله إلا في أفلام الأكشن الهندي , ويبدو أنهم لا يدركون عدم الفرق بين الخيال الفني والتطبيق اليمني وإلا ما احتاجوا إلى الخيال البعيد. بصراحة لا يوجد صورا بلاغية حتى خيالية تصور هذه الأحداث التي نتجت من مخلفات متراكمة من باطل القول وكذب الفعل المتزين بإعلام مصنوع وموجه ومملوك , كل له قناته يوجه منها ما يريده مع استثارة مشاعر الناس وإنزال دموعهم بعرض مشاهد الإجرام والقتل مع موسيقا محزنة تغطي تشوهات هذه الجهات في القتل والإجرام والكذب الذي تخفيه وراء تلك العبارات المنمقة وتستره بما يبدو في الظاهر بطولات هي الأخرى كذب وزور وبهتان. من حالة إلى أخرى تنقلنا قنوات الكذب والدجل ,فمرة تحلل وأخرى تحرم , الإصلاح مثلا حرم مرات دماء الجيش اليمني لكنه رجع وأحلها في جبال الصمع , المؤتمر حارب الحوثيين تحت غطاء أعداء الجمهورية ثم رجع وتحالف معهم وصار على أقل تقدير ناطقا بما يوافقهم ويضر بغيرهم, الحوثي هو الآخر بكى على ذبح جنود يمنيين من قبل القاعدة ونسي أنه قتل آلاف الجنود ومئات الضباط وما يزال , الاشتراكي بكى على الإقصاء ثم رجع وسكت عنه بل وسوغه ودعا إلى الحوار ثم صمت حين تم تجاوزه , كثير من الكذبات يعتبرها هؤلاء حذلقة وحذاقة ومراحل سياسية ومواقف وطنية , كلهم يكذبون ونحن نصدق بل وتجد الناس يتقبلونها كأنها يقينيات أرسطو وحقائق اينشتاين وقواطع الغزالي العقلية , يجب أن يعرف الناس أن هذا استغفال لعقولهم واستغباء لأفكارهم , وكأني بهم يستخدمون ما يسميه القرآن: ظاهر للناس وباطن في النفوس, وإن تغيرت الأمور التي من أجلها يناورن خداعا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)) وهكذا بدون حياء وضمير يمارسون العهر السياسي بمسميات وطنية وديمقراطية ووطنية وإسلامية ومظلومية , وتستمر ظاهرة الاستغباء إلى حين يقظة عقل المواطن في التفكير المتنور بقواعد العقل والقرآن ..... وللحديث بقية.