كتب/ نجيب محمد الفقيه اضحت متابعة الناس لقضاياهم العالقة لدى الجهاز القضائي في اليمن -خصوصا الشائكة منها- من المشاكل الشائكة التي تؤرق المواطن، وتستنزف جيوبه ومدخراته، سيان في ذلك الظالم والمظلوم. فكلاهما ينبغي عليه .. ان ينتظر حتى ينطق القاضي بالحكم، في تماه واضح من كافة اجهزة الدولة، ومجلس القضاء الاعلى، الذي كان يفترض به، وضع حد لهذا الإستهتار بقضايا الخلق. نعم قد يكون هناك بعض القضايا التي يحتاج فيها القضاء الى وقت كاف، لكن لا يعني ذلك ان تظل القضية تراوح مكانها زهاء عقدين من الزمن،إن لم تكن هناك زيادة، كما هو حال القضية التي بين ايدينا اليوم. يعتبر وادي (رماضة) التابع اداريا لعزلة عردن- مديرية العدين /إب، من اشهر الاودية اليمنية التي يزرع فيها البن، وبعض المحاصيل الاخرى، وذلك يعود الى ثلاث عيون طبيعية للمياه تنبع من راس الوادي منذ امد بعيد بحسب ما بحوزتنا من وثائق تؤرخ لبعض النزاعات التي كانت تحدث بين المواطنين من حين لاخر، والتي سرعان ما كانت تحل، ليبقى الوضع على ما هو عليه باعتبار القاعدة العرفية التي يسير عليها الناس فيمثل هكذا مواضيع ، تقضي باتباع "العادة" التي سار عليها الاباء والاجداد، الا ان ما حدث في الثلث الاخير من ثمانينيات القرن الماضي، قد شذ عن المألوف، ليبدأ النزاع بين اهالي عزلة عردن -والذين يمتلكون اغلب ان لم يكن كل الاراضي الزراعية في وادي رماضة المستفيد المباشر من استمرار جريان المياه كعادتها- وبين الشيخ حمود مارش الحميدي من عزلة السارة المجاورة. القضية التي يعلق فيها المواطنون خيرا، في مسئولي المحافظة الى تبني الحل الذي يعيد الامور الى نصابها، بموجب التقارير التي يستدل بها اهالي عزلة "عردن" والصادرة عن جهات حكومية رسمية تم تكليفها بالإنتقال الى موضع النزاع. الذي وجه الاهالي من ابناء المنطقة مذكرة بشأنه إلى محافظ محافظة إب السابق العميد علي بن علي القيسي مذيلة باسم الشيخ/ مكين عبد الواحد الحذيفي -عضو المجلس المحلي بمديرية العدين وعبده احمد لطف الحذيفي، يطالبون فيها تنفيذ الاوامر االصادرة عنه، بموجب قرار الهيئة العامة للموارد المائية حول النزاع، متهمين في الوقت ذاته، مدير عام مديرية العدين، العقيد عبدالله محمد البخيتي في تعطيل تنفيذ أوامر المحافظ و التي وجه المحافظ عليها، ما نصه:"الاخ /مدير عام مديرية العدين المحترم.. للإطلاع والعمل بموجب التوجيهات السابقة، وفي ضوء ما قالته الجهة المعنية"..... وثيقة رقم (1) المثير للضحك المصحوب بالاسى والحزن، ان يأتي توجيه المحافظ لمدير عام المديرية ، رغم انه المتهم بعدم التنفيذ!!، فكيف سينفذ هذة المرة ؟، لا ندري!! في حين كان من المفترض، توجيه الامر الى جهة تنفيذية اعلى، لتباشر بدورها التحقيق في التهم المنسوبة لمدير عام المديرية، ومن ثم تنفيذ ما جاء في تقرير فريق النزول الميداني، و توجيهات المحافظ. (وثيقة رقم 2). وكنتيجة حتمية لم يتم تنفيذ التوجيه ، ليتوجه الاهالي بمذكرة جديدة، ولكن هذة المرة للنائب العام، يتهمون فيها الشيخ حمود مارش الحميدي بإرتكابه ما وصفوه "بالجريمة "، في اشارة الى المضخات التابعة له ، والتي كانت السبب في نضوب مياه كل من عين الثوارة ، وعين التربية، وهما العينان الرئيسيتان للري في الوادي. ومن خلال الزيارة التي قمنا بها الى المنطقة ، لاحظنا حجم المأساة التي آل اليها وضع الزراعة في وادي رماضة، جراء المضخات التي تم تركيبها على بعد امتار من عيون المياه، والتي لا يتدفق منها الماء الا اذا توقفت المضخات. فأشجار البن مثلا اصبحت عارية عن الاوراق ، لا تستبدلها باخرى جديدة، بل نتيجة لحالة (الجفاف الغير طبيعي) الذي تعانيه، بعد ان نضبت العيون، وجفت قنوات الري. وبدوره وجه المحامي العام الاول على ذات المذكرة ما نصه:"بسم الله.. الاخ رئيس نيابة م/إب المحترم للاطلاع والتوجيه للنيابة المختصة باتخاذ الاجراءات اللازمة ، والتصرف وفقا للقانون، مع الاهتمام بالمتابعة..التوقيع". بإثارتنا لهذة القضية ، لا نهدف مطلقا الى اذكاء ما يخفى من"جمر" تحت اوراق البن، المبتلة بدموع اصحابها ، بقدر ما نرغب في نقل مشاعر المواطنين، الذين بكى بعضهم و هو يحكي الوضع الصعب الذي وصلت اليه حياتهم ، نتيجة التراجع الحاد الذي طرأ على مزروعاتهم المعمرة والفصلية على حد سواء، ولكم ان تتخيلوا الرجل وهو يبكي، لا من اجل ما يخسره خلا ل سنوات عجاف طال امدها ، بقدر ما هو تعبير عن قهر وصل الى اقصى درجات التعبير عن الخذلان الدستوري والقانوني والعرفي، وهو ما قد يدفع بالامور الى الشروع في تجريب طرق اخرى خارجه عن الاطر الدستورية والقانونية. وفقا لما لمسناه من تصريحات لمواطنين تشير الى هذا المعنى!!. وحرصا منا على الرغبة في حل القضية حلا عادلا تعود بموجبه الحقوق الى اهلها، فقد تعمدنا إهمال ما ادلى به بعض الشهود من افادات موثقة لدى محكمة العدين الابتدائية ، وتتضمن سردا مفصلا لما كان عليه وضع الوادي قبل استحداث المضخات، وما آلت اليه الحال بعد تركيبها.كوننا نأمل بحل المشكلة لا تعقيدها، خصوصا اذا ما اعطي الموضوع ما يستحقه من الاهتمام والتعاطي الايجابي من قبل المسؤلين المعنيين بالقضية. فهل ما ينتظر اهالي عزلتي (عردن والسارة) اعلانا بتتويج العدالة والقانون لتنتهي بذلك واحدة من المشاكل التي اثارت جدلا واسعا بين ابناء العزلتين ؟ ام ان علينا الانتظار لحين سماع اخبار لا تفتجع منها "البغال" فحسب بل و"سائقيها"!! ايضا.