"أول الغيث قطرة" هكذا يقال عندما تستقبل الأرض أولى بشائر الغيث، وهكذا يقال عندما يلمس الناس بشائر أي انفراج... الكل استبشر خيراً من خلال تناغم أجهزة الآمن في عدن إزاء إزالة العشوائيات من شوارعها وأحياءها التي كانت قد استوطنت كثير من الأمكنة وكثيراً من واجهات ومداخل المدينة مستغلاً من كان يقف وراء هكذا فوضى وعبث بعض النتوءات الأمنية التي طفت على سطح الحياة في هذه المدينة الجميلة والساحرة التي لا تقبل بالخلط بين القانون والفوضى أو بين القبح والجمال. مشهد جميل ورائع ورجولي في نفس الوقت أن يقف الجميع في وجه هذا السلوك المتخلف والفوضوي متصدين لظاهرة السطو على أراضي الدولة والإقدام على العبث بمخططاتها من خلال البناء العشوائي في أهم مداخل المدينة وشوارعها وساحاتها ومتنافساتها... شيء جميل ومفرح حين يوجه الأخوة الأعداء - إذا صح لي التعبير- اهتماماتهم وسلاحهم وامكاناتهم في وجه كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن وبالممتلكات العامة والخاصة على السواء. شيء جميل أن تتكرر الملحمة الوطنية ولو بعد حين، حين يلتئم شمل الجميع دفاعاً عن قاسم مشترك لا يمكن التخلي عنه في معمعة التوهان عن أولويات الدفاع عن الثوابت والمكتسبات أو في لحظة الالتهاء بما يشبه الفقاعات التي عادة ما تتلاشى لمجرد ملامستها للهواء، إنها الخطوة الأساسية والجادة على طريق التأسيس للبناء بعيداً عن المهاترات والمزايدات وإطلاق الشعارات الفارغة والنفخ في المشاريع الوهمية والزائفة التي ارهقت المواطن ونكلت به على امتداد خمسة عقود من الزمن. موقف الأخوة في عدن من سلطة محلية وقادة أمنيين في إطار وزارة الداخلية من فوضى العشوائيات يذكرني بموقف الأخوة الأعداء من العسكريين إبان حصار صنعاء عام 1967م -1968م.... لقد آثروا يومها تحويل بنادقهم الموجهة نحو صدور بعضهم في اتجاه العدو الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الانقضاض عليهم وعلى العاصمة صنعاء، اليوم يتكرر هذا المشهد الوطني في عدن من حيث التئام اللحمة وتصويب الهدف حتى وإن اختلف الخطر وصغر حجمه مقارنة بين المشهدين. ما نتمناه على الأخوة في عدن أن يذهبوا في تلاحمهم وفي تكاتفهم وفي غيرتهم على مدينتهم إلى ما هو أبعد من مواجهة عشوائيات البناء، إلى الغيرة على الوطن الحاضن للجميع من محاولات شرذمته أو تفكيكه، فضلاً عن الارتقاء بعدن إلى مصاف كثير من المدن السياحية والاقتصادية في العالم، المهم أن يعقدوا النية وأن يشمروا عن سواعدهم وأن يشدوا الحيل وأن يضعوا خلافاتهم الصبيانية جانباً على طريق رميها في قعر النسيان ليتفرغوا للنهوض بالوطن وبمدينتهم التي تمتلك من مقومات الجمال والبقاء ما يجعلها تتربع على عرش جمال المدن في العالم بأريحية ودون منازع. ما نتمناه إزاء هذه الحالة المتمثلة بإزالة العشوائيات أن تكون هذه الخطوة – كما أسلفت- بمثابة القطرة التي تبشر بهطول الغيث بعد سنوات من القحط والجدب بحيث تكون هذه الخطوة بادرة انطلاق نحو مواجهة أكثر من فوضى ونحو إعادة البسمة لمدينة عدن الفاتنة والساحرة التي تستحق من كل اليمنيين الدفاع عنها وعن تأريخها وعن ألقها وتألقها وعن جمالها الذي يُفترض أن يظل أسراً للألباب مهما مضت بنا السنون ومهما تناوبت الأجيال على تكحيل ناضريها من هذا الجمال أو ارتشفت من لمى هذا السحر الذي لا ينضب على مر الأزمان. ... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet