لحوار حضاري نحن الداعون وتحت إشراف أممي دولي وإقليمي وخارج إطار وحدود الجمهورية العربية اليمنية في دولة محايدة لكي تكون مخرجاته بضمانة المجتمع الدولي وتحت إشرافه ومع الطرف الآخر الذي وقّع معنا اتفاقية الوحدة في 22/مايو /1990م، ثم انقض عليها بقوة السلاح في العام 94م، وأسقط بذلك اتفاقية الوحدة وإعادة دولته السابقة (الجمهورية العربية اليمنية)، أما النوع الآخر من الحوار، وهو حوار المدفع والدبابة وقوة السلاح وهو ماحدث أمام أنظارنا وأنظار العالم أجمع في ذكرى يوم الكرامة 21/02/2013 م وعلى مرئ ومسمع من النظام في صنعاء، والذي يدعو إلى ما يسمى بالحوار الوطني في 18/ مارس القادم، وهنا لنا وقفة نتساءل فيها: أهذه هي لغة الحوار الذي تنشدون؟، ثم ماهو دور الشباب في ساحات التغيير، وما موقفهم من هذا الذي حدث؟.. هل هذا ما ينشده شباب التغيير في صنعاء تجاه إخوة لهم في العروبة والإسلام والجوار؟.. الإجابة يمتلكها شباب التغيير في الساحات؟.. كنا كتبنا اثناء الحشود الجماهيرية التي انطلقت مطالبة بعودة الدولة الجنوبية - التي أسقطت بقوة السلاح والغزو - ووفقاً لما أقرته الشرعية الدولية حينها في قراريها بهذا الصدد بأن لا يجوز احتلال أراضي الغير بالقوة . وبناء عليه، فقد رفض شعب الجنوب، بالإجماع، ومن خلال فصائله الثورية الحقة التي يمثلها الحراك الجنوبي ، وكذا كل المكونات السياسية لشعبنا في الجنوب الدخول في أي حوار مع قوى الاحتلال ما لم يكن تحت إشراف وبضمانات الشرعية الدولية ودول الجوار ممثلة بدول مجلس التعاون الخليجي وفي بلد محايد - ولكي تضمن الشرعية الدولية التنفيذ الفعلي لمخرجات هذا الحوار - يحددونه كما يشاءون وفي أي وقت يريدون، ومع الطرف الآخر الذي احتل الجنوب وأسقط دولة الوحدة التي اتُفق عليها في 22/ مايو/1990 م بين دولتين، فنحن أصحاب ثقافة، ومجتمع متمدن يقبل الحوار لأية مشكلة أو حادثة مهما كبر شأنها أو صغر. ثانياً: ولنكن أكثر وضوحاً ومن دون خداع للذات، ووهم خداع الغير، فنحن أبناء هذه الأمة وهذا المجتمع وتعايشنا معها، ونعرف أنفسنا وشعبنا أفضل بكثير مما يدعي الغير معرفته عنا، ونعرف مصالحنا أفضل مما يرسمه الغير والمجتمع الدولي لنا، والذي لا ينشد سوى مصالحه ومصالح دوله، كما أننا لسنا في حاجة إلى استيراد تجارب معلبة، ولا الخضوع لمدعي احتكار المعرفة، فنحن أمة وشعب عميق الجذور، جذورنا التاريخية الضاربة في أعماق الأرض والتاريخ، ونحن أيضا أبناء أمة طيبة وشعب مسالم مقارنة بمن يضع نفسه في مواجهتنا. نعم، علينا تعلُّم أمور من غيرنا ممن مر بتجارب مماثلة وتمكن من حلّها بما فيها المصلحة العامة، كما أننا يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا حتى نتمكن من الوصول إلى بر الأمان بأقل كلفة ممكنة، إضافة إلا أننا أبناء عقود من الهيمنة والاستبداد، ولم نمر بأية تجربة تعددية من قبل رغم ما يقال عن تجارب يتيمة لم تدم طويلاً، فلم تتمكن من أن تضرب بجذورها في أعماق المجتمع. ثالثاً: إن الاستنساخ المشوه لأنماط وفصائل الحراك الثوري في الجنوب، والذي يقيمه النظام في صنعاء وكذا بعض المنتديات التي تدعي بانتمائها للجنوب - وكذا الأحزاب السياسية في الجمهورية العربية اليمنية - لن يجدي نفعاً بل سوف يزيد المواقف توترا. رابعاً: لقد تميز الحراك الجنوبي بسلميته منذ تأسيسه وظهوره على الساحة الجنوبية في العام 2007م، وظل محافظا عليها ولا يزال حتى الآن، هذه الحالة تتفق مع ثقافة المجتمع الجنوبي وسلوكياته التي تتعارض مع طبيعة الاحتلال بسلوكياته القبلية، والثأرية، وحضور ثقافة العنف فيه وتاريخٌ من الصراعات الطائفية، والمناطقية التي تسود مجتمع الجمهورية العربية اليمنية تحت مسميات مختلفة، وذلك نتيجة طبيعية لفشل هذه البلاد المزمن في تأسيس دولة وطنية مدنية حتى هذه اللحظة. خامساً: إن تاريخ اليمن قديمه وحديثه حافل بالتدخلات الأجنبية، فهذه الحالة واضحة الآن في أنصع صورها وتجلياتها، متمثلة في المبادرة الخليجية، وآلياتها التنفيذية، وقرارات مجلس الأمن في حل الخلافات المزمنة بين النظام ومعارضيه، أو ما أطلق عليه أحزاب اللقاء المشترك وشركاؤه والمؤتمر الشعبي - الحزب الحاكم حينها - وحلفاؤه، وهو ما أفرغ حركة التغيير الشبابية في الساحات من محتواها وذلك لاحتواء أحزاب المعارضة أو اللقاء المشترك لحركة التغيير الشبابية وادعائها بتمثيلها. سادساً: بهذه الوضعية أصبحت الجمهورية العربية اليمنية بعد توقيع المبادرة في وضع يمكن أن نطلق عليه ونصفه بالوصاية الدولية الكاملة إذ أصبحت شؤون هذه البلاد تدار من خلال سفراء هذه الدول والممثل الشخصي للأمين العام السيد جمال بن عمر، بما في ذلك: القرارات التي تصدر من رئاسة الجمهورية أصبحت تشير في إحدى فقراتها إلى الاستناد الى هذه المبادرة وقرارات الشرعية الدولية في كل ما يخص شؤون هذه البلاد. سابعاً: لقد تم إقصاء النظام السابق بإبعاد رأس النظام عن سدة الحكم المباشر، ولكنه لم يستبعد نهائياً، حيث إنه مازال يمثل طرفا فاعلا في مفاصل - ما نستطيع أن نُطلق عليه تجاوزاً - الدولة. وبناءً عليه أصبح النظام في اليمن في الوقت الحاضر يدار عبر جهتين رئيستين، هما الفاعلتان الحقيقيتان في كل مفاصل الدولة وحكومة الوفاق، وهما القوة القبلية ممثلة بشيوخها، والفرقة الأولى مدرع ممثلة بقيادتها العليا، أما ما عداهما فهو تجلٍّ فقط لهما، وهذا -فعلاً- ما هو حادث الآن، بدون مكابرة أو ادعاء، بدليل أنه لم يحدث في اليمن أي تغيير جذري أو هيكلة حقيقية في الجيش، أو سواه - إلا على مستوى الورق أو القرارات - وهذا الأمر لا يهم الجنوب وقواه السياسية في شيء اللهم أنه يظل - أي النظام في اليمن - كقوة احتلال، وان تبدل بعض شخوصه وبقي آخرون، أيضا، كان لهم أيضاً النصيب الأوفر في احتلال الجنوب عام 94م عنوة وبالقوة. ثامناً: لقد أحدث بيان مجلس الأمن الدولي بتاريخ 15/فبراير/2013م صدمة عنيفة لشعبنا في الجنوب، والذي كان يتوقع أن يكون هذا المجلس عوناً له في استعادة دولته، وثروته وسيادته، وانعتاقه من الاحتلال الهمجي البغيض ووسائله القمعية، التي يمارسها على أرض الجنوب، والتي فاقت كل تصور في اضطهاده لأبناء شعبنا المسالم، والقابع على أرضه وترابه كما كان حراكه السلمي يناضل في دأب ودون كللٍ بوسائله السلمية التي لم يتعدّها منذ نشأته وحتى الآن. تاسعاً: لقد حشد النظام في صنعاء في يوم الكرامة 21/02/2013م موظفيه في المحافظة تحت قيادة محافظ عدن - المنتمي لحزب الإصلاح - كما استدعى البعض من صنعاء لمؤازرته مضافاً إلى المليشيات (التي تنتمي لحزب التجمع اليمني للإصلاح)، وكذا المليشيات الخاصة بحميد الأحمر، الذي كان متواجدا في العاصمة عدن - عاصمة دولة الجنوب - لهذا الغرض مضافا إلى ذلك قوى من الجيش، والأمن المركزي لدعم المليشيات، ولإبعاد الحراك السلمي بقوة السلاح ، وعلى مرأى ومسمع من النظام الحالي في صنعاء وبمباركته، بدعوى إقامة احتفالية بيوم النصر العظيم، كما يدعون، وبتطبيق أول أهداف نظامهم الجديد التي أوكلت إليه الأمور في الجمهورية العربية اليمنية، وتحت الإشراف المباشر للوصاية الدولية، التي نجمت عن المبادرة الخليجية، وهنا نتساءل: لماذا لم تقم هذه الاحتفالية، أو مثلها في أي من محافظات الجمهورية العربية اليمنية، وتم اختيار عدن بالذات، وفي نفس الساحة التي اعتاد الحراك السلمي الجنوبي إقامة كل فعالياته على هذه الساحة وكان الاختيار متعمداً مع سبق الإصرار والترصد. عاشراً: إن شعبنا في الجنوب الذي لا يزال يرزح تحت الاحتلال بالرغم من وجود قرارين اثنين لمجلس الأمن، وبيان دول مجلس التعاون الخليجي، وكلاهما في العام 94م، والذي نصت جميعها على عدم احتلال أراضي الغير بالقوة، كما أكد مجلس الأمن في قراريه السابقين عام 94م على نظام صنعاء بعدم فرض الوحدة بالقوة، ودعا إلى طاولة التفاوض والحوار مع دولة الجنوب، وإلزام نظام صنعاء بذلك كتابيا فماذا حدث؟!! وللإجابة على ذلك نقول: إن النظام في صنعاء قد ضرب بجميع هذه القرارات عرض الحائط واستمر في احتلاله دولة الجنوب، وانتهاك حرماتها، وسيادتها، ونهب ثرواتها، ونكّل بشعبها حتى هذه اللحظة، فما هو رد مجلس الأمن على كل هذا في تلك الفترة من العام 94م. كما أننا نوجه نفس التساؤل إلى السيد جمال بن عمر -مندوب الأمين العام في صنعاء- للإجابة على هذا التساؤل، والذي هو قد يكون على علم بما حدث من خلال موقعه الأممي، هذا ما حدث في الماضي من قِبَل نظام الحكم دولة الاحتلال في تلك الفترة، والتي ما زالت هي نفس القوة التي تدير شؤون البلاد، وهي الفاعلة الحقيقية في مفاصل الدولة، وصاحبة الأمر والنهي، والمتمثلة في القوى القبلية والعسكرية، فما رأي السادة أعضاء مجلس الأمن، الذين تفضلوا بالحضور إلى العاصمة اليمنية صنعاء ليتفقدوا أحوال النظام، والإشراف على ما تم تنفيذه من المبادرة، والتي تنسجم وتتوافق مع مصالحهم، وهنا نتوجه بالسؤال إلى أعضاء هذا المجلس حامي الشرعية الدولية، والقانون، والمُوكل إليه إنصاف المظلومين والمضطهدين، الذين لا يزالون يعانون من ظلم واستبداد المحتل في الألفية الثانية من القرن الواحد والعشرين، وما مصير القرارات السابقة التي أصدرها في العام 94م، والملزمة للنظام في صنعاء بالتنفيذ، هل نفذت؟، وأيضاً.. هل استجاب لها النظام؟، هل حدث شيء من هذا لكي نُشيد ونَشد على أيدي هؤلاء محققي العدالة، الداعين إلى مجتمعات إنسانية خالية من الاضطهاد والعنف؟.. نقول لقد تجاهل كل قراراته السابقة، والتي كانت مُلزّمة التنفيذ في العام 94م، وأصدر بيانه الجديد في 25/ فبراير الحالي يُحذِّر السيد (علي سالم البيض) رئيس الدولة التي احتلت بالقوة في العام 94م، وتم نفيه إلى خارج وطنه بعد أن سلبت دولته منذ ذلك العام، متهماً إياه بعرقلة التسوية السياسية في الجمهورية العربية اليمنية، والتي تتم لنقل السلطة من النظام السابق إلى النظام الحالي، فما علاقة السيد البيض بما يحدث، في دولة غير دولته وبين مواطنين أو معارضة لدولة أخرى، وبدلاً من أن يعيد هذا الرجل إلى وطنه، أو يدخل في حوار معه لإعادة دولته المسلوبة حذَّره من عواقب عرقلته للمسيرة السلمية لدولة أخرى، بدلاً من أن يُصدر قراراً بإنصافه وإعادته إلى وطنه، وإعادة دولته، التي كانت عضواً في مجلس الأمن والأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية والإقليمية منذ استقلالها في العام 67م، وحتى 22/ مايو/ 1990م، بعد أن دخلت في وحدة اندماجية مع الدولة الأخرى والتي اسقطتها هذه الدولة بقوة الحرب، واستعادتها لدولتها السابقة (الجمهورية العربية اليمنية)، وألغت كل ما يتعلق بدولة الوحدة من قوانين، ودستور، وأبعدت جميع الموظفين التابعين لدولة الجنوب من مدنيين وعسكريين. لقد طلب المجلس المؤقر ممثل الشرعية الدولية من شعب الجنوب عبر ممثليه في الفصائل والحراك السلمي الالتحاق بما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني ، الذي ورد في المبادرة الخليجية، هذه المبادرة لم تشر إلى الجنوب ولا إلى قضيته ودولته التي أسقطت بقوة السلاح ولو بحرفٍ واحد ، فكيف يُراد من هذا الشعب الدخول في حوار لم يكن هو طرف فيه، ولم تكن دولته جزءاً من هذا الحوار، والذي انصب على خلاف بين دولة أخرى ومعارضيها، أليس هذا من العجب العجاب؟، وما موقف السيد جمال بن عمر من هذا كله، لكي يرد علينا نحن أبناء الجنوب عن هذا، وما موقفه من رفض نظام صنعاء للحوار الذي دعا إليه مجلس الأمن في العام 94م، ورفضه النظام في صنعاء وليس النظام في الجنوب. احدى عشر: إننا أصحاب مدنية، وثقافة حوار، ولسنا دعاة غزو واستلاب أرض وثروة، نؤمن بالحوار وسنظل، فنحن الآن مستعدون للحوار إذا أراد المجتمع الدولي أن يرعاه بضماناته وتحت إشرافه وفي أية دولة يختار، فالجنوبيون على أهبة الاستعداد لهذا. اثنا عشر: إن ما حدث في يوم الكرامة بعدن لهي جريمة - يندى لها جبين الإنسانية - ستظل تلاحق أصحابها مدى الحياة، ولن ينساها شعبنا المسالم، المطالب بحقه على أرضه التي رواها بدمائه، التي سالت على تراب عدن الطاهر عاصمة الجنوب التاريخية ، وبقوة سلاح مليشيات الأحمر وحزب الإصلاح اليمني صاحب الفتوى الشهيرة في العام 94م، وتحت حماية جيش الاحتلال الذي يطلق الرصاص الحي على الصدور العارية ليمهد الطريق للمليشيات بقيادة الأحمر والإصلاح. ثالث عشر: إن إثبات شرعية رئيس الجمهورية ليست في حاجة للدماء الزكية، والأرواح البريئة التي استشهدت في عدن الحبيبة وحضرموت مسقط الرأس وقرة العين، ثم امتدت إلى جميع مدن وقرى جنوبنا الحبيب من أقصاه إلى أقصاه.. حتى بلغ عدد الشهداء إلى عشرين شهيداً، ومائة جريح، وعدد المعتقلين من القياديين السياسيين، والعلماء لا حصر لهم حتى الآن. إن ما حصل بالأمس واليوم يعيدنا إلى نفس الطريقة التي كان يتعامل بها النظام السابق مع أحرار الجنوب، وثواره في ساحات النضال والثورة. الرابع عشر: إن عدم القبول بالآخر واللجوء للقوة والاستعانة بمليشيات التكفيريين، والأحمر الذي سبق وأن وعد بحشد مليوني مقاتل لقتل الجنوبيين إذا هم حاولوا الخروج على دولته ونظامه. إن فرض الوصاية واستخدام القوة المفرطة لن تحول أو تثني شعب الجنوب من المطالبة بالاستقلال وإعادة دولته. الخامس عشر: إننا نقول للذين يحاولون العبث بالحراك الجنوبي وفصائله السياسية عن طريق الإغراء بالمال، وفرض الوصاية، نقول: كفاكم عبثاً بقضية ومصير شعب أراد الحياة، والحرية، وسوف ينالها شئتم أم أبيتم، وما عليكم إلا أن تعودوا من حيث أتيتم، فالنضال الجنوبي مقدس وقضيته لا تُباع وتشترى بالمزاد.. اللهم ارحم شهداءنا وأسكنهم فسيح جناتك، ومنّ بالشفاء والعافية على جرحانا وفك أسر وقيود معتقلينا بسجون النظام.. اللهم آمين بسم الله الرحمن الرحيم .. قال تعالى في محكم كتابه: ((ولا تحسبنّ الذين قُتلُوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقُون)) صدق الله العظيم كريتر عدن 24 / 02 / 2013 م