من مناشدة اخلاقية الى مشروع سياسي وطني عشر سنوات مضت على اطلاق الدعوة للتصالح والتسامح ولكن شيئاً كثيراً لم يتغير في الواقع ، وعلى العكس فقد ازدادت الأستقطابات والتعيينات والتشكيلات والعداءات القرويةوالمناطقية وتكريس النزعات الأنانية الضيقه بدون الادراك بأن بعض تلك الظواهر كانت القشه التي قسمت ظهر البعيرفي صراعات الماضي وادت تداعياتها الى ان اضعنا دولةً واذا سمحنا لها ان تتكررفي المستقبل فسنضيع وطناً، و"التاريخ لن يكرر نفسه الا بشكل المأساة اوشكل المهزله او كلاهما معاً" كما تقول الحكمه التاريخية وكما قال القائد فرونزا "اذالم نطلق مسدساتنا على الماضي سيطلق مدافعه علينا" في الماضي ومع بدايات ظهور تلك الخلافات والنزاعات في كل مرحلة كنا ندعو لمعالجتها وتعزيز الوحدة الوطنية ونحذر من النتائج الكارثية لاندلاع احداثها الا ان احداً لم يكن يسمع اصواتنا من الصفوف الخلفيه بينما البعض كان يراها موقفاً عدائياً قبل ان يدرك صوابها في وقت متاخر، واعتقد ان هناك من لازالوا يعيشون معنا على قيد الحياة يتذكرون ذلك ، واليوم نجدد قرع اجراس الخطر قبل ان يصبح واقعاً ًاذا ماتركت الامور تمضي على عواهنها، وندعو كل من عاشوا تجارب الماضي وجميعهم عانوا اوخرجوا منها خاسرين وكل القادرين على المساعدة في كبح تفاقم ظواهر التفكك السياسي والمجتمعي وتنامي مشاعرالعداءات الفئوية والمناطقية،وان نعمل جميعاً كي لايعيش الجنوب انقسامات وصراعات جديدةً مرةً اخرى ،وان ندعواشقاؤنا واصدقاء وشركاء الجنوب من الخارج لدعم حق الجنوبيين في الحياة بسلام في ضل الحرية والعيش بكرامه وحقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم ،ان الوقت مازال متاحاً ومازال هناك متسعا ًمن الوقت و زمن كاف لوقف تدهورالخدمات والأوضاع العامة الى الأسواء فالسلطات المحلية والقوى الأمنية تبذل جهوداً جبارة مدعومة من المجتمع وسط تهديدات قوى التطرف والأرهاب ، ان شراكة الجميع في مواجهة تلك التحديات غدى يكتسب ضرورة موضوعية، ذلك ان نتائجها الكارثية المحتملة لن تتوقف عنداذكاء الفتن المقيته بل تتجاوزهاالى تمزيق الجنوب وجعله بيئة خصبه للتطرف والأرهاب ليلحق الضرر بالجنوب ومحيطه الأقليمي والدولي . ......... ولتفادي تلك المألات المحتمله فان تطوير الدعوة للتصالح والتسامح من مناشدة اخلاقية الى مشروع سياسي وطني اصبح حاجة ملحة لبعث القيم الوطنية والأجتماعية والأنسانية التي قامت عليها كل الأنتصارات المحققه في الماضي والحاضر واستلهامها لتأمين الأستقرار والحرية والأزدهارللوطن، وفي سبيل ذلك فانه من الضروري النضرالى خلفيات الحاجه لدعوة التصالح والتسامح في اطارها التاريخي الأشمل . ...... في مسيرته النضاليه المجيده من اجل الحريةوالكرامة الوطنية والتقدم الأجتماعي اجتازالجنوب دروب من الألام والأمال من الأنتصارات والأنكسارات من النجاحات والأخفاقات ، ولكن تأثير التخلف الأجتماعي الشامل والأختلافات حول افضل الطرق للقضاء عليه ،وتجارب الثورات اليسارية الشعبوية،وغياب ارث الدوله الوطنية،ونقص المعرفة ،وهيمنة الثقافةالتقليدية والشموليه ونزعاتها الأنانية،والضغوطات والتدخلات الخارجية وجد الجنوب نفسه في حالة من الصراعات المتلاحقة التي استهلكة الكثير من مكاسب الثورة وقيمها والكثيرمن قيادات الوطن وكوادره اضعفته وافقدته الأمكانية والقدرة على تطوير دولته الوطنية ورؤية المستقبل بصورة افضل ودفعته الى وحدة سياسية يمنية فاشله انقلبت وبالاً عليه بحرب عدوانية ضده في العام 1994م انهت شراكته السياسية ودمرت مؤسساته ونهبت ثرواته ولاحقت وشردت قياداته وكوادره وفاقمت المأساه اصرار قوى الهيمنه والعدوان على استعباد الجنوب بشن الحرب الظالمة عليه من جديد في العام2015م . ....... . ومعها ادرك الجنوب بانه اضاع كل شيئ و عاد الى نقطة الصفر وان عليه ان يشرع من البداية لاستعادة حقوقه الوطنيةكما ادرك في الوقت ذاته انه لن يحقق ذلك بدون تجاوز ارث الصراعات الماضية ويتحد في مواجهة العدوان ،فرفع دعوة التصالح والتسامح وانتصربها وكان يمكنه البناء عليها وتعزيزهابانجاز سياسي في السيرعلى طريق توحيد الحركة الوطنية الجنوبية وجعلها اطاراً جامعاً لحشد كل قوى المجتمع الجنوبي وتنضيم مشاركته في مواجهة كل تلك التحديات التي تقف امامه ............ والبداية تكمن في استيعاب المعاني الكاملة لدعوة التصالح والتسامح ، فالناس هنايتسامحون من ما ذا؟وعلى ماذا يتصالحون . انهم يتسامحون على ماارتكبوه ضد بعضهم في مراحل مختلفة من اعمال عدائية اوقعت الكثيرمن الضحايا واهدرت الكثيرمن الحقوق والمصالح الخاصة والعامة وهدفت الى استبعاد طرف وسيطرة طرف اخرمن نفس النسيج الوطني والأجتماعي ، والتصالح يعني نبذ تلك الأسباب والنتائج وهذا يحدد ان التسامح يقوم على التخلي عن نزعة الأستئثاروالأقصاء ويقوم التصالح على اقرار مبداءالشراكة الوطنية واعتماد مبداءالكفاءة والنزاهة في الوظيفة العامة وليس شيئاً اخر ، والأنطلاق من ذلك للعمل معاًلتطبيع الاوضاع العامة،واضفاء الطابع الوطني على كل المؤسسات المدنية والعسكرية ، والحفاظ على البنية التحتية لمؤسسات الدولة وتطويرها وتأمين الخدمات الأجتماعية للشعب ، وتحقيق الأمن والأستقرارومحاربة الأرهاب، وتشغيل المرافق الخدماتية والاقتصاديةالمنتجة بكفائةونزاهة وهي التي كانت تؤمن موارد الموازنة العامه لدولة بأسرها وضمنها النفقات الجارية لدفع رواتب قرابة ال350الف موظف والايفاء بكل متطلبات قوات الأمن والدفاع الوطني لافضل جيش في المنطقة بأسرهاً ، واذاجرى التعاون والدعم والعمل معاًلأنجاز هذه المهام تكون قيم التصالح والتسامح قد وضعت في خدمة الشعب بالدرجةالاساسية . ........ ان على نشطاء الحركة الوطنية الجنوبية وهم يثابرون اليوم لأحياء الذكرى السنوية لدعوة التصالح والتسامح ان يقيموا مدى الأستجابة الفعلية لتلك الدعوة في الواقع وعليهم ان يضيفو او يبتكروا الأمكانيات والأساليب لتطويرها من مناشدة اخلاقية الى مشروع سياسي وطني وصياغة معاني واهداف تلك الدعوة في اطاروثيقة وطنية تحضى بالتأييدوالدعم من كل الفعاليات الثورية والسياسة والمجتمعية والتوافق على تشكيل هيئة وطنية لمتابعة تنفيذها بالأستفادة من تجربة تشكيل هيئة مكافحة الفساد مع مراعاة اختلافهماطبعاً . وبذلك نكون قد منحنا الذكرى السنوية لدعوة التصالح والتسامح حق الأحتفاء والأحتفال الذي تستحقه كمناسبة وطنية فعلاً لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet