محمد الجرادي - لا أجد تفسيراً منطقياً لاستباقية المؤتمر الشعبي العام القول عن ما يسمى بمهرجان ال13 يناير للتصالح والتسامح في عدن من أنه (لا يراد منه غير تحويل الخلافات السياسية إلى ثارات ذات طبيعة مناطقية أو اجتماعية أو شخصية لتتحول إلى أحد أشكال الابتزاز السياسي...).وهو ما جاء في بيان أمانته العامة الخميس الماضي. والأكثر لا منطقية في تقديري أن يبذل المؤتمر أقصى درجة في الحديث عن موقفه الأصيل من التصالح والتسامح والتأكيد على أن ذلك (قيمة مؤتمرية وطنية أصيلة.. وموقف وطني وقيمة أخلاقية وإنسانية واجتماعية كبيرة..) فيما لا يرى المؤتمر إمكان أن يتوافر على هذه القيمة عداه. نعم، أراد المؤتمر الشعبي العام في بيانه الاستباقي للفعالية أن يقول إنه مع التسامح والتصالح بما فيه خدمة السلام والأمن الاجتماعيين، وتقوية حلقات الوحدة الوطنية.. لكنه للأسف لم ينجح إلى حد ما في إيصال ذلك بوضوح. وكان معقولاً أن يبدي المؤتمر شيئاً من حسن النية تجاه هكذا دعوات واستعدادات، أو هكذا شعارات، هي في كل الأحوال (أخرج) من شعارات هي أبعد ما تكون عن معاني السلم والتسامح والعفو والصفح!!. وكان ممكناً –أيضاً- الاكتفاء بالإشارة إلى أن مبدأ التسامح والتصالح يجب أن يكون مجسداً في الأرضية العملية لممارسة الأدوار في المجتمع، وأن المصداقية في رفع مثل هذه الشعارات هي المحك في نهاية الأمر. كل ذلك بالطبع لا يعني أن الدعوة إلى التصالح والتسامح اليوم تمتلك كل منطقيتها ومعقوليتها، خاصة بعد نهار 22 مايو 1990 الذي شكل تجسيداً عملياً لتصالح وتسامح كل اليمنيين، وهذا ما نجح بيان المؤتمر في الإشارة إليه. ومع ذلك.. فلتكن هناك دعوات للتصالح والتسامح وإغلاق جراحات ونزيف الماضي ولا بأس من مبادلتها مبدئياً المباركة والتأييد.. إلاَّ أن تكون إفرازاتها ونتائجها مدعاة لمزيد من إشعال الفتن واتساع بؤر الصراعات وتصعيداً لمظاهر اللااستقرار الوطني. [email protected]