في البدء لابد أن نتفق على مايفترض أنه بديهية لدى كل العالم، وهو ضرورة وأهمية وأساسية وجود سياسة خارجية فعالة لأي دولة كبيرة أو صغيرة في السلم والحرب بل وضرورة أن تكون نشطة بقدر أكبر في أزمنة الأزمات الكبرى والحروب، وبأن أي دولة ، أو حتى كيان، يهمل سياسته الخارجية ويتركها تموت وتضمحل هو بذك يخرس صوته ويميت فعله ويترك نفسه للآخر ليفعل به ما يشاء. للسياسة الخارجية اليمنية سبعة إشكاليات رئيسية لو أردنا ان نحلم بأن يكون لدينا سياسة خارجية تخدم اليمن واليمنيين في هذا الظرف الصعب والاقتتال بكل اشكاله، يجب ان نتحدث عنها ونعرضها للبحث والدراسة والتحليل ونعترف بها ونتجاوزها بأسرع وقت ممكن 1. الموارد الهزيلة والمعدومة احيانا: لا أتصور أبدا انه بالإمكان بأي شكل من الأشكال لأي سياسة خارجية ان تتحرك بدون موارد، ووزارة الخارجية اليمنية ميزانيتها أقل من ميزانية التلفزيون اليمني او مصلحة شؤون القبائل، لا أتصور أنه في زمننا هذا تستطيع شركة ان تسير علاقتها الخارجية بمبلغ مثل هذا فما بالك بدولة! البعض سيمط شفتيه امتعاضا من التفكير المادي والتشخيص المالي للخلل إلا أن الواقع يقول لابد من وجود ميزانية لأي عمل ووزارة الخارجية اليوم تعاني من انعدام الموارد بشكل كامل فلم ترسل مرتبات للدبلوماسيين ولا ميزانيات للسفارات منذ خمسة اشهر ولا ارسلت موظفين بدلا عمن عادوا منذ يوليو الماضي..وفي الوقت الذي يتعاظم الاحتياج للدبلوماسية في ظروف مثل التي تمر بها بلادنا نجد الاطراف كلها تهمل الدبلوماسية اليمنية...من غير العادل ان تقطع جناحي طائر وتطلب منه ان يطير فمابالك بمن يقطع رأسه. 2. عدم وجود رؤية ولا اهداف واضحة لمرحلة الازمة: ماهي الأهداف الرئيسية "المحددة والواضحة والقابلة للقياس والتقييم" التي يجب على السياسة الخارجية تحقيقها خلال هذه "الأزمة" بعيداً عن العبارات العامة، فالسياسة الخارجية اليمنية بأكملها لا تمتلك رؤية محدثة ولا اهداف قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى وتتحرك في ظل الأزمة في اقل قدر ممكن من الحركة. 3. قاعدة أداء الرجل الواحد: باختلاف الوزراء بقيت القاعدة في تركز كل الاعمال على الوزير وبعض النظر عن من حوله من دائرة ضيقة جدا، ولهذا اثر مدمر في تهميش وتعطيل واضمحلال بقية الجهاز الدبلوماسي وفقدانه للقدرة على التحرك والعمل مع الوقت، بالإضافة الى نتيجة هامة جدا وهي تأثير هذا التفرد على الأداء الخارحي وشخصنته وضعفه 4. تعدد الجهات التي تحاول تسيير دفة السياسة الخارجية اليمنية 5. محاولة تأثير الجهات المتنازعة على سير الدبلوماسية اليمنية وفقا لأفكارها ومعتقداتها وهو مافشلوا فيه بحمد الله بدليل أن كل الاطراف تتهم الدبلوماسيين اليمنيين انهم مع الطرف المعادي لهم وهو دليل واضح ومؤكد على المهنية والعمل مع الوطن ولا أحد غير الوطن 6. التفاعلات الخارجية الضخمة التي يجب لليمن ان يكون لها موقف واضح وسليم منها مبني على المباديء الرئيسية للجمهورية اليمنية 7. عدم وجود سفراء لليمن في دول العالم: باستنثاء عدد قليل جدا من الدول لا يتجاوز اصابع اليدين، فإن اليمن ومنذ 2011 لم تعين سفراء عوضا عمن تم استدعاؤهم لنصل لحالة الفراغ التي نعيشها اليوم، ، كيف نتصور ان تستطيع السياسة الخارجية اليمنية تحقيق أي أهداف وهناك من يعرقل ارسال سفراء محترفين لهم خبرة في العمل الدبلوماسي يستطيعون خلق قنوات حقيقية وفعالة مع العالم ويستطيعون تحقيق أي أهداف مفترضة، اضف لذلك استدعاء عدد كبير من الدبلوماسيين وايقاف عملية ارسال بدلاء لهم لأول مرة في تاريخ الدبلوماسية اليمنية. السياسة الخارجية والدبلوماسية اليمنية لا تقل أهمية عن بقية أدوات الدولة الاخرى مثل الجيش والأمن، بل إنه يفترض لو تم الإهتمام بها جيدا أن تكون أكثر أهمية وتأثيرا في ظروفنا الحالية. في الأخير ارسل احترامي وتقديري لكافة الدبلوماسيين اليمنيين الذين يعملون بدون راتب وتحت الضغط الشديد وبأقل الأمكانيات، يقدمون الخدمات ويتلقون نقدا بدون معرفة، وطنيين مهنيين لا حزبيين ولا متحزبين لأحد، ابطالاً مجهولين يعملون لأجل اليمن ولا أحد غير اليمن.