قرارات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الخيرة كانت هادئة ولكنها قوية سحبت البساط من تحت أيادي أقارب الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذين سيطروا سيطرة كاملة على قيادة الجيش اليمني خلال عقود من حكم صالح لليمن . كان من ابرز القادة العسكريين الذي رافقوا صالح خلال فترة حكمه هم اللواء علي محسن صالح الحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية وأخوة غير أشقاء لصالح ونجله احمد قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، هؤلاء هم كانوا السند الأكبر لصالح في فترات حكمه ،إلا أن الاحتجاجات التي أجبرت صالح على التنحي وترك السلطة والخروج من المشهد السياسي اليمني قد جعلت الأمور تتغير تماماً فتحت الضغط الشعبي خرجت حكومة الوفاق الوطني وانتخابات هادي رئيساً للبلاد مدعوماً بشرعية شعبية ودعم إقليمي ودولي. ذلك الدعم الشعبي والإقليمي والدولي مكن هاد اتخاذ قرارات أقصت الكثير من الموالين للرئيس صالح من مناصبهم العسكرية كخطوة لفتح الطريق أمامه لتنفيذ كل المسؤوليات التي كلفت بها كرئيس لليمن . القرارات الأخيرة جعلت هادي يقطع شوطاً كبيراً في مهامه ولقيت خطوته ترحيب دولي واسع باعتبار أن اتخاذ قرارات جمهورية بذلك الحجم لم يكن متوقعاً حسب التحليلات السياسية والترقب الكبير من قبل كل الأطراف التي شملتها القرارات ،وكذا المؤيدة لها خاصة أوساط الشباب الذي اعتبروا هذا الإقصاء جزء من أهداف ثورتهم . ردة الفعل كانت كبيرة بالنسبة للموالين للنظام السابق مدنيين وعسكريين الذين شعروا بخطورة الموقف من الرئيس هادي، الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من حزبهم المؤتمر الشعبي العام الذي انفرد بالسلطة لعقود . الخطوة القادمة للرئيس هادي يرى الكثير أنها ستكون من المفاجآت الكبرى كون القرارات التي ستتخذ مؤشراً كبيراً نحو القائدين العسكريين اللواء على محسن صالح الأحمر الذي يقود المنطقة العسكرية الشمالية الغربية،و النجل الكبر لصالح العميد احمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة،الذين لم يعر مصيرهم حتى الآن بعد القرارات الأخيرة التي أحدثت ضجة كبيرة بين أوساط المؤدين والمعارضين وأحدثت انقساماً كبيراً على مستوى الشارع اليمني. وربما المرحلة القادمة ستكون حاسمة للبدء بهيكلة الجيش اليمني الذي يتبع شخصيتين عسكريتين هما نجل صالح واللواء الأحمر الذي أعلن تأييده ودعمه للانتفاضة الشعبية ضد صالح الذي تلقى صفعة من رفيقه العسكري اللواء الأحمر . كل المؤشرات تدل على أن هناك قراراً محتمل يقضي بإقالة كبار قادة الجيش اليمني الذي يعاني من انشقاقات عسكرية كبيرة وتعيين قيادات أخرى بديلة ،وبهذا سيكون الجيش اليمني قد خرج عن سيطرة أشخاص محددين ويتجه نحو المؤسسة العسكرية المستقلة والحيادية بما يضمن حماية البلاد من الانزلاق في الفوضى والحرب . اللواء الأحمر ونجل صالح ربما يكون إقالتهما خسارة لطرف وكسباً للطرف الآخر ،فإبعاد نجل الرئيس السابق سيكون ضربة قوية للوجود الذي كان يستند إليه صالح في مواجهته مع خصومه السياسيين وكذا شباب الساحات ،أما إقالة اللواء علي محسن الأحمر الذي أعلن دعمه للانتفاضة الشعبية ربما يكون خسارة مماثلة بالنسبة لخصوم صالح وللشباب الذين كان انضمام الرجل العسكري علي محسن الأحمر قد جعلهم في واجهه القوة والخصم الأكبر أمام نظام صالح السابق. وربما يحسب الآخر حساباً لما بعد قرار الرئيس هادي المحتمل لإنهاء التكهنات ببقاء أقارب صالح في سدة القيادة العسكرية وفتح الباب لمواصلة العزل والتعيينات لمنشآت حكومية أخرى تغرق بالفساد ونهب مقدرات البلاد التي عانى منها اليمن خلال فترات سابقة . كل الأطراف تنتظر قرار من نوع كبير يفجر أوضاع احتجاجية أخرى بعد القرارات السابقة التي جعلت قائد القوات الجوية السابق اللواء محمد صالح الأحمر أن يعرقل حركة الطيران ويهدد بضرب المطار احتجاجاً على قرار تعيين خلفاً له وإبعاده عن قيادة القوات الجوية التي تولى قيادات منذ عقود . الانتظار هو كل ما يملكه الرجلين علي محسن الأحمر واحمد علي عبدالله صالح لإبعادهما من منصبيهما وتعيين قيادات جديدة تساعد في هيكلة الجيش اليمني وإزالة كل الانقسامات التي يعاني منها وبهذا تكون البساط قد سحبت تماماً من أقارب صالح ومن كانوا معه في السابق كعلي محسن الأحمر والقبول بالأمر الواقع كشيء حتمي لإعادة الجيش إلى الشعب وخدمة البلاد كما يقول غالبية اليمنيين.