منذ15يوما والشعب متلهف لسماع خطاب التأريخ،خطاب المكاشفة الثورية القوي،هو المرتجى من هادي الآن، قبل أن يتمكن هادي من الفرار،كان الشعب قد كفر بهادي كليا ولم يعد يؤمل عليه في شيء؛لكن هذا الشعب نفسه الذي تعرض للخيانة من قبل الجميع،عاد ليبتهج بهروب الرئيس،ليس لأنه يؤيده؛لكنه أهون المفسدتين،فعندما أصبحنا بين فكي عصابة متوحشة ومخلوع حقود،وفصائل حراكية انتهازية، وقوى قاعدية متطرفة، فضلنا الارتماء في أحضان الرجل الخائن" هادي " انتعش الأمل مجدداً بخلاص هادي من قبضة المليشيا،قلنا حينها أن طعم الذل الذي تجرعة هادي طلية شهر وهو تحت الإقامة الجبرية،سوف يحرك روحة الضامرة وعقله الفقير، ساورنا شعور يشبه الحالة النفسية والفكرية للحر الذي تكبل؛فتمكن من الفرار؛ليعود بعقلية أكثر كبرياء وروح أكثر حدس وضمير أشد حيوية،كنت أتوقع أن يخرج هادي فور وصوله عدن، مرتديا فنيلة علاقي، وبجامة نوم، وبكفه كفن أبيض؛ليخطب خطابا ثوريا ارتجاليا ناريا،أمام جماهير الشعب المنتظرة للخلاص، كنا وما زلنا نترقب الخطاب الذي يزلزل الأرض من تحت أقدام المليشا وشبكة حلفها المهترىء، نريد قولا ينسجم مع هول الحدث، وعملا يرقى إلى حجم المغامرة التي أقدمت عليها بتحررك من سطوة العصابة، ما لك تضيع الفرص كلما تجلت أمامك؟ لماذا ترفق بمن أفشلوك وأذلوك وتذل من كرموك وناصروك؟ ألم يكن حري بك أن تعلن الحوثي مطلوباً للعدالة فور وصولك عدن، وقبل أن يعلن هو أنك مطلوب لعدالة المليشيا؟ حقاً لقد أضعت الفرصة ورحت تلوك السر بحقد جمل أقرب لمزاج الأبيني( حسب تعبير الكاتب محمود ياسين) تماماً كفاقد الثقة بالجميع؛ كونه خانهم جميعاً ، لكنك قد أخطأت التوقع، ولم تعلم أن الثائر لا يخون ولا يحقد ومتسامح وغفور، وتجاوزا لما كان؛ فقد باءت كل توقعاتنا بالخيبة،ورحت تقضي 15 يوما كما لو أن شيئاً لم يكن، هأهو هادي يصل عدن وخرجت الجماهير تهتف له وتشيد بمغامرته البطوليه،وانهالت عليه التهاني من هنا وهناك، وظل هادي حبيس روحه المسحوقة ولغته الركيكة التي تشكل نقطة ضعفه مذ تسلم السلطة قبل ثلاثة أعوام،ارتبك الحوثي كثيراً وظل خائفاً يترقب، فجاءت برودة هادي بردا وسلاما عليه، انتظر هادي أسبوعا ليقول : أن صنعاء محتلة،قلنا له أعلن عدن عاصمة مؤقته! قلنا له أعلن الحوثي جماعة إرهابية! قلنا له اطلب من السفارات الخليجية والعربية والعالمية العودة إلى عدن!قلنا له اطلب من إدارة نايل سات توقيف بث القنوات الفضائية الرسمية التي يحتلها الحوثي! قلنا له اطلب من الشركات النفطية الأجنبية توريد المبالغ المالية إلى البنك المركزي اليمني فرع عدن!قلنا له أعد ترتيب الوحدات العسكرية التي لم يسيطر عليها الحوثي بعد!قلنا له أعلن النفير العام! قلنا ...وقلنا وقلنا...،وما زال هادي هادئاً،15يوم، ولم يخرج الرئيس ليحدثنا عن مشروعه المستقبلي وخطواته في استعادة الدولة،بالنسبة لإمكانية صراخ هادي بصوت ثوري وخطاب حماسي ولغة ثورية تنتصر للشعب المذبوح، فقد بات مستحيلاً، ووفقاً لمروان الغفوري " اللحم الميت لا ينبض" فقد ذهب هادي يحتفل بهروبه تاركاً خلفه مدينة تنزف وشعب يستغيث،تماماً كما ترك الفتاه العذراء (صنعاء)تغتصب في ليل ال21 من سبتمبر دون أن يخجل من عار الفضيحة المدوية! بل أكثر من هذا قال" -جملته الشهيرة والمضحكة -"صنعاء لم تسقط ولن تكون حكراً على أحد" احتفل هادي يوم دخول الحوثي العاصمة كون الحوثي لم يتعرض له، وحزن الشعب لسقوط عاصمته، واحتفل هادي يوم وصوله عدن كونه تمكن من الفرار، واحتفل معه هذه المرة الشعب الباحث عن قشة ينجو بها من الغرق، وبات السؤال الآن: ماذا أنت فاعل يا رئيس؟ هل تعلم أننا مشتاقين لخطابك كثيراً؟ ليتك تعلم أن صمتك يقتلنا؟ تماما كما ردد ثوار حلب وحمص ودمشق والرقة هذا الشعار،ها هم ثوار تعزوصنعاء وإب والحديدة، يهتفون بصمت تعيس ؛ فلا تخوننا مرة ثانية،حتى وإن كنا نستحق ذلك؛ فلا تبالغ في احتقار الشعب الذي خنته وما زال يهتف لشرعيتك، هذه هي خياراتنا البائسة! هذا هو قدرنا التعيس، وحظنا العاثر في هذه البلاد المنكوبة، فخامة الرئيس: لا تشمت بنا الأعداء، لم نعد نحتمل نظرات الاحتقار وكلمات التهزئة،ما تجرعناه منك إلى الآن يكفى لتنكيس رؤوسنا طويلاً ، قد بلعنا مرارة الخيانة، وذهبنا لمعالجة نفوسنا بطريقتنا الخاصة ، نريد خطابا يقنع الجماهير أن هادي2015 مختلف عن هادي2014، نريد كلمات تضمد جراح الأرواح الثائرة، نريد خطوات تطمئننا أنك لن تبيع أصواتنا بثمن بخس كما فعلت بالأمس، نريد ضجيجا عمليا ودولياً يوازي ضجيج الحناجر الثائرة، نريدك أن تخرج في مسيرة عدنية وتخطب تحت حر الشمس وفي ساحة الأحرار؛كي نهدأ قليلاً، انفخ في ضحاياك روح التحدي كما فعلوا معك مراراً وتكراراً، رد لنا ولو لمرة واحدة جميلا واحداً! ما بالك تصفعنا كلما فتحنا لك قلوبنا! فخامة الرئيس: قل لنا ماذا ستفعل؟ ما هو شعورك تجاهنا؟ تعبنا يا هادي كثيراً، خطفونا، عذبونا، سجننونا، نكلوا بنا، يهددوننا صباح مساء ونحن نواصل مشوارنا ونخرج بعزيمة أكبر ونربط جرحنا النازف، ونهتف" لا حوثي ولا مخلوع الشرعية للدنبوع " عفواً لا يستفزك الشعار،فهو يلخص وضعنا البائس، ولا بأس لو تحملت هذا الشعار ممن يدافعون عنك فقد تحملنا ما هو أبشع من مجرد شعار، تحملنا خيانتك تحملنا قهرك تحملنا فشلك . وها نحن نتحمل صمتك القاتل وبرودتك الباعثة للكآبة والجالبة للعار الذي يلاحقنا مذ خرجنا نهتف للكرامة..!!