الجزء الاول أول خطوات الاصلاح تبدأ باستعراض عملي وصريح وان كان مقتضباً وقاسياً لعوامل فشل تجربة هيئة مكافحة الفساد منذ تشكيلتها في يوليو 2007م حتى يومنا هذا مارس 2016م (تسع سنوات فشل) اولاً: الفوضى التشريعية المشهد الاول : أنشأ المشرع الوطني " الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد " بمقتضى القانون رقم (39) لسنه 2006م الصادر في (25) ديسمبر 2006م (( التعريف/ الهيئة : الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد المنشأة بموجب هذا القانون – المادة (2) من القانون )) ولكن ، سبقت الاشارة الى هذه الهيئة بل وسبق تعريفها قبل أربعة أشهر من انشاءها وذلك في (19)أغسطس 2006م بموجب قانون الاقرار بالذمة المالية رقم (30) لسنة 2006م . (( التعريف/ الهيئة : الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد المعنية بتنفيذ هذا القانون – المادة ( 2) من القانون )) وبعبارة أخرى ظهر شبح الهيئة قبل أن يستوي كيانها الاعتباري !! وبهذه التسمية وحدها تحايل المشرع اليمني على واحد من أهم القوانين الاستراتيجية السارية في البلد وهو قانون الهيئات والمؤسسات والشركات العامة الصادر في عام 1991م والمعدل بالقانون رقم (7) لسنة 1997م . السؤال الاول : لماذا صدر قانون الذمة المالية " الابن" قبل صدور القانون "الاب" قانون مكافحة الفساد ؟ بالمعنى .... كيف يولد الابن قبل أبيه ؟! ما هي الحكمة ؟ أو ربما كانت هناك دوافع لإصداره – فما هي هذه الدوافع ؟ هل كان الدافع مثلا أنشاء هيئة متخصصة بمكافحة الكسب غير المشروع الذي تكون اقرارات الذمة المالية هي المحور الاساسي في هذه المعركة على غرار المشروع الفلسطيني للعام 2005م الذي أنشاء هيئة وطنية لهذا الغرض تتمحور وظائفها حول حفظ الاقرارات بالذمة المالية وفحصها والتحقيق في الشكاوى الخاصة بالكسب غير المشروع ؟ السؤال الثاني: والمشرع الوطني عاكف على صياغة قانون مكافحة الفساد ، لم يتبادر الى ذهنه الغاء قانون الذمة المالية وضمه الى القانون الاب سيما والمعروف ان اقرارات الذمة المالية هي عبارة عن جزء من عملية "الوقاية من الفساد" وفي العادة تتولى القوانين الخاصة بمكافحة الفساد تضمين فصولها فصلاً أو باباً خاصاً بإقرارات الذمة المالية وأقرب الامثلة واوضحها نأخذ القانون الجزائري الصادر في العام ذاته الذي صدر فيه القانون اليمني وهو عام 2006م ( القانون الجزائري في فبراير واليمني في ديسمبر) واسم القانون الجزائري قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وقد افرد هذا القانون الباب الثاني منه لإقرارات الذمة المالية وتحت عنوان " التصريح بالممتلكات " سردت المواد 6،5،4 منه أهم جوانب التعامل مع إقرارات الذمة المالية ولو عمل الباحث اليمني المهتم مقارنه بين القانونين الجزائري واليمني سيجد أن كثيراً من احكام القانون اليمني منقولة من القانون الجزائري وللجزائر هيئة كما لليمن هيئة لمكافحة الفساد اسمها الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته . فلماذا لم يقتبس كاتب قانون مكافحة الفساد اليمني من القانون الجزائري تلك الاحكام الخاصة بإقرارات الذمة المالية ويرتبها في فصل من فصول قانون مكافحة الفساد فالأمر ليس معيباً ! وعلية يظل الجواب سراً وعلى السؤالين !