روى ناجون من “مجزرة جديدة” تعرض لها مشاركون في مسيرة احتجاجية انطلقت الثلاثاء من ساحة التغيير في العاصمة اليمنية صنعاء إلى منطقة حي “قاع العلفي”، المقابل لشارع الزبيري، وأحد أقدم الأحياء الشعبية بصنعاء، تفاصيل مروعة تخللت عملية حصار نفذته مجاميع من “البلاطجة” وقوات أمنية تابعة لوحدات الأمن المركزي في عدد من أزقة ما يعرف بحي “قاع اليهود”، المقابل لحديقة “العلفي” التي مثلت منطقة التمركز الرئيسة لأعداد من القناصة . وأكد ياسين عبدالرحمن الحيدري، أحد الناجين من “مجزرة حي اليهود” الثلاثاء أن المشاركين في المسيرة الاحتجاجية الأولى التي انطلقت من ساحة التغيير بصنعاء باتجاه شارع الزراعة لم يتعرضوا في مستهل تحرك المسيرة، عند مرورها بمنطقة حي الزراعة لأية عملية استهداف حتى وصول الفوج الأول من المسيرة الاحتجاجية إلى الشارع الرئيس المقابل لبوابة مقر “أمانة العاصمة” الذي سمح له جنود قوات الأمن المركزي بالمرور بعد التلويح لهم من قبل العديد من هؤلاء بأيديهم رداً على مبادرة عدد من المشاركين بمصافحتهم وتقديم الورود لهم . وقال الحيدري ل”الخليج”: “مر الفوج الأول من المسيرة بسلام من أمام بوابة مقر أمانة العاصمة وتبادلنا التحايا مع قوات الحراسات الخاصة بالمقر والقوات الأخرى التابعة للأمن المركزي التي كانت تنتشر بكثافة على جانبي الشارع الرئيس المقابل لمقر أمانة العاصمة، لكننا لم نكد نتجاوز سور حديقة العلفي، التي تتوسط الشارع حتى سمعنا دوي إطلاق نار متفرق ينطلق من مواقع عدة داخل الحديقة ومقر مدرسة العلفي المجاورة . وأضاف قائلاً: “تم استهداف الفوج الثاني من المسيرة فور وصوله إلى بداية حدود سور الحديقة، وقد شاهدت ثلاثة من الأشخاص الملثمين وهم يصوبون فوهات بنادق طويلة مزودة بنواظير ومخصصة للقنص ويطلقون الرصاص الحي باتجاه الصف الأول من الفوج الثاني من المسيرة وسمعت بأذني أحد هؤلاء وهم يصرخ بفرح “قرّحت رأسه” بعد قنصه لأحد المشاركين في المسيرة في رأسه” . من جهته كشف نجيب عبدالإله ناصر البعداني، أحد الشباب الذين تمكنوا من العودة إلى ساحة التغيير بعد محاصرته وما يقدر بثلاثمئة من المشاركين في المسيرة الاحتجاجية داخل أزقة “حي قاع اليهود” من قبل مجاميع من البلاطجة تفاصيل مثيرة لمشاهد مطاردة تعرض لها العديد من المتظاهرين داخل هذه الأزقة وملابسات إصابة العشرات من هؤلاء بحالة من الشلل التام إثر استنشاقهم لغازات أطلقت من قنابل يدوية استخدمتها قوات الأمن المركزي التي كلفت بتعقبهم . وقال في شهادته ل”الخليج”: “كغيري من المشاركين في المسيرة لجأت إلى أحد الأزقة المقابلة لسور حديقة العلفي للاحتماء من رصاص القناصة وقنابل الغاز التي أطلقت في توقيت متزامن على المسيرة السلمية، لكننا فوجئنا ونحن نركض داخل الزقاق المتفرع من مدخل سوق القاع القديم بمجاميع ملثمة تخرج لنا من أبواب العديد من المنازل وهم يحملون سكاكين وخناجر وهراوات غليظة وتباشر بالاعتداء علينا بالطعن والضرب والصفع والرفس، ما اضطرنا إلى أن نتفرق لنتفادى الطعن والضرب المبرح” . وروى البعداني الملابسات الدراماتيكية التي رافقت تمكنه من النجاة والرجوع إلى ساحة التغيير بمساعدة إحدى الأسر التي اشترك عائلها في تعقب المتظاهرين داخل الأزقة والاعتداء عليهم مع مجاميع أخرى من “البلاطجة” قائلاً: “ركضت بقوة داخل أحد الأزقة المتفرعة من مدخل السوق بعد مهاجمتنا من “البلاطجة”، لكن أحدهم تعقبني وسدد لي ضربة مؤلمة بعصا غليظة كان يحملها بيده في مؤخرة رأسي والجزء الأعلى من ظهري، وهو ما تسبب في إصابتي بجرح بسيط في الرأس ونزيف بسيط” . وأضاف قائلاً: “ما كدت أتجاوزه حتى لمحت ستة آخرين يركضون من داخل زقاق مقابل باتجاهي وبأيديهم خناجر تقليدية (جنابي) وهراوات غليظة فشعرت أنني سأموت في هذا المكان بعد أن استشعرت عجزي عن مواصلة الركض بسبب الإنهاك ونزيف الدماء من رأسي، لكنني فوجئت بمجرد دخولي أحد الشوارع الفرعية الضيقة المجاورة بامرأة تفتح باب بيتها وتلوح لي بيدها بعصبية، وتقول لي “ادخل بسرعة من هنا” قبيل أن تقدم لي ووالدتها المسنة بعض الماء ورباط للجرح النازف برأسي” . وأضاف “أخبرتني الأم أن ابنها الأكبر غرر به من قبل عاقل الحي الذي جنده مع آخرين للاعتداء على المتظاهرين في حال لجوء بعضهم إلى الفرار داخل حي قاع اليهود هربا من المجزرة، ولم أتمكن من العودة إلى الساحة إلا بعد مرور ساعتين وبعد خروج شقيقة “البلطجي” لاستطلاع الشارع وإشعارها لي فور عودتها أن الطريق آمن وأعطتني وشاحاً قماشياً كي ألف به رأسي لأخفي رباط الجرح عن الأنظار كي لايشك بي أحد وأتعرض لاعتداء جديد” . من جانبه اتهم حسين محمد صالح الرحبي قوات الأمن المركزي باستخدام قنابل تحتوي على غاز مثير للأعصاب يتسبب في شلل تام يستمر لدقائق بمجرد استنشاقه، وقال: “رأيت بعيني أكثر من عشرة أشخاص من المتظاهرين الذين تم تعقبهم وملاحقتهم داخل أزقة حي قاع اليهود وهم يسقطون بلا حراك على الأرض وكأنهم قطع من الأخشاب وليسوا بشراً بعد إطلاق قوات تابعة للأمن المركزي قنابل غازية عليهم لمنعهم من التحرك والاستمرار في محاولة الفرار من الاعتقال والضرب” . وقال: “أحد المصابين الذين سقطوا لم يتمكن من رفع رأسه من الأرض إلا بعد التقاطه من جنديين وحمله إلى داخل سيارة مكشوفة كانت تقف على جانب مدخل السوق، كما شاهدت أحد البلاطجة وهو يضرب أحد المتظاهرين بعصا غليظة في رأسه عدة مرات حتى فارق الحياة” .