احيا ، اتنفس، أكل و أشرب، أنام و اصحو، اخرج و اعود. اخوض في : ماذا فعل هو ، ماذا قالت هي؟ ليتني كنت غبية. لا أبالي باليمن ، ما شأني بها ما دامت ليست من مهامي المنزلية. لا حبل ُسري يربطني بها ، طز فيها ، تتنازعها حتى تحتضر و تنفق مخالب الأطماع الهمجية. ليتني كنت غبية. الله الله الله لو كنت غبية. غبية جداً. كم كنت سأكون مرتاحة. كلما قابلت غبية قلت لنفسي ليتني مثلها اسبح في ملكوت الله ،ليتني هي ليتني هي! يا رب استجب لدعائي و حقق لي هذه الأمنية. ليتني كنت غبية. كيف كانت ستكون الحياة رائعة لو انني كنت غبية. لا يحاسبني مبدأ ، ولا تؤنبني مثل عليا و لا اذكر حتى قيم اخلاقية. لا اقرأ ، لا اكتب ، لا يكدر صفو روقاني وخز الوطنية. ليتني كنت غبية. البس ، أتزين ،اضع وردة خلف اذني، اضحك. اتجاذب اطراف الحديث مع نساء بسم الله ما شاء الله عليهن غبيات مثلما انا غبية. في الأعراس ننتقش، نرقص ، نصفق ، نزغرد و نغتاب من يقع نظرنا عليهن ، غيبة ونميمة بكل اريحية. و ليلا انام مليء عينيا و لا تؤرقني الحرب و لا افزع من نومي بسبب كوابيس مستقبلية. لا نذكر اليمن و لا اذكر اليمن. من اليمن اصلا؟ اهي بنت ام تراها للوجه اقنعة طبيعية؟ آه ليتني كنت غبية ، لا اذكر اليمن لأنها بالنسبة لي شوكة في الحلق وكومة جراح أبدية. ليتني كنت غبية ،ُتراق الدماء في بلادي، يذل الشعب ويهينه على حد سواء الاعداء و ابناء بلادي اما أنا فلي مطالب اساسية ، احمر شفاه و طلاء اظافر و حقيبة يدوية. ليتني كنت غبية جل همي ان اطهو و اصور و ارسل لصديقاتي. فإذا طلبت مني احداهن الطريقة ارسلت لها وصفة خطأ و طريقة كذب لكي اكون وحدي المميزة الغبية. ليتني كنت غبية اشعر بالسعادة لأنني وضعت اشياء تلمع على شعري ، عدسات خضراء فوق بؤبؤ عيني و رموش صناعية. ليتني كنت غبية افرح من هذه الأشياء البسيطة. ليتني يا ربي و ليتك جعلتني غبية. لا أسأل لماذا و لا كيف و لا حتى متى ؟ ليتني لم احب اليمن بكل هذا الوفاء. هذا ما عاد حب الذي ينغص عيشتي بل عقاب. ليت اليمن لم تكن في صدري " أم " و اعظم قضية. ُتحزنني اليمن ليل نهار ، بكرة و عشية! لماذا لا تكن اليمن مثل السويد او مثل أي دولة اجنبية؟ لماذا لا اكون مثل غالبية الناس ، يتمحور كل اهتمامي حول نفسي و اذا تكرمت وفكرت في غيري ، فأفكر فقط بمن تربطهم بي روابط أسرية. لكن اليمن ، الحرب ، الجوع ، الأخرين ما شأني أنا بهم؟ ما أنا الا انسانة خلقها الله لتعيش بكرامة فلماذا تمنعني من ذلك الطائفية؟ ليتني كنت ستين غبية. ابا عن جد غبية. مثل الكثيرات من الاناث من حولي. لن اقول كلهن لأن ذلك غير صحيح. ليتني ازيح اليمن و اضع في مكانها عقد مرجان وجنية ذهب فوق صدري. فإذا سألني أحد ما أخبار الحرب في اليمن؟ ارفع كتفي باستعجاب و اتمتم أي حرب؟ ليش ؟ عندنا حرب؟ انا ل يا خلق الله لا ادري. ليت الغباء كان قدري، ليت الغباء كان قدري. ربما عندئذ كنت سأكون سعيدة. لربما حينها كنت سأكون مبتسمة ، غافلة عن الشر و ما شاء الله علي ، بليدة. ليت كنت لا اسمع و لا اتكلم. اشاهد فقط الطيور ، الذهب ، العطور و احدث موضات الثياب النسائية. ليتني كنت غبية. لا اعرف من عدوي ، و لا أميزه عن صديقي. لا اعرف تعريف لكلمة " مذهبية". ليت احيا مثل الخراف. تأكل ، ترتعي من القمامة ، ثم الى الذبح ُتساق فلا تخاف. لأنها لا تدري انها تساق الى خاتمتها الأبدية. ليت كنت غبية. تعبت من مخي. تعبت اركض و الهث بحثا عن احترام الانسان وحقه العادل في الحرية. ليت كنت مقتنعة انني حرة لمجرد ان لا قيود حول معصمي. ليت لم أكن أحب اليمن هكذا ، بعد ان شوه ملامحها الأنذال. ليت ترجع اليمن التي عشقت هي هي. اما على هذا الحال ...ليتني اسافر ، و تكون اليمن في حياتي شأن هامشي و عابر. ما ذنبي أنا لأدفع ضريبة هذه الأزمة المستعصية؟ ليتني كنت غبية ليتني كنت غبية ليتني كنت غبية شاركها على: