24 صهيونياً بين قتيل وجريح في عملية بطولية بالقدس المحتلة    وفاة طفل في مديرية خور مكسر    طفل يقود مركبة يدهس طفة في مارب    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    ترحيل 1617 مهاجرا غير شرعيا من صعدة    اكتشاف عجائب أثرية في تركيا    اعتراف مثير من مبابي بشأن باريس    الذهب يستقرقرب أعلى مستوى قياسي    اليمن يجدد الموعد مع الأخضر في نهائي الخليج    خالد العليمي ابن رئيس المجلس الرئاسي يمارس البلطجة ويهدد صحفي(توثيق)    سياسي حضرمي يتلقى تهديد بقطع رأسه ويبلغ النائب العام (توثيق)    الجاوي: اليمن لن يُحكم بعقلية الغلبة ومنطق الإقصاء    ناشطة تحذر من توسع ظاهرة اختطاف الأطفال وتدعو الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها    إسرائيل تكشف بنود مقترح امريكي لصفقة تبادل أسرى في غزة وحماس ترحب    سريع يعلن عن عمليات عسكرية واسعة في فلسطين المحتلة    عدن .. قضاة وموظفون يرفعون الإضراب ويعلنون عن اتفاق يعالج مطالبهم    القائم بأعمال وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    الحارس وضاح أنور يستحق الثناء والمديح    رئيس الوزراء يشيد بإنجاز منتخب الشباب ويؤكد: أنتم فخر اليمن وأملها المشرق    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية ويشيد بإسهامات الشهيد الدكتور الرباعي    الرئيس المشاط يتلّقى برقية عزاء من ممثل حركة حماس في استشهاد الرهوي ورفاقه    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    اللواء بحري محمد القادري: قدراتنا البحرية لا حدود لها    دائرة الشباب في الإصلاح تهنئ المنتخب الوطني للشباب بتأهله إلى نهائي كأس الخليج    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 53)    وفيكم رسول الله    يوم محمدي    بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1447ه .. بريد منطقة الحديدة يكرم عدداً من كوادره المتميزين    الحوار أساس ومواجهة الاستكبار نهج    مرض الفشل الكلوي (20)    المنتخب الوطني للشباب يتأهل لنهائي كأس الخليج بعد فوزه على عمان    الرئاسي يُشيد بالجهود السعودية في دعم أمن وتنمية اليمن    محافظ عدن يتفقد مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد الطبية    انتقالي المكلا يتقدم ببلاغ للنائب العام يتهم بن حبريش بالتقطع لوقود الكهرباء (وثيقة)    الرئيس الزُبيدي يفتتح قسم الرقود ويضع حجر الأساس لأقسام طبية متقدمة بمستشفى عبود العسكري    مركز الإنذار المبكر يعلن مواعيد الخسوف الكلّي النادر للقمر في اليمن    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    اجتماع بتعز يقر تنفيذ حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية والصيدليات المخالفة    تدشين مشروع إنارة المدخل الغربي لمدينة عتق    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يناقش جملة من الملفات الخدمية والإنسانية في سقطرى    اليمنيون.. سفراء وطن بلا حقائب دبلوماسية.. شبانة محمد شفي.. وجه يمني يرفع راية الوطن في منصات بريكس الدولية    سردية اللعبة المكشوفة.. هبوط وارتفاع العملة المحلية والأسعار    رونالدو يتجاوز ميسي في عدد الأهداف بتصفيات كأس العالم    حرمان جيشنا وأمننا من مرتبات 17 شهرا وأموالنا تذهب للأوغاد    تصفيات اوروبا لمونديال 2026: البوسنة تسحق سان مارينو بسداسية    مركز الأرصاد يتوقع أمطارًا رعدية ورياحًا قوية في عدة محافظات    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت أو الموت.. التوحد بالحرب!
نشر في الوسط يوم 15 - 07 - 2009


في ال22 من مايو 90 توحد اليمن على أساس ديمقراطي وحوار سلمي، استفتي الشعب على الدستور، وأطلقت الحريات العامة والديمقراطية، وأعلنت الأحزاب السرية عن نفسها، كما أعطى الدستور الجديد حق التعدد السياسي والحزبي، وأنتج هامشاً للحريات الصحفية، حرية الرأي والتعبير. وصدرت عشرات الصحف، واحتلت الجمهورية اليمنية الاسم الجديد للدولة الجديدة مركز الصدارة في أخبار العالم. لم تمض بضعة أشهر حتى بدأت الذاكرة الخبيئة تستعيد مراحل الصراع الغابرة والكالحة كتبرير للصراع الجديد ومحاولات الانفراد بالحكم. كان الانفراد بالحكم هو الهم الأكبر لدى الطرف الأقوى في معادلتي الوحدة بين المؤتمر والاشتراكي. ربما بدأ الإعداد للحرب -حرب 94- منذ الأيام الأولى للوحدة. ليس للأمر هنا علاقة بالنزاهة أو سلامة الاعتقاد أو حسن النوايا وإنما جوهر أو حقيقة الأمر هو قوة كل طرف من أطراف اللعبة، كان المؤتمر الشعبي العام هو الأقوى عدة وعددا. ويحظى بتأييد دولي قوي، وعلاقة متينة برموز التيارين القويين: القبلي والإسلام السياسي، فبدأ الرهان على التوحد بالحرب ميدانه الوحيد. وكان الهدف والغاية الانفراد بالحكم والخلاص من شراكة الاشتراكي. بينما راهن الاشتراكي الطرف الأضعف في القوة العسكرية.. والمدموغ بكارثة 13 يناير التي لم تضمد جراحها يراهن أو يعمل على خطين: خط التحالفات مع التيار القومي والقوى الحديثة المدنية والأهلية. والخط الثاني الاحتفاظ بوضعه في الجنوب للعودة إليه في لحظات المواجهة التي كانت تسفر عن وجهها يوما بعد يوم. ليس مهما الإشارة إلى طلب الرئيس من الشيخ عبدالله تشكيل حزب الإصلاح للمواجهة مع الاشتراكي فقد كانت القوة القبلية والإسلام السياسي موجودة. وصراعاتها مع الاشتراكي قديمة. وهو مبررها للتحفظ على الوحدة ودستورها العلماني!! كان إعلان الحرب على الجنوب ووصمه بالانفصالية، وهو من دافع واحتضن قادة وفدائيي 48، وأرسل كتائب الحرس الوطني بالمئات والآلاف دفاعا عن ثورة سبتمبر 62م، وساهم في كسر حصار السبعين يوما على صنعاء، وتأسست في عدن الحركة النقابية العمالية من كل مناطق اليمن، وتأسست الأحزاب السياسية الحديثة الوحدوية، وتأسست فيها الحداثة والأدب الحديث والصحافة الحرة العناوين الرئيسة للثورة والحرية والعدالة والديمقراطية. كانت حرب 94م هي الانفصال الحقيقي بأبشع صوره، وأسوأ تجلياته، كان انفصالا مزدوجا في المستوى الأول انفصال عن الجنوب، بكل ما ترمز إليه كلمة الجنوب الذي يرمز للثورة والتحرر والمواطنة واللافت أن تحالف الحرب الواسع قد ضم الأطراف التي لها ثأر مع التقدم والحداثة والثورة والجمهورية والتحرر الذي مثلته مدينة عدن منذ الأربعينيات. أما في المستوى الثاني فالحرب قد مثلت انفصالا عن المجتمع اليمني شمالا وجنوبا. فقد اختزل الشعب اليمني كله في شخص الحاكم. بل أصبح الشعب كله صدى خافتا لإرادة الحكم. عقب الحرب مباشرة أعيد النظر في العديد من القوانين والتشريعات ذات النفس الوحدوي والديمقراطي الذي صنعته الوحدة السلمية والديمقراطية وجرى تعديل الدستور أكثر من مرة كاستجابة لرغبة الحاكم. كان موقف السعودية ودول الخليج مع الانفصال أو على الأقل إضعاف إرادة اليمن إما كثأر لموقف الحكم من حرب الخليج أو لغرض ترسيم الحدود بصورة لم يقبل بها الإمام أحمد ومن قبله والده يحيى. وما كان لمثل هذا الترسيم أن يمر لولا جريمة الحرب الممولة في الطرفين المتحاربين من جبهة واحدة. أما الموقف الأمريكي والأوربي فقد عبر عنه بجلاء مايكل هدسون مدير جامعة جورج تاون وهو باحث مهتم بشئون الشرق الأوسط وباليمن. وتحليلاته ذات أهمية في أمريكا. ففي لقاء معه في لندن وبحضور ممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية وشخصيات عامة أشار بوضوح إلى أن أمريكا قد دعمت الرئيس صالح على أساس أجندات خمس: أولا الابتعاد عن محور إيران العراق، السودان. ثانيا: ترسيم الحدود مع دول الجوار. ثالثا: الحفاظ على الديمقراطية وإجراء إصلاحات سياسية. رابعا: تدمير قوة الحزب الاشتراكي العسكرية والآتية من المعسكر الاشتراكي. خامسا: التطبيع مع إسرائيل وأضاف -لا فض فوه- أن الحكم في اليمن قد بدأ في تنفيذ بعض الخطوات. والحقيقة أن الموقف الأمريكي هو الذي "فرمل" اندفاع مجلس التعاون الخليجي للاعتراف بالانفصال. وربما كان الموقف الأمريكي ضد الانفصال والمؤيد للوحدة هو ثاني أهم خلاف مع السعودية حول اليمن، فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية خامس دولة تعترف بالنظام الجمهوري. في حين كانت العربية السعودية وأوروبا الغربية تخوض وتساند الحرب ضد الجمهورية.. الاستعمار الجديد أمريكا أكثر إدراكا لقوانين العصر من الاستعمار القديم: فرنسا وبريطانيا. فأمريكا كانت الاستعمار الجديد أو الإمبريالية تعمل حينها على وراثة تركة بريطانيا ومواجهة الاتحاد السوفيتي، وكانت المنطقة العربية واليمن من أهم ميادين الحرب الباردة. شجاعة الحرب الآتية من الثأر القبلي والجهوي كانت مسنودة بإرادة دولية أمريكية تحديدا. والحقيقة أن الوضع الدولي حينها لا يسمح بقيام كيانين يمنيين فقيرين ومتحاربين في آن. ويهدد آبار النفط كشريان حيوي لإمدادات العالم من النفط والتجارة. العوامل الداخلية دائما وفي كل زمان ومكان هي الأساس ويبقى الاستثناء ضعف هذه العوامل، فعندما تكون العوامل الداخلية ضعيفة فإن العامل الخارجي يتخذ شكل البطولة وهو بالفعل ما ينطبق مع حال الأمة العربية كلها!! حديث المهندس حيدر أبو بكر العطاس لقناة الحرة مساء السبت 16/5 أعاد إلى الأذهان حديث الرئيس صالح وهو يلزم قادة الاشتراكي بتسليم أنفسهم إلى أقسام أو أقرب أقسام الشرطة إليهم. العطاس يعطي ما يشبه التوجيه للرئيس والبيض للتوجه للجامعة العربية لإعلان الانفصال. كيمني أعرف مدى سذاجة مثل هذا الكلام، فاليمن ليست ملكا لصالح أو البيض أو العطاس أو الحراك أو المشترك أو كل هؤلاء مجتمعين. ولكني أيضا أدرك أن العطاس قد يكون يخفي أو يعبر عن ترتيبات معينة ليست بالضرورة معبرة عن إرادة الشعب اليمني الذي استلب الحكم إرادته لتصبح خارج اليمن، وأن قراءته من ورقة مكتوبة أمامه لها أبعاد ودلالات خطيرة. مصيبة اليمن أو بالأحرى الحكم في اليمن أنه قد نقل داءه إلى الخارج. فالحكم الذي يشجع الاحتراب القبلي، ويدفع قبيلة ضد قبيلة، ويوزع السلاح بينهما من مخزن واحد أصبح ضحية لعبة مماثلة، فالطرف العربي أو الدولي الذي يطلب منه حسم المعركة لصالح الوحدة هو من يغذي الطرف الآخر. ومأزق الحكم أنه يدرك هذه الحقيقة الواصلة حد البداهة ولكن الغبار الكثيف الآتي من كهوف الماضي يحجب عنه رؤية ما يراد به وله. لقد صنع الحكم الانفصال بالحرب، وهو يريد تكرار المهزلة إياها غير مدرك أن أي حرب جديدة ستكون نهايتها مختلفة من الألف إلى الياء والذين نصروا الوحدة بالأمس قد يكون لهم رؤية مختلفة وبانتظار نتائج أخرى ليست الوحدة اليمنية واحدة منها. واللهم اكشف ولا تستر. وخطيئة حكمنا أو سلطتنا أنه قد جعل الموت عنوانا رئيساً للوحدة. وجعل الوحدة معنى أو مفردة من مفردات الموت المعمد بالدم. الخطر الساحق عدم إدراك الحكم للأوضاع المتقلبة شديدة القلق والخطورة. وإصراره العنود على السير في طريق صدام والبشير وبري.. واعتدائه أو اعتقاده الخاطئ بأن المال والقوة هما الحارسان الأمينان لوحدة الحرب. ويشترك الحكم والمعارضة وقيادات الحراك في الرهان على الخارج بأكثر مما ينبغي. وحديث العطاس محاولة يائسة لعزل معارضة الداخل وإهانة بالغة للشعب اليمني. انجرار الاحتجاج الجنوبي نحو العنف والانفصال خصوصا بعد انضمام الفضلي والشيوخ والسلاطين ومراهنات معارضة الخارج على شياطين اللعبة الدولية وتلكؤ المعارضة - اللقاء المشترك- وترددها في النزول إلى الشارع وملء الفراغ. وتمترس الحكم في دهاليز شراء الذمم وقمع الحريات والاستعداد للحرب كلها طرق جهنم. وليس من بديل غير الدعوة إلى تحكيم المنطق والعقل، وإدراك أن الوحدة لا تصان بالعنف أو اغتصاب إرادة الشعب أو تكميم الأفواه وإغلاق الصحف وفتح محاكم متخصصة لمحاكمة الرأي المخالف في حين تعجز عن إحضار القاتل إلى المحكمة. التخلي عن نهج وفيد وخطاب حرب 94 هو المنفذ الوحيد لتجنيب اليمن كوارث تبدأ ولا تنتهي. عبدالباري طاهر

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.