اولا و قبل كتابة أي حرف ، اهدف الى التأكيد ان في قلبي ايمان بالله لو اجتمع الايمان في كل قلوب المؤمنين لما ضاهى و لا حتى طال ايماني انا وحدي بالله و بقدره خيره و شره. لذا لا يأتيني من يجادل او يكفر! فقد اصبحت حرفة من لا ثقافة له! كلي ثقة ان" الأعمار" بيد الله وحده. واثقة ان القبر " مكان" سنصل اليه كلنا، انا و صاحبي و عدوي. واثقة ان الرزق بيد الله.، يوزعه اين يشاء ، كيف يشاء. الله حر بنعمه اما نحن فنعمل، نكد و نسعا لكن بدون التوفيق منهيضيع كل كدنا هباء او نتوفق ان شاء. الرزق طبعا ليس بمعنى المال فقط ، و انما الصحة ، الجمال، الهوية ، الحب، الأسرة، البنون، الذكاء ، النجاح الوظيفي و كل شيء ، كل شيء بيد الله. لا تتفكر لماذا و كيف، انه ليس شأنك ، بل شأن الله. انا اليوم لأول مرة لن احكي قصة عن الوطن اوعن هم من هموم اليمن. أحكي هذه المرة قصة صديقتي التي لا يعرفها أحد. لا يهم ان تعرف اسمها لأنها اساسا ما عادت حية ، باتت ساكنة حفرة اسمها قبر لكن يكفي ان تتخيل انها احدى قريباتك لكي تحسبما سأكتبه. صديقتي لم يستهدفها صاروخ سعودي ، و لا قنصها قناص حوثي ، لكنها للاثنين ضحية ! غزل الاثنان شبكة سقطت في فخها هي ، كانتفراشة جميلة بين خيوطها اختنقت، تفتتاجنحتها فماتت. هل تفهمني؟ معلوم علم اليقين ان الأعمار بيد الله ، لكنهم كانوا السبب و الله يسبب للأجل اسباب. اناس تموت مرض، ناس تموت قصف، ناس تموت حوادث ، ناس تقضي غرق.... اما صديقتي– قاتلهمالله - فموتوها قهر! انهم السبب في الضغوطات التي اطبقت على قصبتها الهوائية و منعتها من التنفس. انهم السبب في شعورها باليتم معظم الليالي. كانت كثيرة التلفت في كل صوب منذ اندلاع الحرب كأنما تسأل روحها:-"إنا صدق؟ هي هذه اليمن؟ " انهم من سكب في كيانها فيضان من اليأس. انهم جواب لكل سؤال "من" ؟ من احزنها؟ هم . من قهرها؟ هم. من ابكاها على اليمن؟ هم. من امرضها؟ هم. من رفع ضغطها حتى انفجر العرق في دماغها. هم. من انامها ليلا و دمعتها على خدها؟ هم. من اهانها لأنها غير آمنه في وطنها؟ هم. من قتلها دون سلاح؟ هم. من عندما ماتتوقبل ان ُتوارى الثرى علقت في عنقهم ذنبها؟ انهم هم. فلا اطباء ماهرين انقذوها ، لأنهم ما طاقوا البقاء في اليمن ،لماذا؟ بسببهم هم. يتحكم بالأطباء"مقوت" ، ُيجبر الأطباء على تنفيذ اوامر راعي حمير ، استيقظ ليجد نفسه في مستشفى" مدير"! لا مطار مفتوح ليسعفها اهلها ، و ينقذونها. صحيح ان اغلاق المطار بسبب حرب ،لكن من سبب الحرب؟انهم هم! كانت صديقتي صحتها صحة طفلة. لم يكن فيها لا داء و لا علة. لا هي مصابة بمرض الكبد، و لا القلب، و لا الكلى، و لا سكر و لا ضغط ولا أي مرض! لكن رأيتها بعيني تموت رويدا رويدا... بمرض عضال! كانت تشير الى قلبها و تمازحني قائلة :-" القهر ، هله." اليوم انا لا منطقية ، لا عقلانية ، لا بل انا اليوم مع سابق الاصرار و الترصد ، لا مانع لدي في وصفي، مفترية ،مفترية، مفترية ! قتلتم من صغارها امهم ليت ربي يهديكم ما اعطيتموها هدية. قتلتم صديقتي و يتمتم صغارها الأربعة ، الله لا اذاقكم بصر و لا عافية و لا لقمة هنية." استغفري الله "قال لي متحذلق ، استغفره انت اما انا فأتوب اليه لكن ليس من كلامي لكن من وجودهم في حياتنا .فوجودهم خطيئة تتجاوز خطيئة الزنا و شرب الخمر و كل الفواحش المخزية ! ماتت صديقتي و ذنب موتها في اعناقهم. ماتت قهر! مثلها كثيرات و كثيرون انا لا اعرفهم، لكنني اعرف صديقتي. اعرف وجهها، صوتها، لون عينيها. اعرف كم تحب صغارها. كم تدعي لليمن في صلاتها. عقب انفجار العرق في دماغها اسعفها اهلها الى افضل مستشفى في صنعاء. في اليوم التالي انفجر العرق الثاني و تسبب في نزيف في الدماغ. توقفت عن العمل اعضاء جسمها. قال الأطباء كلمتهم. المريضة ماتت سريريا. يا للقشعريرة سرت في جلدي سرا و علانية. صغارها يا ربي ارحمهم ، اما ابوهم فكلها شهر و يأتيهم بزوجة أب و سيشهدون مسرحية! بقت صديقتي في مستشفى هو الأفضل لكنه ضعيف ، في بلد كل ما فيه ضعيف، اطباء ضعفاء ، انا اول الضعفاء. اشعر بضعفي الشديد. الا تشعر أنت الآخر انك مثلي ضئيل و ضعيف؟ نحن ُعزل في بلد ٌيقصف فإن لم يكن الضعف حالنا فمن اذن الضعيف؟ لسنا صامدين ، نحن ننهار يكفي كذب و حذلقة يا سمج يا سخيف! حررونا من جهادكم ، حررونا من ثقافة الاستشهاد والموت انه ليس نعمة و لا عطر في تربة كما تزعمون بل هو حتف مخيف. ظلت على قيد الحياة بالأجهزة حتى توقف القلب و الدماغ عن العمل. ما عندهم حجة. عيشة هذه التي يجرعنا اياها عصابة " الغاغة" ام نقمة؟ العقل عقلها ، رفض المضي و القلب ، قلبها صديق وفي.، تمرد هو الآخر على المضي و اتفقا على التوقف عن أي مزيد. ماتت وخلفت عرش مهيب. صغارها الأربعة يتزاحمون في زواياه مثل صغار قطة يرضعون، يتحسسون بأصابعهم عباية امهم ، يقتفون بحاسة الشم بقايا عطر امهم. من احرمهم من امهم؟ انهم هم! داهمتني الذكريات المشتركة بيننا. اغمضت عيني سمعت صوتها ، رأيت ذقنها و عينيها و لون عينيها ، لون الزهور في قميصها. ياما تكلمنا عن الصغار و صعوبة تربية المراهقين. تكلمنا عن الطبخات ، الوتس ، الموضة ، الفنانين ، الأسعار ، و بالوعة الساسة في بلادنا. تكلمنا عن عمار العزكي حين بكى فأبكى كل اليمنيين حين قال وسط دموعه " يكفينا حرب". حكت لي عن الطالب الذي رأى استاذه في مطعم يعمل كطاهي. حكيت لها عن سيدة الأعمال التي اضطرت لتحيا ان تبيع صحون الكعك في البقالات. وصفنا شعور اليمني و اليمنية و هو يقتات من القمامة و هو لا قطة و لا كلب و لا من الدواب دابة. اوشوشها كله منهم "هم" ، الله يلعنهم اولاد الكلب! تردد آمييييييين. الله يرحمك يا صديقتي، انتِ الأن في مكان افضل ، لا فيه ساسة نجسين و لا حتى شيطان رجيم. ثم نشعر بالكآبة تجثم على صدورنا فنخرج موبايلاتنا و نقرأ نكت. امطار غزيرة من النكت. اذكر اننا لم نضحك و لا مرة. إن ضحكنا كان ضحك قهر. في الختام... الله يرحمك يا صديقتي. زرتها في المستشفى و رأيت صغارها. منظر لا يوصف منظر طفل تموت عنه الأم. ان انتهت الحرب او لم تنتهي فقد دخل صغارها كتاتيب اليتم. من لقنهم درس اليتم؟ انهم هم! كنت اسمع داخلي نحيب. عالي ،قوي مخيف. انتقم لها يا رب يا سميع يا مجيب ممن موتوها قهر، و يتموا صغارها غصب. سيسألها معاريفها و هم كثر عند ابواب الجنة، صاروخ مثلي؟ و ستهز رأسها نفيا. سيسألها آخر ، طيب جوع؟ مرض؟ كمين؟ وتهز رأسها نفيا. يسألونها ماذا أتى بك الى هنا ، الى حيث يفارق المرء احبابه؟ سترد هي... انهالقهر و القهر يميت. هناك في بلادنا اليمن اناس يميتون الناس قهرا ، و الله اذا احب عبد ، يختار ان يعيد الي رحابه احبابه. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet