شهدت الأسواق المحلية اختفاء مقصوداً من قبل تجار القمح ووسطائهم في أمانة العاصمة وعواصم المحافظات خلال الأيام القليلة الماضية، حيث أكدت مصادر مطلعة توقف عشرات التجار في كل من إب وتعز وذمار والحديدة والضالع عن بيع مادتي القمح والدقيق دون مبرر، وكانت أسعار القمح والدقيق قد شهدت موجة غلاء مفاجئة بلغت 30% عن أسعار المادتين السابقتين، حيث ارتفع سعر مادة الدقيق من 3800 إلى 5000 ريال للكيس الواحد فيما ارتفعت أسعار الكيس القمح من 3600 ريال إلى 4800 ريال للكيس الواحد بفارق سعر 1300 ريال للأول و1200 ريال للثاني، وفي الوقت الذي اتهم المستهلك التجار باستغلال الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد وكذلك تنامي مستوى الطلب على المادتين اللتين تمثلان أعلى منفعة حدية وأعلى إشباع من استهلاكهما لارتباطها بأساسيات الحياة المعيشية، فشلت وزارة الصناعة والتجارة في كبح جماح احتكار القلة والمضاربة بأسعار المادتين وافتعال أزمة لا أساس لها، وكانت التجارة قد هددت بإغلاق المحلات التجارية التي يثبت مغالاتها بأسعار القمح خلال 24 ساعة انتهت مساء الجمعة الماضية وشمل تهديد التجارة أواخر الأسبوع الماضي لبعض مستوردي القمح والدقيق إيقاف سجل الاستيراد للمنشأة وإدراج اسم التجار ضمن القائمة السوداء وتعميمها لبقية الجهات، كما دعت تجار القمح والدقيق إلى الالتزام بالبيع بالأسعار السابقة ملوحة باتخاذ أقصى العقوبات القانونية بحق المخالفين كفرض غرامات مالية والإحالة إلى النيابة العامة. وحذرت وزارة التجارة المغالين بأسعار القمح والدقيق من أية ممارسات احتكارية أو فرض زيادة على الأسعار قبل أن يتم دراستها من قبل الوزارة والموافقة عليها إذا توفرت المبررات، وكان مستوردو القمح قد عزوا الارتفاع الأخير في أسعارها إلى الارتفاع العالمي وتراجع إنتاج روسيا من إنتاج القمح للعام الحالي، وبحسب بورصة المواد الأولية في شيكاغو الأمريكية التي تعد المرجعية الأساسية عالميا لأسعار القمح فإن الارتفاع ناتج عن مخاوف من تراجع العرض من القمح خلال الموسم الحالي عن الطلب إلى 4.80% الأسبوع الماضي كما انحنى الاتجاه العام للأسعار إلى 7.17 دولارات الأسبوع الماضي ثم تراجع إلى 2.50% فقط يومي الخميس والجمعة، وفي الأسواق الأوروبية بلغ سعر الطن من القمح 200 يورو محققا أعلى نسبة ارتفاع منذ العام 2008م، وجاء اهتزاز أسعار القمح العالمية بعيد إعلان النقابة الروسية للزراعة تخفيض تقديراتها للمحاصيل التي تشمل المواد الأولية للزراعة إلى 78 مليون طن وكانت المحاصيل قد بلغت 97 مليون طن عام 2009م و108 ملايين طن عام 2008م، كما حذر محللون في دار الوساطة الينديل الروسي من تراجع صادرات روسيا لهذا العام إلى 50% عن العام الماضي، وتحتل الصادرات الروسية من القمح المرتبة الثالثة عالميا كما تؤمن 8% من الاحتياج العالمي للقمح، وتوقع المحللون ارتفاع صادرات أمريكا من القمح لهذا العام نظرا لغزارة الإنتاج، وأشارت التقارير الدولية إلى أن كندا شهدت هذا العام أمطارا غزيرة ويتوقع تراجع صادراتها بنسبة 17% عن العام الماضي، كما أن المخاوف من انخفاض عائدات باكستان والهند اللتين تؤمنان 15% من إنتاج القمح العالمي بسبب الفيضانات التي تشهدها باكستان، وفي الاتجاه الآخر قلل المحللون من وقوع أزمة غذاء سيما وأن المخزون العالمي في ثالث مستوى له ومهما بلغ تراجع مستوى الإنتاج فإن مخزون العالم من القمح يكفي لعدة سنوات.