لربما ظن القراء المتابعون لحلقاتي الست ،بأنني بعنوان "الخلاصة " في الحلقة السادسة وهي ذات قسمين اكون قد استكملت استعراض عيوب القانون؛ وبالأحرى ، عيوب المُشَّرِع ! ... لا اطلاقاً ،فعيوبه عند القارئ لقانون مكافحة الفساد في نصوصه واحكامه ،لا تقتصر على تلك التي المحت اليها في الاجزاء الخمسة من الرؤية وانما تفوقها اضعافاً؛ وما كانت الحلقة السادسة بشقيها الا عباره عن "استراحة " ليَّ وللقارئ المتابع ايضاً ؛واعتقد انني مع القارئ قد التقطنا انفاسنا .....فلنواصل !! يقول المثل المحلي ....."أجا يبوسها عور عينها " لماذا عور عينها ؟لان للبوسه حكاية ؛فقد كانت "بوسة حصان A horse Kiss"!!وهي مستخدمة عند الناطقين باللغة الانجليزية وتقصد المعنى ذاته الذي يقصده مثلنا المحلي ! وبكلمة اخرى .....اراد المشرع أن يطمئن المانحين الاجانب ويزيل الشك عنهم الذي يساورهم حول اهم عامل من عوامل تكوين الهيئة وهي "الاستقلالية Independence " فأكد على هذه الاستقلالية بأسلوب نشاز ، بأكثر مما يجب ؛ وذلك على النحو الذي جاء في المادة 15 من القانون ، التي نصت على .."ان تؤدي الهيئة مهامها واختصاصاتها باستقلاليه وحيادية كاملة وفقاً لإحكام هذا القانون" ((الى هنا والنص جميل وصحيح ،الا انه شوه جمال النص مضيفاً ..." ولا يجوز لأي شخص او جهة التدخل في شؤونها ،بأي صورة كانت".. ((ثم هددّ)).."ويُعد مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون" ((وزياده في تخويف من تسول له نفسة التدخل في شؤونها ،اكان شخصاً ام جهة ،لوّحَ انه سيحاكم هذا المتطفل وبأن الدعوى ابديه ))...."ولا تسقط الدعوى بالتقادم" _ انتهى _ لقد حول المشرع الهيئة الى واحده من "حريم Harem السلطان " وحجبها عن الاشخاص ،( ويقصد القانون بكلمة شخص /الشخص الطبيعي ) (وايضاً عن الجهات ويقصد القانون بكلمة جهة/الشخص الاعتباري )، بما يعني ان الافراد والمرافق العامةلا يجوز لهم الاقتراب من الهيئة ! لقد تضمنت هذه المادة احكاماً ونصوصاً مبهمة وغاية في الغموض فمثلاً –نعرف ماذا يعني التدخل ... ولكن لانعرف ما هو المقصود ب..."في شؤونها !"اية "شؤون" يعنيها المشرع ؟ لنفترض ان مواطناً تقدم الى الهيئة بملف يحتوي على شكوى بفساد رئيس المرفق الذي يعمل فيه ،وفي الملف وثائق داعمه لشكواه. وانتظر شهر وشهرين وثلاثة او ستة اشهر والهيئة في سبات عميق لم تحرك ساكناً – فجاء بحسن نية يراجع الهيئة محاولاً إيقاظها من سُباتها (يحصل مثل هذا الامر بصورة ملفته للنظر )ويذكرها هذا المواطن بخطاب تذكير Reminder فيه نقد وعتاب ،فهل يا تُرى سيكون هذا التذكير "تدخلاً" في شؤونها الداخلية وبالتالي سيعتبر هذا التدخل جريمة سيلاحق المسكين بسببه قضائياً ؟! لقد عشت شخصياً عدداً من هذه الوقائع ومنها دون حصر ...حصل وتسلمت في مطلع عام 2014م خطاباً من رئيس احد القطاعات يطلب مني ان "افتيه" في موضوع خاص بالمنطقة الحرة /عدن (حيث كنت اعمل فيها من عام 1991م حتى 2009م) يتعلق بمشروع سكني في كابوتا وهو موضوع اعرفه ؛ ونزولا عند رغبته وضعت الفتوى محدداً بأن الموضوع فيه فساد "بامتياز "ويتوجب النزول الى عدن للتحري فيه بل وحددت مكتباً هندسياً هناك للاستشارة .. ويحمل الملف مندوب عن المتضررين من ذلك الفساد دأب على الترحال من عدن الى صنعاء مثل رقاص ساعة الحائط !!فماذا لو احتج هذا المواطن المتابع وطالب الهيئة على الاقل بخسائره التي تكبدها مواصلات وفنادق في صنعاء على مدى اكثر من سنتين دون استجابة ؟ هل سيُعتبر المسكين متدخلاً في شؤون الهيئة وهل ايقاضها من سُباتها الدائم يدخل ضمن شؤونها الداخلية يعاقب عليه القانون بحسب المادة رقم 15 من القانون ؟! وعباره " بأية صوره كانت "هي الاخرى غامضه !وهي تعني في مفهومي ان التدخل محظور حتى وان كان "بصورة قانونية سليمة "! وتقف عبارة ...." يعاقب عليها القانون "شاهدة اخرى على واحدة من قصور المشرع ..فأي "قانون" يقصد المشرع ؟!واذا رجعنا الى مادة التعاريف ، لن نجد تعريفاً لاصطلاح كلمة "القانون " المقصود في هذه المادة ، وقد كان حرياً بالمشرع ان يعرف القانون "بانه القانون المختص" لكي يزيل الغموض. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet