طوال السنوات الماضية ونحن نسمع التصريحات الرنانة والعاطفية من قبل الأطراف الدولية عموماً والإقليمية خصوصاً والخليجية على وجه الدقة والتحديد والتي دائما ما تتحدث عن أهمية اليمن الجيوستراتيجية والديمغرافية وضرورة ايجاد يمن مستقر خاصة وأن اليمن له حدود مشتركة مع الرقعة الجغرافية التي تحوي أكبر بحيرة نفطية في العالم كما أنه يمثل البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية وكثيرا ما نسمع تصريحات السياسيين الخليجين بأن أمن اليمن والخليج وجهان لعملة واحدة.. دافعي لكتابة هذا المقال ليس سراً، بل هو محاولة في الاسهام في قراءة تفاصيل ومسار مستقبل المشهد القائم ومقارنته بمحطة مر بها اليمنيون وتجاوزوها رغم صعوبتها وهي أزمة حرب الخليج وطرد مليون مغترب من المملكة العربية السعودية والخليج.. فما يدور هذه الأيام في كواليس الأممالمتحدة وتزامنه مع مغادرة أغلب البعثات الدبلوماسية من بلادنا ويحز في النفس أن نعلم أن كل ما سبق تتبناه وتخطط له دولة جاره -نكن لها كل التقدير والاحترام- تسعى لفرض عملية عزلة سياسية على الشعب اليمني.. ولكنني أؤكد بأن هذا المسار قد تم تجريبه مع اليمنيين بداية تسعينات القرن الماضي وتحديدا أبان أزمة الخليج الأولى وتقريباً من قبل نفس الأطراف في مؤامرة استهدفت اليمنيين في قوتهم وأرواحهم وسعت لتدمير بلادهم وافشالهما فيوقت كانت فيه دولة اليمن في حالة أولى لحظات الاندماج الوحدوي ومثقلة بديون دولة الوحدة و رغم هذا كله تجاوزت تلك المحنة التي تم فيها معاقبة الشعب اليمني بقطع رزق ليس مليون فرد ولكن مليون أسره من دون من دون وازع ولا رادع.. وكما حاولت بالأمس تلك النظم السياسية المتحكمة في دولها قتل اليمن وشعبه وبائت محاولتهم تلك بالفشل نقول لهم اليوم وبكل ثقة أن اليمن الشعب والدولة اليوم هو أكثر وعيا وقدرة على تجاوز أي تحديات وعراقيل مما كان بالأمس.. كما أن الشعب اليوم يخوض معركة تحرر وقد اتخذ خياراته التي لا تفاوض عليها في بناء الدولة العادلة والبدء بمعركة مكافحة الفساد لتجاوز التحدي الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة لليمني.. هذه هي العناوين التي يرفعها اليمني اليوم وأَقَامَ من أجلها ثورة شعبية وهي العناويين التي طالما قلتم بأنكم معها فما لكم اليوم تقفون ضدها.. اليمن الشعب والجيش والمؤسسات عازمون على تحقيق هذه الأهداف المشروعة وقد حددوا خياراتهم لتحقيقها وإن أي تأمر من أجل افشال هذه الأهداف يعد بمثابة مؤامرة ولكنها ومهما دُفع لها ومهما كان حجم القائمين عليها فإنها أمام الإرادة الشعبية اليوم بمثابة كيد الساحر ولا يفلح الساحر حيث آتى.. ختاما في هذه المرحلة التي يسعى الشعب فيها بثورته وبقيادته الحكيمة والمتحررة من قيود الفساد الذي كبل وسد كل الخيارات وكل الاحلام، فكانت الثورة الشعبية وكان21 سبتمبر بمثابة الخطوط الأولى لبدء رسم خارطة طريق تحقق خيارات الشعب في العبور نحو المستقبل وبناء دولة العدالة ومكافحة الفساد وتحسين الوضع الاقتصادي. وكلمه نختم بها هي أن الشعب قد حدد البوصلة.. وكما قالت العرب عند الشدائد تعرف الاخوان والحليم بالإشارة يفهم. *أمين عام حزب الحرية التنموي