كتب/ نجيب غلاب لا تدري أهو قائد عسكري أم شيخ قبيلة، سياسي أم رجل دين، مؤتمري أم إصلاحي. أصولي أم تقليدي مُعصرن، حام للنظام أم باحث عن رئاسة، اليقين الوحيد أنه مع الرئيس!! كان في يوم مضى سراً غامضاً في وعي الجماهير ووجدانهم. كان للرئيس أخاً (رب اخ لم تلده أمك)، كان الركن الركين في السلطة ومازال من أعمدة النظام. قائد فرقة عسكرية، لكنه أقوى من وزير دفاع وأقرب إلى رئيس دولة.. عسكري يخوض السياسة بعنف مثقف تحكمه عادات القبلية وتقاليدها. لا يحب أفكار الغرب، ولا اسمه. يكره دون تصريح من يراهم من دار الغرب يشربون فكرهم. هم لديه واقع من ضياع، مراكز التنوير بعقل الزمن الأمريكي جيوب من حرام. رجال الفكر والسياسة بلا شعائر الدين رجس من عمل الشيطان. قالوا إنه نبذ زيديته وتبنى فكراً سلفياً مسكوناً بمعان جديدة ومخلوط بروح نضالية جهادية. إخواني متحرر من جمودهم وهذيانهم السياسي القلق. سلفي متحرر من تقليديتهم وشكلانيتهم الغارقة في الجزئيات. جهادي يبحث عن سلام يملؤه التحدي، رافض لغضبهم الأعمى واستراتيجيتهم الغبية الغارقة في دماء من نار. متصالح مع الإسلام السياسي السني، يقول إنه زيدي لكنه معاد لأصولية الحوثي، أصولية عنصرية روحها من ظلام الملالي وعقلها ضائع في غيبيات السياسة المؤسطرة.. عسكري يفهم العصر بعقل براجماتي. سياسي يجيد لعبة السياسة بعقل خبير بدهاليز المصالح، قلق في نضاله، لا يثق إلا بمن قال ربي الله بالطريقة التي يهواها. ثياب الصالحين ملبسه، صادق مع نفسه، الشرع حكم محسوم، مثالية مموهة تبحث عن وجود، غابة السياسة وحش يحكمها ما هو كائن، واقعي يحكم بالسياسة الدنيوية.. وجهه الصارم يخفي طيبة من أصالة القرية. يفكر بعقل معجب بعجينة السياسة المسكونة بالهم الكبير، يناضل بسرية مقاتل مطارد من قوة خفية. مشروعه واضح مشتت. محتار بين الله والإنسان، بين الأرض والجنة، بين السلطة والتصوف. يعاني من قلق الشجعان، ويأس الأبطال. فكره مثاليات من بروج عاجية يسكن فيها فلاسفة يؤمنون بالله والشيطان. منفتح ذكي يعرف لغة الفكر ويتحدث بلغة الواقع باحتراف. أيامه كلها حمى من نشاط، حياته تصنعها الفكرة والمصالح والصراعات. هادئ الملامح، في أعماقه براكين من التناقض والرضا. كأنه يخوض حياة لا يرغب فيها. ربما يحب الدنيا مرغماً. ربما السلطة عشق من يجمع المتناقضات في سلة واحدة.. يحب التراب والطين يجمع فدادين الأرض. كريم يبحث عن ولاء. يوزع أملاك الدول السابقة لأنصار الفرقة الأولى وزعماء الإخوان ورؤساء القوم الأعفاط. يراكم العقار والمال ويخاف يوم الحساب. بسيط في سلوكه لكنه يبدو كإنكشاري في غضبه ومقاومة أعدائه. لا يحب الصحافة، ويطفئ كل ضوء يحيط به. لا يتكلم للعموم، لسانه صحافة من سياط، يعذب بها أصدقاء النظام وأعداءه. يحب أصحاب اللحى المهادنين للحكم، وكل فتوى مسكونة بالسمع والطاعة، يُقرب كل غاضب على فساد الأخلاق وهيمنة الغرب، قوة قاهرة في وجه كل زنديق متعلمن. ويتماهى مع من له فكر عصري ملون بفكر أصولي مرن. يحمل هموم مفكر تائه في شعاب البحث عن الحقيقة. صانع قرارات في الرئاسة وفي الحكومة وفي المعارضة. يملك حبال السلطة، ويخوض معارك من غضب. لا يحاسبه أحد. يخافه الجميع في الحكم والمعارضة. يُجلد الرئيس والنظام في كل الصحف، هو وحده خط أحمر. هو وحده يجلد الجميع بصحافة لغتها بيانات ثورية.. فكر ثم قدر، لم يتخل عن الكاكي، تزين بالمدنية في منارات البحثية. تبدو الطرق إلى الرئاسة مفتوحة أمامه. القبيلة ترضاه بقلق مخيف، والأصولية تحبه، والمدنية تخافه. حياؤه وزهده المشلول وسنه عوائق من خيوط رقيقة. ربما احترامه للرئيس وخوفه على الوطن سدود تمنعه. وأعظم من ذلك كرت ملعون من بلاد الغرب لونه احمر.. شكوك وحقائق مبهمة تحيط بالجميع، كبار القوم يرددون أناشيد مرعبة، كلام من مشاريع عظيمة، كلنا في وديان التنبؤات هائمون، الكرسي مازال مشغولا بمالكه، وجنون التنبؤ فوضى ضائعة في عرش مسكون بعفاريت الغموض، ربما صار يكره ساس ويسوس، ويرى في البندقية جحيماً. صورة الدنيا الزاهية في زمن المشيب ذنب. يقنع نفسه بالهدوء، ربما يرحل مع الرئيس بسلام، نبوءة تُردد بشك مشتت، زمن الشباب في السواد ربما دولة من عصر العولمة.. يقنعه كارهو العصر محبو القبيلة وأصولية الدين أنه مهديهم المنتظر، يأتيه من شياطين الظلام وسواس من الناس من عُباد السلطة والمال، زمنك الحقيقي لم يبدأ بعد أيها المعظم، باسم الله والإنسان يأكلون غنائم السياسة وباسم دينه يخوضون غمار المصالح الفانية.. ذكي فطن، عقله في روحه نور من شقاء. يتآكل في تناقضات من جحيم. لن يختنق باللهو واللعب، عالمه هناك في قبور من غموض. هل يقوى على تحمل فقدان هيبة السلطة؟ هل يتخلص من نفسه ومن خفافيش الظلام؟ ربما يصبح بلا سلطة مركز قوي، يمارس نشاطاً مدنياً بلغة وطني عتيد. مجتمع اليوم وغداً؛ يبحث عن مجده في رجال يصنعون التاريخ بنفوذ العقول. ربما تغدو منارات في التاريخ نجماً من رخاء، زكاة المال العظيم ربما تصنع المجد بلا رصاص.