سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة اليمنية شريك متقلب في الحرب على الإرهاب أمين الحزب السلفي ينصح أمريكا بالتعاون مع السلطات المحلية في حربها ضد القاعدة وسفارتها رفضت الالتقاء به
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية يوم أمس تقريراً مطولاً عن الشيخ عبد الوهاب الحميقاني، أمين عام حزب اتحاد الرشاد السلفي، عنونته الصحيفة ب " إرهابي يمني عالمي" يقول إن لديه نصيحة لواشنطن في مكافحة الإرهاب"، ونقلت الصحيفة عن الحميقاني قوله: إن الولاياتالمتحدة تبذل كثيراً من الجهود لتأجيج الإرهاب هنا في عقر فرع القاعدة الأكثر نشاطاً، ومن ثم تريد أن تهزمه. ويقول الحميقاني إن ما يجب على الولاياتالمتحدة القيام به هو تعزيز مؤسسات الدولة اليمنية بدلاً من خلق أعداء لها جراء تنفيذ هجمات الطائرات بدون طيار. وقال الحميقاني: "تستطيع الولاياتالمتحدة حماية نفسها من خلال التعاون المباشر مع السلطات المحلية ". في ديسمبر الماضي، صنفت وزارة الخزانة الأميركية الحميقاني، 42 عاماً، إرهابياً عالمياً، وتجمد أمواله وتعاقب أي شخص يتعامل معه. وزارة الخزانة اتهمت الحميقاني باستخدام شبكته من الجمعيات الخيرية في اليمن لتمرير الأموال إلى تنظيم القاعدة، ووضعته "في مركز شبكات الدعم العالمية التي تمول وتسهل الإرهاب". وقالت وزارة الخزانة إن الحميقاني منذ 2012 كان "شخصية مهمة" في أخطر أجنحة المجموعة الإرهابية، القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وإنه ساعد على تنسيق الهجمات العنيفة على اهداف حكومية وتجنيد مقاتلين. لكن الحميقاني ينفي كل ذلك. وقال إن جمعيته الخيرية يستفيد منها "الأيتام والمساجد والأسر الفقيرة" وليس تنظيم القاعدة. ويقول: "موقفي الشخصي هو ضد عمليات القاعدة، لأنهم يقتلون خارج إطار القانون". قد يكون غير مستغربا أن الشخص المدرج في قائمة العقوبات يستخف من التهم الموجهة ضده. لكن ما يجعل قضية الحميقاني محيرة أكثر، وربما صعبة للولايات المتحدة، هو ما يقوله بأنه مستعد للقاء مسئولين أميركيين وإن يواجه المحاكمة، ويدعي إنه قد طلب عقد اجتماع في السفارة الأميركية. والسفارة رفضت التعليق. يقول الحميقاني: "ليس لدي أي اعتراض للذهاب إلى المحاكمة هنا في اليمن لكي أدافع عن نفسي ضد أي اتهامات، حتى لو كانت من وزارة الخزانة الأميركية". وقال الحيمقاني إن حياته لا تعبر عن إرهابي. وقال: "أنا أمين عام لحزب سياسي وأعيش هنا في صنعاء". وخلال المقابلة توقف اثنان من السياسيين من حزب آخر لتحية الحميقاني والسلام عليه بالأحضان. وأضاف: "أنا عضو في الحوار الوطني"، في إشارة إلى مؤتمر المصالحة الذي تشارك الولاياتالمتحدة في رعايته من أجل ردم الفجوات بين الأطراف السياسية والقبائل والناشطين في اليمن. إن التحدي العلني الذي يظهره الحميقاني للحكومة الأميركية يسلط الضوء على تباين غير مريح بين واشنطن والحكومة اليمنية التي تعتمد عليها في المخابرات المحلية والتعاون في حربها العالمية على الارهاب. القاعدة في شبه الجزيرة العربية لديها جذور عميقة في هذه الزاوية الفقيرة من العالم العربي. لقد نفذت على الأقل هجومين فاشلين على الأراضي الأميركية في السنوات الأخيرة. ويقول مسئولون أميركيون إنهم أحبطوا هجمات أخرى، من بينها مؤامرة في اغسطس الماضي أدت إلى إغلاق السفارات في جميع أنحاء المنطقة. ووفقا لمجلة الحرب الطويلة وغيرها من المنظمات التي ترصد هجمات الطائرات بدون طيار، فإن وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون نفذوا عشرات الغارات الجوية السرية ضد المشتبه بضلوعهم في الارهاب في اليمن على مدى السنوات الخمس الماضية. ووصفت الصحيفة الحكومة اليمنية بأنها شريك متقلب في الحرب على الإرهاب.. حيث تتعهد بالولاء لواشنطن في حربها على الإرهاب وفي نفس الوقت تسترضي السكان المحليين، الغاضبين من غارات الطائرات بدون طيار، عن طريق دفع تعويضات لبعض الضحايا. النقاد هنا يتهمون بعض السياسيين النافذين، منهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بإعداد الجهاديين المحليين في البلاد. في ديسمبر الماضي، اعترضت الحكومة اليمنية علنا على قضية الحميقاني. وقالت وزارة حقوق الإنسان اليمنية في بيان لها: "لقد تفاجئ اليمنيون بوضع شخصية وطنية ودينية وأكاديمية وسياسية على قائمة الداعمين للإرهاب دون أي أساس". كما أدان مؤتمر الحوار الوطني في اليمن هذه الاتهامات. الحميقاني، الذي قال إنه التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عدة مرات منذ أن فرضت الخزانة الأميركية عليه عقوباتها، كان مشاركا نشطا في الحوار الوطني الذي اختتم أعماله في يناير الماضي. لكن وزارة الخزانة الأميركية تقول إن حزب اتحاد الرشاد، الذي الحميقاني أمينه العام، هو واجهة لتجنيد مقاتلين للقاعدة. ويقول الحميقاني إذا الولاياتالمتحدة تعرف أي شيء عن الإرهابيين، فهي تعرف أن القاعدة لا تؤمن بالسياسة التشاركية. وقال: "القاعدة تؤمن بالجهاد كوسيلة لإقامة دولة إسلامية وتؤمن أن الانضمام إلى الساحة السياسية هو شكل من أشكال الخيانة أو هدف غير إسلامي". الحميقاني، واضعا مسبحة من اللؤلؤ حول خنجره اليمني التقليدي، يعرف أن لديه حلفاء محليين أقوياء. خلال المقابلة ابتسم وهو يشرح ما يبدو وكأنها نقاط يركز عليها جيدا، الحوار والمصالحة الوطنية والسلام والعدالة. وقال هو مبتهج: "من أهداف حزبنا هو التعاون مع الولاياتالمتحدة في إطار العدالة والمصالح والمنافع المتبادلة والسلام". وتضيف الصحيفة: وسواء كان الحميقاني يتظاهر بكلامه هذا أو يتحدث عن الحقيقة، فإن كلماته ربما تضع واشنطن في موقف محرج. يقول فقهاء القانون إن إدارة أوباما لم تقدم تعريفا خاصا عن التهديد المباشر والوشيك ضد مواطنين أميركيين، وهي التهمة التي تؤهل أي شخص ليصبح هدفا للقتل أو الأسر في اليمن أو باكستان أو الصومال. ويقول خبراء قانونيون إن تمييز الإرهابي العالمي الخاص، مثلما تم تصنيف الحميقاني، هو تصنيف مالي دقيق. تقول اشلي ديكس استاذه القانون في جامعة فرجينيا والمستشارة القانونية السابقة لوزارة الخارجية الأميركية إن وصف الخزانة الأميركية لأنشطة الحميقاني في القاعدة بأنها أكثر من مجرد ممول، يثير أيضا احتمال أن يجد نفسه في قائمة القتل الأميركية. لكن الحميقاني، الذي يبدو واثقا من نفسه ولو أنه متعجرفا قليلا -بحسب قول الصحيفة- يقول إنه ليس قلقا كثيرا من ذلك. وقال إن وزارة الخزانة الأميركية بالتأكيد ستتراجع عن قرارها. كما أقترح على الحكومة الأميركية أن تفكر في سياسة بديلة لمكافحة الإرهاب. وقال: "أدعموا الحكومة اليمنية من خلال مشروع وطني يواجه تنظيم القاعدة"، وقف هجمات الطائرات بدون طيار ووضع خطة للمصالحة بحيث يسلم المتشددون أسلحتهم. لكنه اعترف أن ذلك لن يكون بهذه البساطة. ويقول الحميقاني: "لن يتخلى جميعهم عن أسلحتهم. لكن هذه الطريقة ستعطي أولئك المستعدين لترك القاعدة فرصة ليصبحوا مواطنين ويعيشون حياة طبيعية. وأولئك الذين لا يريدون ترك القاعدة سيفقدون تعاطف الناس". وفي جانب منفصل، قال إنه سيكون "ممتنا جدا" إذا اسقطت الولاياتالمتحدة اتهاماتها ضده. يقول الحميقاني: "لقد أثرت عليّ ماديا ونفسيا"، ثم ابتسم.