النقد في زمن الحرب '' خيانة '' مبدأ من أدبيات الثورة في زمن الحروب و نص صريح يكتب بالخط العريض, لفداحة النتائج المترتبة عليه في سير الحراك الجماهيري و تأليب الشارع و تصيد الأخطاء بما يشكل من أرضية خصبة لاجتذاب الخارج و تأييد العدوان و المؤامرة و تربص الأعداء و إيجاد ثغرات في المجال الحيوي الوطني المقاوم لولوج المندسين و الخونة لضرب الوطن من العمق و تفتيت الجبهة الداخلية مما يسهل ابتلاع الوطن و انهاك قواه في مواجهة الخارج و إلحاق الهزيمة به. حذى أغلب المفكرين و الفلاسفة طريق الصمت في مراحل حساسة و خطيرة يمر بها الوطن في زمن الحروب و الثورات رغم أخطاءها و إنحرف مسارها أحياناً أخرى و لكن بصمت لأنهم يدافعون عن مبادئ سامية و أهداف نبيلة و أولويات ذات أهمية قصوى, فثورة الحرب أو حرب الثورة ليست قالب سياسي يسهل التحكم به و تشكيل عجينته بالشكل المطلوب, خاصة مع تنامي المؤامرة و الثورة المضادة , و ما يحصل الآن في اليمن حرب وليدة ثورة ضد عدوان سافر و تزاوج ثورة و حرب معاً ضد الوصاية و الإعتداء الغاشم .. المفكر و الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر '' معلم النقد الجدلي '' ساند في كتاباته و مواقفة الثورة الماركسية المقاومة و استكمل مع سيمون دى بوفوار و زملاءهم رفض الرأسمالية كما تبنى الثورة الكوبية, و غض الطرف عن أخطاء عديدة كادت تساهم في إنهيار الثورات و الأوطان. و تولد اليأس الجمعي العام مما يثبط العزيمة و الانتكاس و النكوص .. موشي دايان القائد العسكري قال يائساً : لا أنا ولا أي جنرال “ إسرائيلي ” آخر قادر على هزيمة الفلسطينيين .. الذي سيهزمهم هو الجنرال “ يأس ” . و لعل أجمل تعبير عن الثورات للكاتب البريطاني ويليام جودون (الثورة تحدث نتيجة الإستبداد و الطغيان، و لكنها نفسها حبلى بالطغيان), مع ذلك ظلت الثورة هي صانعة التأريخ و ملهمة الشعوب للتغيير, و لم تخلو ثورة عالمية من الانتكاسات و أحيانا الفشل و إطالة الأمد , أمثال الثورة الفرنسية التي راوحت مكانها العشرة أعوام حتى تحقق لها النصر الاكيد , و ما حصل بعدها من سلسلة إعدامات جماعية بقيادة السفاح الثوري ماكسيميليان دو روبسبير .. و لكنها رغم ذلك تبقى ثورة شعبية الهمت ثورات و شعوب أوروبا و العالم الحر.. جورج بوشنر يسطر أجمل تعبير عن الثورة بخواطر عتابية آخاذة '' الثورة مثل زحل تأكل أطفالها'' ! النقد البناء تحت سقف الوطن و ثوابته و خطوطه الحمراء من الحفاظ على سيادته و أمنه و استقلاله و وحدته و سلامة أراضيه و ليس النقد الهدام كمعول هدم يقوض الوطن و يصيبه في مقتل .. توجيه سهام النقد بطريقة مبالغة الى الجيش و اللجان الشعبية و الحراك السياسي الداخلي المقاوم للعدوان الخارجي يخدم أعداء الوطن و يساهم في تمرير المخططات بقصد أو بدون قصد, يساعد مفتوني النقد الهدام أعداء الأمة في تماهي المشاريع التمزيقية و إفشال الإلتفاف الشعبي لتحقيق أهدافه السامية, و يساعد على تفتيت اللحمة الوطنية و التحريض و عرقلة مسار ديناميكية الصمود و الانكفاء على الذات في وقت أحوج ما نكون فيه الى تكاتف و تعاضد الجمع الشعبي لسرعة الانجاز و إحراز النصر و رد الإعتبار للكرامة الوطنية.. أكتب ما أكتبه مع تنامي النقد الهدام للقوى الوطنية و النكران لها من قبل البعض و التعرض لسفاسف الأمور – و إن عظمت – و تأليب الشارع العام على تجاوزات طفيفة التي إذا ما قورنت بمنجزاتها العظيمة في الداخل كمحاربة القاعدة و مواجهة الخارج في الحدود تبقى شيء لا تذكر.. لذا أوجه نداء إلى هؤلاء جميعاً لحينما تضع الحرب أوزارها و ننتقل الى السياسة و الدولة الآمنة المستقرة قولوا ما شئتم و افعلوا ما شئتم .. و رفقاً .. رفقاً بالوطن ..