إبان غزو إسرائيل للبنان عام 1982م، ووصول قطعانها إلى بيروت الشرقية التي تموضعت فيها بعد أن عجزت عن اجتياز بيروت الغربية التي كان يتحصن فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات وقواته من مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية بزعامة وليد جنبلاط، إبان ذلك ألقى الشاعر الفلسطيني محمود درويش وبحضور الرئيس عرفات قصيدة بعنوان "في مديح الظل العالي" سلط الضوء فيها على واقع الأمة العربية وبالتحديد واقع انظمتها المهترئة والمترهلة دون أن يغفل في تشريحه لواقعنا المخزي دور الولاياتالمتحدةالامريكية الكامن وراء كل مآسي العرب والبشرية بشكل عام، بوصفه أياها بالطاعون وبأن الطاعون هو أمريكا. من يتتبع الأحداث الدامية التي جرت في العالم منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اللحظة سيصل إلى القناعة ذاتها التي وصل إليها شاعرنا الراحل وهي أن أمريكا هي الطاعون ذاته؛ طالما يفتك بالإنسانية كلما أناخ رحله في أية بقعة من بقاع العالم. حربنا الدامية والمدمرة المستمرة منذ ثلاث سنوات ما كان لها أن تنشب وأن تستعر وتستمر كل هذا الوقت الطويل لولا المخطط الأمريكي القذر الذي رسم هذا السيناريو المخيف ونفذه عل أرض الواقع، وعمل على عدم توقفه أو إنهائه مهما كلفه من مؤامرات ومن تحالفات دنيئة ومن ازدواجية في المواقف، ومن تغيير في الأقنعة، طالما وضع نصب عينيه ثروات الخليج وعائداته النقدية المودعة في بنوكه وفي غيرها من بنوك العالم. من يقف على حقيقة حربنا المنسية من خلال وضع يده على المستفيد من هذه الحرب ومن قذاراتها سيدرك بأنها حرب مختلفة عن كل حروب البشرية؛ طالما من يتحكم بمنسوب اشتعالها أو خفض وهجها ليسوا المتحاربين على الارض وإنما من يدير عجلتها ويحرك خيوطها من وراء البحار والمحيطات. من يقف على حقيقة الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات وما خلفته من دمار ومن قتلى وجرحى وجوعى ومرضى وثكالى وأيتام ومشردين سيدرك أن ما من أحد رابح فيها غير مرض الطاعون المصدر لأدوات الموت والهلاك إلى دول التحالف التي لكل منها أجندتها، كما وضح من خلال أحداث عدن في 28 يناير 2018م. من يدقق في تفاصيل الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات وفي ديناميكيتها المتمثلة في تنقل حرائقها من مكان لآخر وفي ظهور واختفاء المبعوث الأممي ما بين زمن وآخر سيجد أنها حرب تدار بالريموت كنترول يحرص مدبرها ومخرجها على استمرارها أطول وقت ممكن كي يستنزف ما يمكنه استنزافه من ثروات الخليج النفطية ومن ودائع أنظمته في مقابل صفقات أسلحة لم يجد لها الغرب من أسواق غير الساحة العربية وغير العقلية العربية العفنة المشدودة لحروب الجاهلية. ما كان لحربنا القذرة أن تستمر كل هذا الوقت لولا اختلاط الاوراق وغياب الرؤية الوطنية وتعدد الأجندات الخارجية وافتقاد القيادات للبوصلة الوطنية... ما كان لحربنا أن تستمر وأن تجرف في طريقها معظم مقدراتنا وأغلى أحلامنا لولا تحكم الطاعون بأدق تفاصيلها.... ما كان لحربنا أن تستمر لولا تماس جغرافيتنا مع أهم جغرافية تختزن في باطنها مئات المليارات من براميل النفط بينما تتكدس في بنوكها وفي بنوك العالم مئات المليارات من الدولارات ومئات الأطنان من سبائك الذهب والمجوهرات. ما نحتاجه للانفكاك مما نحن عليه وللخلاص والإفلات مما نحن فيه هو لمعجزة من السماء! إذ من غير المعقول أو المتوقع أن تبادر أمريكا ومن وراءها الغرب المصنع لآلات الدمار والموت إلى رفع أيديهم عن إدارة هذه اللعبة المميتة الجارية منذ سنوات في ساحاتنا الوطنية؛ طالما توجد في أحشاء جوارنا وعلى تماس جغرافيتنا أكبر كنوز الأرض التي ما صدق الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي وضع يده عليها بعد حلم ظل يراوده لعقود من الزمن. [email protected] ... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet