في الوقت الحاضر يتم الحديث كثيرًا في اليمن حول العصى السحرية والمتجلية في نظام الحكم الفيدرالي لحل مشاكل اليمن من قبل العديد من الأشخاص سواء أكانوا سياسيين ومثقفين ورجال أعمال، وعلاوة على ذلك مجموعات كثيرة من عامة المجتمع وذوي المصالح الخاصة جنبًا إلى جنب مع الدول الراعية للمبادرة الخليجية والعديد من الجهات المانحة, ولكن من دون تقديم تفسيرات وتعريفات مقنعة لهذا التوجه. لا يوجد هناك تحليل معمق لتحديد ما إذا الحكومات الفيدرالية قادرة على حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في البلد. في هذا المقال أحاول أن أكتب بشكل سريع لتعريف القارئ مدى فاعلية تطبيق الفيدرالية في ظل الظروف الراهنة في اليمن. ثمة اعتقاد أن الفيدرالية مخرج لمشاكل اليمن عبارة عن إدراك خاطئ تمامًا، وأعتقد - أيضًا - أن الفيدرالية عبارة عن طريق محفوف بالمخاطر يتم الترويج والتطبيل لها من قِبل بعض السياسيين المأزومين بالتحالف مع أصحاب المصالح الخاصة ومؤيديهم، دون الخوض في عمق واقع موجود في البلد. قد أوافق الرأي مع العديد من الأطروحات على أن هناك العديد من الدول الناجحة في العالم، التي أصبحت قادرة على حل مشاكلها العديدة عن طريق تطبيق نظام الفيدرالية - مثل الولاياتالمتحدة والهند, البرازيل وغيرها، ولكن اعتماد الفيدرالية العمياء دون فهم لمشاكل اليمن الحقيقية وجذورها تعد كاذبة وفاضحة، واعتمادها لتشكيل طبيعة نظام الحكم في البلد صغير المساحة الجغرافية سيكون خطًأ كبيرًا. وأخشى، بدلًا من حل مشاكل البلاد، قد تؤدي الفيدرالية في نهاية المطاف تقسيم البلاد إلى العديد من الدول الصغيرة، وفتح طريق لصراع داخلي طويل تغذيه طبيعة التركيبة الاجتماعية للمجتمع اليمني القبلية والمتسمة بالصراعات القبلية التي لا نهاية لها، وعداوة، وسوء الفهم بين المركز وبين الأقاليم المقترحة...الخ. ويمكن أن نتفق مع مروجي الفيدرالية على أن هناك العديد من المشاكل المعقدة في البلاد في الوقت الحالي، ولكن لا يمكن اعتماد الفيدرالية كحل لها. ولكن ما يظهر لنا جليًا أن الترويج للفيدرالية من قبل بعض السياسيين الفاسدين والمتسلقين الجدد الذين همهم الوحيد كيف يجدون طرق للاستيلاء على السلطة وسوء استخدام السلطة. في اليمن، إذا قمنا بتقييم وبصراحة الوضع الراهن وبدون أي تحيز، يمكننا القول بكل تأكيد وبصوت عالٍ وواضح أن الفساد وشهوة السلطة من قبل ما يسمى القادة السياسيون والمتسلقون الجدد هي مصدر كل المشاكل الذي يعاني منها البلد في الوقت الراهن والفيدرالية ليست فقط فكرة خاطئة، ولكن خيانة وطنية أيضًا لأنهم يعرفون جيدًا أن الفيدرالية لا تمكن ولن تحل مشاكل البلاد. مروجو الفيدرالية يريدون خلق وتقاسم وانتزاع مناصب حكومية ووزارية جديدة, يريدون أن يكون هناك رئيس وزراء وخمسون وزيرًا لكل أقليم ومجلس شعب ....الخ, وليس لتطوير البلاد عن طريق خلق خطة واقعية أو فكرة أصلية، ولكن لنهب البلد كما يتم فعله منذ عام 1962. يبدوا أن الدعوة إلى الفيدرالية يروج لها فقط لتحقيق طموحات شخصية وأنانية ولخلق فرص جديدة للمشاركة في السلطة، وأود أن اسأل مروجي الفيدرالية أن يشرحوا لنا كيف يمكن لمشاكلنا مثل الفقر، والفساد، وقمع الشعب, والأمية، وارتفاع الأسعار سيتم حلها في ظل وضع اقتصادي مأزوم, ووضع أمني هش, وسياسات وخطط هزيلة, وضعف وانعدام التنمية البشرية المؤهلة لقيادة البلد سواء أكان ذلك في المركز أو الأقاليم المقترحة. الفيدرالية في حد ذاتها هي مجرد وسيلة لتحقيق بعض الأهداف، منها حل المشاكل التي يعاني منها اليمن، ونتيجة لطبيعة التركيبة المجتمعية في اليمن وطبيعة التجاذبات السياسية والصراعات السابقة، يمكن القول: إنها لا تعتبر الوسيلة المناسبة لحل مشاكل اليمن في الوقت الراهن، وفي الجانب الآخر يمكن القول: إن الوسيلة المناسبة ترتكز في محاولة تقوية المركز وفرض نفوذه على كل أجزاء اليمن وخلق رؤية وطنية لحل مشاكل البلد وتخطيط واقعي على المدى الطويل والشعور بالمسؤولية تجاه الشعب..