من بوابة الملف الأمني.. إخوان اليمن يحاولون إعادة الصراع إلى شبوة    النعي المهيب..    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    متهم بجريمة قتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية جنوبي اليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    رسالة تهديد حوثية صريحة للسعودية .. وتلويح بفشل المفاوضات    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    توحيد إدارة البنك المركزي في صنعاء وعدن.. خبير مصرفي يكشف عن حل مناسب لإنهاء الأزمة النقدية في اليمن    الذكرى 51 لجريمة قتل الدبلوماسيين الجنوبيين بتفجير طائرتهم في حضرموت    زيود الهضبة يعملون على التوطين في مأرب وسط ويحابون كوادرها المحلية    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    وزير الدفاع يؤكد رفع مستوى التنسيق والتعاون بين مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية لهزيمة الحوثيين    جماعة الحوثي تفاجأ سكان صنعاء بهذا القرار الغير مسبوق والصادم !    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    حزامٌ ذهبيٌّ يُثيرُ جنونَ لصٍّ: شرطةُ سيئون تُلقي القبضَ عليهِ بتهمةِ السرقةِ!    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    روما يسعى لتمديد إعارة لوكاكو    الحوثيون يتلقون ضربة موجعة بعد رسالة قوية من الحكومة اليمنية والقضاء    السفير السعودي يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي "خارطة الطريق" ومستجدات الأزمة اليمنية    "لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي"...قيادي بالانتقالي يعلق على رفض مخرجات لقاء الأحزاب    شاهد...عمار العزكي يُبهر جمهوره بأغنية "العدني المليح"    انقلاب مفاجئ.. الانتقالي يوجه ضربة قوية للشرعية ويهدد بالحرب بعد يوم تاريخي في عدن.. ماذا يحدث؟    أول تحرك يقوم به أبو زرعة في عدن بعد وصول العليمي مأرب    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    دوري ابطال اوروبا: الريال يتجاوز جحيم الاليانز ارينا ويفرض التعادل امام البايرن    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع لربط البحر الأحمر بالبحر الميت
نشر في الوطن يوم 16 - 06 - 2008

كرست صحيفة "Le Figaro" الفرنسية إحدى موادها لمشروع ربط البحر الأحمر بالبحر الميت بقناة تساعد على إنقاذ أكثر أحواض المياه في كوكب الارض ملوحة من الجفاف. وطبقا لمعطيات الصحيفة يحظى المشروع بدعم وكالة التنمية الفرنسية والبنك الدولي.
وبحسب الصحيفة فقد تقلص البحر الميت منذ السبعينات بمقدار الثلث تقريبا لأن مياه نهر الأردن النهر الوحيد الذي يصب في هذا البحر، تتعرض لاستهلاك مكثف إلى درجة لا تتيح رفده بالكميات المطلوبة من الماء. ويتنبأ الخبراء بأن البحر الميت قد يختفي نهائيا من وجه الأرض بحلول منتصف القرن الجاري.
وتتراوح التقديرات الأولية لقيمة المشروع بين 5ر2 مليار و4 مليارات دولار، علما أن وكالة التنمية الفرنسية مستعدة لتغطية ربع النفقات الضرورية لدراسة جدواه الاقتصادية.
وقالت الصحيفة ان المشروع المسمى "Red Dead" (أحمر - ميت) لا يبعث الأمل بإنقاذ البحر الميت من خلال جمع الإسرائيليين والأردنيين والفلسطينيين حول طاولة المفاوضات فحسب، بل ويساهم في حل مشكلة شحة المياه التي تكتسب أهمية محورية بالنسبة للمنطقة.
ويفترض المشروع بناء محطة ضخ على شاطئ البحر الأحمر من أجل تحويل الماء إلى قناة منحنية طولها 180 كلم ليتدفق فيها من تلقاء ذاته باتجاه البحر الميت. وستكفي قوة تيار الماء في القناة لتشغيل محطة كهرومائية تزود بالطاقة مصنعا لتحلية المياه.
وطبقا للمشروع سيحول المصنع نحو 900 مليون متر مكعب من الماء التي سيخصص ثلثاها للأردن والثلث المتبقي - لإسرائيل وفلسطين. أما بقية المياه المتدفقة عبر القناة (700 أو 800 مليون متر مكعب) فستصب في البحر الميت.
صراعات المياه القادمة
أسفرت العديد من الدراسات المستقبلية التي تم إعدادها داخل الوطن العربي أو التي تم إجراؤها بواسطة المنظمات والهيئات الدولية المتخصصة عن توقعات ببروز مشكلة المياه علي مسرح الأحداث في السنوات المقبلة عبر صراعات تكون مصادرها المياه المحدودة أصلها ومحورها وسببها، فمنطقة الشرق الأوسط تعاني بطبيعتها من شح موارد المياه في ظل التزايد السكاني الذي يخلق أزمة تتفاقم مع مرور الزمن، مما يجعل تامين الحصول علي الاحتياجات الفعلية من المياه هاجساً للحكومات ولاسيما في ظل حصول المنطقة العربية علي احتياجاتها المائية من خارج حدودها، ووقوع غالبية الدول العربية جغرافيا ضمن المناطق الجافة، فضلا عن مشاركة إسرائيل للعرب في مواردهم المائية عبر تحويل مجاري الأنهار وشن حروب للاستيلاء علي المياه وما تمخض عنها من سياسات تفرض واقع الاحتلال علي هذه الموارد. وتجدر الإشارة إلي تقرير المخابرات المركزية الأمريكية الذي يحاول استقراء مستقبل العالم حتي 2015 والذي تطرق إلي أن مشكلة المياه ستكون سببا للصراعات القادمة في الشرق الأوسط، مما جعل قضية المياه تدخل ضمن ملفات التسوية العالقة والتي جري تسميتها بقضايا الوضع النهائي التي لم يتم الاقتراب منها حتي الآن في ظل تعثر التوصل لتسوية للقضايا المحورية المتمثلة في إعلان الدولة الفلسطينية واللاجئين وملف القدس.
وإذا كان الوضع العربي العام تعتريه الكثير من أعراض الضعف فإن من أهم المظاهر الدالة علي ذلك هي هشاشة الأمن المائي العربي لأسباب طبيعية بحكم المناخ المرتبط بالموقع الجغرافي، أو بحكم الواقع السياسي الذي يعكسه تواجد إسرائيل وممارساتها تجاه موارد المياه العربية، وما ترتب عنه من غياب التعاون الإقليمي وهشاشته إن وجد فيما يتعلق بمشروعات المياه ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ومزارع شبعا والجولان تتضاعف مع مرور الوقت الآثار الجانبية والأعراض المزمنة لهذا الوضع غير الشرعي من خلال تعقد وتشابك الملفات المرتبطة به والتي تمتد آثارها لتشمل تفاصيل الحياة اليومية للأجيال الحاضرة بل وتلقي بظلالها علي مستقبل الأجيال القادمة، فمسلسل العدوان واغتصاب الأراضي والانتهاك اليومي لحقوق الفلسطينيين، وان شئت علي مدار الساعة يتم وفق مخطط متزامن يشمل سرقة المياه، وتغيير المسارات الطبيعية للأنهار ومجاري المياه السطحية، وسحب مخزون المياه الجوفية، وتكريس كل أدوات الاغتصاب وقلب الحقائق لتأمين الاحتياجات المائية للدولة العبرية علي حساب قضم وانتهاك الحقوق العربية بكل ما تحويه الكلمة من معان وبكل ما تشمله من ممارسات علي الأرض فالموارد المائية العربية في كل من هضبة الجولان والضفة الغربية يزودان إسرائيل بما يعادل 67 في المائة من استهلاكها الحالي للمياه.
أحلام إسرائيل مستمرة في الهيمنة علي المياه العربية
ارتبطت فكرة إنشاء دولة إسرائيل بضرورة الاستيلاء علي المياه التي تؤمن بدورها موجات المهاجرين والمستوطنين وكان أمام مؤسسي الدولة الوقوف أمام خيارين لتأمين الحصول علي موارد المياه إما من خلال مشروعات لتحلية مياه البحر أو الاستيلاء علي المياه العربية والخيار الأخير كان هو الأسهل لليهود في نهاية الأمر، فقد قدم زعماء الصهيونية في مؤتمر باريس 1919 مشروعاً لتوسيع رقعة الكيان الغاصب حتي تضم منابع نهر الأردن، كما مكن الانتداب البريطاني اليهود من السيطرة علي نهري الأردن واليرموك، كما قامت إسرائيل بمشروع لسحب مياه نهر الأردن منذ عام 1953 للحصول علي المياه لري صحراء النقب، وقد أصدر مجلس الأمن وفقا لهذا التطور قراراً لوقف العمل بالمشروع إلا أن إسرائيل استمرت فيه مما شكل خلفية لعقد مؤتمر القمة العربية في يناير 1964 والجدير بالذكر أن الاستيلاء علي مصادر المياه في كل من هضبة الجولان والضفة الغربية كان من أهم الأسباب التي أدت إلي عدوان 1967، ولذلك كي نستوعب ما يثار علي الساحة الآن من طرح لقناة البحرين والتي تم التطرق إليها خلال زيارة المسؤولين الاسرائيليين لواشنطن لابد من إلقاء الضوء علي الموقف المائي المتأزم سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في المملكة الأردنية الهاشمية مما يلفت الأنظار إلي حقيقة قد تكون مرة عند كثيرين بضرورة التوجه نحو مصادر جديدة للمياه حتي ولو كانت تتخطي الحدود، وبمعني آخر عبر مشروعات إقليمية نظرا لأن مشكلة المياه لا تخص دولة بعينها في المنطقة وإنما تمتد لجميع دول الشرق الأوسط لمواجهة الزيادة السكانية وكل ما ينتج عنها من آثار، مما جعل القضية تأخذ حيزاً ضمن القضايا المدرجة علي جدول أعمال المفاوضات النهائية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وظهر ذلك من خلال إعلان المبادئ في سبتمبر 1993 وفي اتفاقية واشنطن سبتمبر 1995 ومع ذلك لا تلتزم إسرائيل بما ورد بالاتفاقات سالفة الذكر فيما يخص المياه والحقوق الفلسطينية بها.
إسرائيل تستولي علي 1075 مليون م3 سنوياً من المياه العربية
الصِّراعَ الإسرائيليَّ - العربيَّ علي المياه أخذ شكل المشروعات والمشروعات المضادَّة فإسرائيل كانت دومًا الأسرع إلي التنفيذ وبالطرق المشروعة وغير المشروعة في حين أن المشروع العربيَّ للمياه لم يتحقَّق أبداً في منطقة حوض نهر الأردن، لأن إسرائيل - باستثناء بعض الإنشاءات البسيطة - كانَتْ تَحُولُ دون قيام أيّ مشروع عربي لا توافق هي عليه.
وقَدْ تَبَلْوَرَ المشروعُ المائِيّ الإسرائيلي في خطوطه العريضة في خمسة بنود، وكان نتاجاً لمشروعاتٍ واقتراحات ودراسات عديدة منها (مشروع أبي ديبرس 1938م، مشروع لادورميلك 1939م، مشروع هايز 1948م، مشروع ماكدونالد 1950م، مشروع بنجر 1952م، مشروع جونستون 1953م).
يقوم المشروع المائي الإسرائيلي -الذي نشر كدراسة متكاملة عام 1990م، وبعد محاولات عديدة لطرْحِه وتطويره منذ عام 1974م - يقوم علي الأركان الأربعة التالية:
1- تزويد الضفة الغربية وقطاع غزة بالمياه من مصادر خارجية، ويطرح المشروع النيل أو اليرموك أو الليطاني أو جميعها، كمصدر رئيسي خارجي.
2 - نقل مياه النيل إلي شمال النقب، حيثُ يَزعُمُ المشروع أنَّ كمياتٍ ضئيلةً منَ المياه بالمقياس المصري (0.5 % من الاستهلاك) لا تشكل عنصرًا مهمًّا في الميزان المائي المصري. كما أن هناك مشروعًا مصريًّا حاليًّا لتزويد سيناء بالمياه يمكن مده.
3 - مشروعات مع لبنان تتضمن الاستغلال الكهربائي لنهر الحاصباني، ونقل الليطاني إلي إسرائيل واستغلاله كهربائياً.
4 - هيئة مائيَّة مُشتركة أردنيَّة - إسرائيلية للتنمية المشتركة، واقتسام موارد المياه.
والمشروع يحتوي علي تجاوزات ومزاعم في الشَّأن المائي، أبرزُها: أنَّ لدي مصرَ فائضًا مائيًّا يضيع في البحر المتوسط، ومعروف أن تصريف أي نهر يحول دون ارتداد المياه أو فيضانه، ويحول دون إحداث كوارث طبيعية، كما أنَّ ذلك التصريف يساعد علي التخلّص منَ الأملاح الزائدة والمحافظة علي التَّوازُن المِلحي؛ كما أنَّ المشروع الإسرائيلي يتجاهل كون مصر دولة من دول حوض النيل، ولا يحقّ لها الانفراد بالتصرّف في مياه النيل خارج نطاق الحوض، فقواعد القانون الدولي لا تَسمح لها بذلك؛ إلا إذا كانت إسرائيل ترغب في استعداء الدول الإفريقية الصديقة ضد مصر، وتهديد أمنها القومي.
وتعتمد إسرائيل حالياً في أكثر من 55% من استهلاكها من المياه علي ما تَمَّ الاستيلاء عليه عقب حربي 1967م، 1982م من إجمالي الإيراد المائي لها في عام 1990م، والذي يقدر ب (من 1.8 إلي 1.95 مليار متر مكعب سنويًّا) تستهلك منه حاليًّا 90 % ، فهي تعتمد - منذ احتلالها للضفة الغربية وغزة - علي سحب حوالي 550 مليون م3 سنويا من الأحواض الجوفية للضفة إلي جانب حوالي 50 مليون م3 سنويا يستهلكها 300 ألف مستوطن يعيشون علي أكثر من 150 مستعمرة، شيدتها إسرائيل في الضفة الغربية. وبذلك تستهلك إسرائيل 87.6% من جملة مياه الضفة القابلة للتجديد والبالغة 742 مليون م3.
أمَّا قطاع غزة فإن المستوطنين الإسرائيليين الذين يبلغ عددهم (عام 1994م) أربعة آلاف مستوطن يستهلكون حوالي 35 مليون م3 سنويًّا؛ أي حوالي 58 % من جملة مياه قطاع غزة القابلة للتجدد والبالغة 60 مليون م3.
- وبقيام إسرائيل بتحويل مجري نهر الأردن وضخ مياهه إلي المناطق الغربية فيها، بلغت كمية المياه التي تتحصل عليها سنوياً من هذا النهر حوالي 800 مليون م3 سنوياً.
وتحصل إسرائيل من نَهْرَيِ الليطاني (بعد احتلالها للجنوب اللبناني) علي حوالي 400 مليون متر مكعب سنوياً، كما تَحْصُل علي حوالي 100 مليون م3 سنويًّا من مياه نهر اليرموك، (ولهذا السبب عارضتْ فِكرةَ بناء الأردن لسد خالد بن الوليد، ولم توافق إلا أخيرا جدًّا علي بناء سدّ الوحدة علي هذا النهر، بعد إبرام اتفاقية سلام شاملة مع الأردن)، وأخيرًا تحصُل إسرائيل علي حوالي 35 مليون م3 من مياه هضبة الجولان بسوريا.
ويُمْكِنُ تَوْضِيحُ الوضع المائِيّ الإسرائيلي في جملة ما تحصل عليه من مياه من المناطق التي تحتلّها فإذا علِمْنا أنَّ الاستهلاك الكلي لإسرائيل يبلغ 1.955 مليار م3 سنوياً، وأنَّ إجماليَّ ما كانَتْ تَحْصُل عليْهِ من داخل حدودها قبل 1967م، فسوف يتَّضح لنا أنَّ إسرائيل تَحْصُل علي مياه من خارج حُدودِها (الشرعيَّة) تبلغ كميتها حوالي 1075 مليون م3 سنويًّا (بنسبة 55% من إجمالي إيراداتها المائية).
الأردن من أفقر 10 دول بالمياه في العالم
وعلي المسار الأردني الإسرائيلي تتضح مشكلة المياه بصورة واضحة فالأردن يعاني شحاً في الموارد المائية متمثلاً في نهر الأردن والذي يقع أكثر من 60 في المائة من حوضه داخل حدود الأردن وتتشكل مياه نهر الأردن من مجموعة ينابيع معظمها في هضبة الجولان ومن عدة انهار ترفده هي الحاصباني من لبنان وباياس والدان من سوريا التي تتحد مع بعضها في سهل الحوله لتشكل نهر الشريعة الذي يصب في بحيرة طبريا إذ يبلغ حجم تدفقه السنوي أكثر من 838 مليون متر مكعب وبعد خروج النهر من البحيرة ترفده انهار اليرموك والزاكية والسعدية وروافد أخري اقل أهمية ليظل نهر اليرموك يشكل المصدر الرئيسي فيبلغ حجم تدفقه السنوي ما بين 475-500 مليون متر مكعب، بينما يبلغ حجم التدفق للروافد الأخري حوالي 469 مليون متر مكعب ومن ثم فان تدفق نهر الأردن قد يصل خلال السنة الواحدة ما يقارب 1800 مليون متر مكعب.
لقد تنبهت إسرائيل إلي أهمية هذا النهر وحيوية مصادره بالنسبة إلي سد احتياجاتها اليومية فوضعت خطة لتحويله بدأ من عام 1953 بواسطة حفر قناة رئيسية قرب حدودها المنزوعة السلاح مع سوريا والواقعة إلي الشمال مع جسر بنات يعقوب.
وتدخل مجلس الأمن الدولي بناء علي شكوي عربية - سورية فأصدر قراره إلي إسرائيل بالتوقف عن عمليات الحفر والتمويل إلا أنها لم تستجب للقرار، ونتيجة للضغوط التي مارستها واشنطن علي العرب فقد نجحت في استبعاد خطر النزاع المسلح والحرب إلا أنها لم تقض علي التوتر الذي ظل سائدا وهكذا فقد قبل العرب المشروع الأمريكي إذ أطلق عليه اسم المبعوث الشخصي للرئيس ايزنهاور (مشروع جونستون) والذي أعطي الحق لإسرائيل باستغلال مياه النهر شرط تنازلها عن مشروعها في دمج مياه نهر الليطاني بمياه نهر الأردن وبناء علي مشروع جونستون فقد حصلت إسرائيل علي 400 مليون متر مكعب.
تجدد الصراع مجددا عام 1964 فالتقي العرب أمام خيارين إما مشروع يقضي بتحويل مياه نهر الحاصباني إلي نهر الليطاني مع تحويل مياه نهر بانياس إلي اليرموك، وإما تنفيذ مشروع بديل يقضي بتحويل نهري الحاصباني وبانياس إلي نهر اليرموك مع ضرورة تشييد سد لتخزين المياه الفائضة هو سد المخيبة وبعد جدل مطول تم اختيار المشروع الثاني وما أن انطلقت الأعمال العربية في التنفيذ حتي لجأت إسرائيل لضرب مواقع الأشغال الأمر الذي مهد تدريجيا إلي اندلاع حرب 1967 وتمكنت إسرائيل من احتلال معظم المناطق العربية التي كان من المفترض أن يتم عليها المشروع العربي.
وبصفتها دولة محتلة فقد عمدت إسرائيل إلي تحويل مياه نهر اليرموك إلي بحيرة طبريا إذ يقدر الخبراء بان حجم ما تسحبه إسرائيل من تلك المياه يتجاوز 100 مليون متر مكعب سنويا، ورغم أن مشروع جونستون قد أعطي الأردن 25 مليون متر مكعب من مياه النهر إلا أن الخلاف بقي قائما مع إسرائيل التي استمرت في معارضتها لكل المشاريع الأردنية علي النهر وخاصة فيما يتعلق ببناء سد الوحدة والذي كان البنك الدولي قد وافق علي تمويله، إلي أن تم التوقيع علي اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية والتي استملت علي مجموعة من المشاريع الاقتصادية أهمها مشروع استغلال مياه نهر اليرموك وتحويله نحو بحيرة طبريا تحويلا كليا بانتظار مشروع مماثل مع لبنان لتمويل نهر الليطاني.
وتعتمد إسرائيل في سياستها المائية علي استخدام القوة العسكرية في بسط سيطرتها علي مصادر المياه من منطلق الهيمنة والقوة ، فلا تزال تتمسك بالأحواض الجوفية في الأراضي الفلسطينية وعلي حوض نهر الأردن المشاطئ لكل من سوريا والأردن ولبنان.
ومن خلال السطو الإسرائيلي علي المياه العربية -وخاصة منذ عام 1964 - قامت إسرائيل بتحويل مجري نهر الأردن و ضخت نصف مياهه إلي سهول فلسطين الجنوبية فكمية المياه التي كانت تتدفق من نهر الأردن لتصب في البحر الميت وصلت في الستينات قبل تحويل مجري النهر إلي 1600 مليون متر مكعب سنويا أما بعد التحويل تراجعت الكمية إلي النصف، كما تؤدي الصناعات القائمة علي مياه البحر 300 مليون متر مكعب سنويا مما يزيد من انخفاض وانحسار البحر، الأمر الذي أدي إلي اختلال الأوضاع البيئية القائمة في المنطقة وبخاصة البحر الميت الذي بدأ في الانحسار التدريجي منذ بدأ الاحتلال الإسرائيلي إجراءات تحويل مسار نهر الأردن عام 1964 وأصبح بذلك مهددا بالجفاف والانحسار حيث ينخفض بمعدل 80 سنتيمترا سنوياً كما تقلصت مساحته من ألف كم 2 في الخمسينات إلي 770 كم 2 في الوقت الراهن، ويتوقع خبراء الجيولوجيا الأردنيون بأن البحر الميت سيفقد ثلث مساحته خلال الخمسين عاماً القادمة إذا استمر المنسوب في الانخفاض بنفس الوتيرة القائمة الآن.
وفي يناير عام 1999 توصل علماء ألمان وإسرائيليون إلي رصد انبعاثات تؤدي إلي تفاقم ثقب الأوزون ومن خلال ندرة المياه التي تعد السمة الغالبة للمنطقة ككل بدأ الحديث يتواتر عن مشروعات لربط البحر الميت بالبحر المتوسط وذلك من تيودورهيرتزل في مطلع القرن العشرين وحاول الإسرائيليون ترويجه في الثمانينات، وجري الحديث في الآونة الأخيرة علي قناة البحرين والتي من المتوقع أن تصل بين البحر الميت بالبحر المتوسط، ففي مارس 2000 أبان حكومة باراك والتي كان شيمون بيريز يشغل من خلالها وزارة التنمية الإقليمية حيث تبني مشروعات يتوقف تنفيذها علي التنسيق بين الأطراف الإقليمية الأخري وكانت قناة البحر الميت واحدة ضمن هذه المشاريع وتتلخص وجهة النظر الإسرائيلية في اعتبار القناة مشروعاً لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال استغلال فروق الإرتفاعات بين البحر الميت والبحر الأحمر، ومن خلال الطاقة المنبعثة من المشروع يمكن القيام بعمليات تحلية المياه وإنقاذ ساحل البحر الميت من الانحسار الذي يعاني منه بشكل واضح، وتجدر الإشارة إلي أن البنك الدولي والحكومة الإيطالية قد قاما بتمويل دراسة المشروع عام 1997 ولكن تعثر بعد ذلك نتيجة لتدهور عملية السلام في المنطقة وهذه الدراسة قدرت كلفة المشروع بحوالي مليار دولار علي اعتبار أن القناة لا تتعدي 20 كيلو متراً من البحر الأحمر يتم ربطها بأنابيب لنقل المياه للبحر الميت.
وإسرائيل لديها مواقف مسبقة من قضية المياه سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في المنطقة بكاملها، وقضية المياه لابد وان ينظر لها من خلال البعد الاقتصادي وليس من منطلق الحدود، بمعني آخر محاولة توضيح أنها الطرف الوحيد في المنطقة الذي يستخدم المياه بأعلي إنتاجية أو بأعلي كفاءة اقتصادية من منطلق الحصول علي شرعية الاستيلاء علي المياه العربية أو تجاوز ذلك بطلب الحصول علي مياه من أطراف إقليمية أخري، وتهتم بالمشاريع الإقليمية من خلال طرح مشاريع تحلية مياه البحر وقناة البحرين فهي تري بأن الفلسطينيين يجب أن يعتمدوا علي مصادر أخري للمياه إما عن طريق تحلية مياه البحر أو عن طريق استيراد المياه من إسرائيل!!
((قناة البحرين) طرحها هرتزل وتبناها بن جوريون بعد إنشاء الكيان الصهيوني
فكرة إنشاء قناة البحرين تم طرحها من خلال مؤسس الحركة الصهيونية تيودورهرتزل الذي اقترح عليه أحد المهندسين البريطانيين حفر قناة تمتد من حيفا علي البحر المتوسط إلي البحر الميت، ثم إلي خليج العقبة علي البحر الأحمر وظل المشروع بعيدا عن الضوء إلي أن قامت إسرائيل في 1948 وتم التفكير فيه من جديد أخذا في الاعتبار صحراء النقب، ومحاولة إعمارها حيث تشغل نصف مساحة فلسطين التاريخية وتبني بن جوريون هذا الطرح من خلال تكثيف مشروعات الإسكان لجذب المستوطنين الجدد لمنطقة النقب القاحلة ويمكن تحليل التوجه الصهيوني المبكر والتفكير في إنشاء مثل هذا المشروع بأنه يحقق نوعا من دعم وتأكيد الربط الاستراتيجي للكيان بالبحر الأحمر علي اعتبار أن القناة ستكون ممراً مائيا أو أنها ستحقق أهدافاً صهيونية بعيدة المدي من خلال خلق بؤر استيطانية جديدة لتحقيق نوع من التوازن الديموغرافي، ولكن التكلفةالعالية للمشروع أبقته خارج إطار التنفيذ الفعلي.
وتوالت أيضاً المشروعات المتعلقة بتحلية مياه البحر ففي عام 1977 توصلت وزارة الطاقة الإسرائيلية لثلاثة خيارات منها حفر قناة من حيفا إلي وادي الأردن عبر مدينة بيسان ومشروع ثان يتعلق بحفر قناة من ميناء أسدود في الجنوب إلي جنوب البحر الميت ومشروع ثالث يمتد من تل القطيف في قطاع غزة إلي البحر الميت، وتم إقرار المشروع الثالث من قبل الحكومة الإسرائيلية آنذاك، وفي المذكرات التي نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون عام 1992 والتي أوضح من خلالها أن القناة المقرر إنشاؤها والتي تربط البحر المتوسط بالبحر الميت ومن خلالها يمكن جذب مشروعات سياحية وصناعية لصحراء النقب هذا ويوضح شارون أيضاً بأنه كان قد جمع لها مليون دولار عام 1981 ولكن بقي المشروع حبراً علي ورق مع وصول حكومة جديدة لإسرائيل عام 1984 وعاود مشروع قناة البحرين الظهور في الآونة الأخيرة علي هامش أخر زيارة قام بها شارون للولايات المتحدة حيث طلب من الإدارة الأمريكية الجديدة دعماً ماديا لهذا المشروع مما أثار قلق الفلسطينيين باعتبار أن المشروع يكرس احتلال الأراضي الفلسطينية، ويعمل علي تغيير الخريطة الديموغرافية عبر مزيد من المستوطنات في صحراء النقب، ولكن الجانب الأردني لديه قناعة بقناة البحر الأحمر- البحر الميت والتي ستكون وفق آراء المختصين الأردنيين داخل الأراضي الأردنية، ولكن يري الجيولوجيون أن منطقة الأغوار الأردنية قد تتعرض لزلازل في حال تنفيذ المشروع بسبب تعرض منطقة البحر الميت والأغوار الأردنية لضغط المياه لهذه المنطقة.
وعلي الجانب الفلسطيني ومن خلال الدراسات التي تنشرها السلطة الوطنية الفلسطينية نجد أن الموارد المائية الفلسطينية تعاني من أمرين: أولهما نقص المياه، فقد عمد الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 إلي حرمان الشعب الفلسطيني من موارده المائية من خلال إقامة المستوطنات علي الأماكن التي تتمتع بوفرة مصادرها المائية وإصدار العديد من الأوامر العسكرية التي تمكن إسرائيل من الاستخدام المطلق للمياه الفلسطينية بل ويتفاقم الحال من خلال بيعها المياه للفلسطينيين فتبيع 5 ملايين متر مكعب سنوياً إلي سكان قطاع غزة بأسعار تقدر بحوالي 20 مليون شيكل سنوياً، بالإضافة إلي استغلال إسرائيل 85 في المائة من الخزان الجوفي الموجود في الضفة الغربية، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلي أن 70 في المائة من المستوطنات الإسرائيلية تقع علي حوض الخزان الشرقي الموجود في الضفة الغربية، فمع استمرار استغلالها للخزان الجوفي الفلسطيني الذي يغطي 25 في المائة من احتياجاتها المائية - وفق ما نشرته الهيئة العامة للاستعلامات الفلسطينية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية- تتناقص نتيجةً لذلك مناسيب المياه الجوفية وبالتالي كمية المياه المخزونة، وبصورة رقمية يمكن إدراك الواقع المائي في الأراضي الفلسطينية المحتلة فكمية المياه التي يستهلكها الفرد في إسرائيل تقدر ب571 متراً مكعباً سنوياً في الوقت الذي يبلغ فيه استهلاك الفرد في الأراضي الفلسطينية المحتلة 91 متراً مكعباً سنوياً، وبالنسبة لكمية المياه المستخدمة للاستهلاك الزراعي نجد أنها في إسرائيل تبلغ 1252 متراً مكعباً سنوياً في الوقت الذي تبلغ فيه 171 متراً مكعباً سنويا في الأراضي المحتلة، أما الأمر الثاني فهو تلوث المياه في الأراضي الفلسطينية من خلال تزايد درجة ملوحتها وزيادة نسبة النترات فقد ارتفعت نسبة الأملاح في مياه نهر الأردن بالنسبة لأراضي الضفة الغربية، فضلا عن ارتفاع نسبة ملوحة المياه الجوفية الواقعة علي الحدود بين أراضي السلطة وإسرائيل نتيجة الاستنزاف الجائر الذي تمارسه الأخيرة في سحب المياه الجوفية، مما أدي إلي تحوّل ما يزيد علي 72 في المائة من مياه الضفة الغربية إلي مياه تزيد بها نسبة الأملاح عن المعدلات المتعارف عليها دولياً بالإضافة إلي أن 85 في المائة من آبار قطاع غزة غير صالح للشرب، ومن وجهة النظر الأردنية فان الجانب الفلسطيني سيستفيد من مشروع قناة الأحمر - الميت من خلال تحديد حصة له من المياه التي سيتم تحليتها، فضلا في حصوله علي الحصة المقررة للجانب الإسرائيلي في حال امتناعه عن الإسهام أو المشاركة في المشروع، ولكن يأتي الحديث عن المشروع بالنسبة للجانب الفلسطيني في غير أوانه فلازال هناك العديد من الإشكاليات التي تفوق ملف المياه بالنسبة له علي الأقل في الوقت الراهن.
تشير التوقعات بأن الأردن سيعاني نقصاً في المياه قد يصل إلي 430 مليون متر مكعب عام 2025 حيث يستهلك الأردن 900 مليون متر مكعب من المياه سنوياً في الوقت الذي لا يمتلك فيه سوي 650 مليون متر مكعب سنوياً، مما يشكل هاجسا يهدد الأمن الأردني مستقبلا، وعلي الجانب الأردني الذي يعاني من عدم كفاية مصادر المياه نجد أن هناك قناعة أردنية فيما يخص قناة البحرين والتي تصل البحر الميت بالبحر الأحمر، وينظر الأردن للمشروع من منطلق بيئي للحفاظ علي البحر الميت الذي ينحسر بشكل واضح سنوياً ومن خلال احتياجاته من المياه.
ومع الزيادة السكانية المستمرة داخل الأردن يكون من الضروري البحث عن مصادر جديدة لمواجهة العجز المائي، فبعد توقيع اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل في أكتوبر 1994 قام الجانبان بالتوقيع علي ملحق خاص للمياه والتي تحدد حصة الأردن بنحو تخزين 50 مليون متر مكعب سنويا في بحيرة طبرية والتي يصب فيها نهر اليرموك، كما جري التفكير في مشاريع إقليمية بين الجانبين، وكان قد تم التطرق لمشروع قناة الأحمر- الميت أبان مؤتمر عمان الاقتصادي عام 1995 ضمن المشروعات المشتركة المزمع عقدها بين الأردن وإسرائيل والتي تضمنت اقتراح مشروعات لإنتاج البرومين والبوتاس من البحر الميت، وعلي الرغم من إقرار اتفاقية المياه بين الجانبين إلا أن إسرائيل لا تلتزم من جانبها بإعطاء الأردن حصته من المياه طبقا للاتفاق، فقد أعرب الأردن عن رفضه تخفيض حصته من المياه واعتبر ذلك بمثابة خرق لاتفاق وادي عربة وهذا ما حدث بالفعل في مارس 1999 كما يري المتخصصون الأردنيون بأن القناة ستمر في وادي عربة مما يعطي مجالا لمشاريع تنموية داخله وتُقدر تكلفة المشروع حسب توقعات الخبراء الأردنيين بأربعة مليارات دولار لإنشاء قناة مغطاة إلا في الأجزاء الأولي منها بطول 210 كيلو مترات ويمكن من خلالها تحلية 810 ملايين متر مكعب من المياه سنويا يتم توزيعها كالتالي 570 مليون متر مكعب للأردن، 120 مليون متر مكعب سنوياً للفلسطينيين، 120 مليون متر مكعب لإسرائيل، كما توجد بعض التوقعات التي تشير إلي أن المياه التي سيتم تحليتها ستوزع حصصها علي أساس احتياجات الأطراف الثلاثة المشاطئين للبحر الميت: الأردن، والسلطة الفلسطينية وإسرائيل أو علي أساس المساحات التي يمتلكها كل طرف علي البحر الميت لكل طرف من الأطراف الثلاثة.
ومن الممكن إنتاج طاقة هيدروليكية من المشروع من خلال استغلال فروق الارتفاع بين البحرين تقدر ب 550 ميجاوات، وتجدر الإشارة إلي أن قناة البحر الميت - البحر الأحمر وفق الرؤية الأردنية تمر بكاملها في أراضي الأردن مما يفيده في إنشاء مشاريع في المناطق التي ستمر بها القناة مما يؤدي إلي تنمية المنطقة الممتدة من العقبة إلي البحر الميت مروراً بوادي عربة، كما أن ذلك يمنحه السيطرة عليها بعيدا عن الهيمنة والأطماع الإسرائيلية في مياه المنطقة، ولكن يقف التمويل عائقاً أمام تنفيذ المشروع بالإضافة إلي الظروف السياسية القائمة في المنطقة حاليا مما يمنع طرح المشروع.
ويري بعض المتخصصين بأن إسرائيل سترجح قناة البحر الميت -البحر الأحمر بدلا من الأخري التي تربط بين المتوسط والميت، لعدة اعتبارات منها أن من مصلحة إسرائيل الحفاظ علي البحر الميت التي ستستفيد منه في قيام بعض الصناعات مثل منتجات البوتاس والبرومينين ولكن تحاول إسرائيل استغلال ثروات البحر الميت من خلال محاولتها تنظيم مشروعات مشتركة مع الأردن في الشاطئ الشرقي للبحر ولكنها لم تر النور بعد، كما أن مصلحتها أيضا تنفيذ مشروع قناة البحرين بتكلفة أقل إذا تم من خلال دعم دولي كمشروع إقليمي ولكن الأجواء الراهنة لا تسمح بالتحرك الجدي في مشروعات من هذا النوع وخاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي في الأراضي المحتلة وقد يكون من الأفضل طرحه بعد استئناف المفاوضات إذا كان هناك أمل في عودة المفاوضات من جديد ولاسيما ملفات الوضع النهائي التي تتضمن المياه وتنظر الأردن للمشروع علي المدي الطويل فتنفيذه سيتعلق بالأوضاع ومدي استقرارها في المنطقة ويمكن تحليل الموقف الإسرائيلي المحرك لمشروع قناة البحرين في الفترة الحالية بأنه يأتي ضمن سيناريو الضغط علي السلطة الوطنية سياسيا من خلال طرح مشروع يتجاهل الحقوق الفلسطينية فيما يتعلق بالمياه بالإضافة إلي النتائج السلبية للمشروع التي تهدف إلي إعادة رسم الخريطة الديموغرافية من جديد متجاهلة الحقوق الفلسطينية في الأراضي المحتلة وتكريس واقع عزل التجمعات الفلسطينية و تطويقها بكانتونات استيطانية جديدة تزيد من وطأة المستوطنات وتضيف بالتراكم إلي الأخطاء والجرائم المتعمدة في حق الشعب الفلسطيني. ويكون علي الأطراف العربية أن تبرز مشكلة الأمن المائي مع الجانب الإسرائيلي بشكل جدي علي اعتبار أن هناك أمناً مائياً عربياً يوازي الأمن المائي الإسرائيلي التي تتشدق به من حين إلي آخر، كما ان الجانب العربي ملزم بطرح ملف المياه ضمن قضايا الوضع النهائي من منظور إقليمي متكامل لمنع إسرائيل من التعامل بشكل ثنائي مع هذه القضية، فالجانب الإسرائيلي لا يريد أن يتنازل عن أي مكاسب حصل عليها من جراء الاحتلال العسكري للموارد المائية العربية، كما يمكن للدول العربية التي تجمع بينها موارد مائية مشتركة أن تتدارس فيما بينها إمكانيات تدشين مشروعات مشتركة كما كان مطروحا مثل سد الوحدة علي نهر اليرموك عبر التعاون بين سوريا والأردن.
خلاصة القول انه إذا كان مشروع قناة الأبيض - الميت - والذي تم الترويج له منذ وقت مبكر، وتم إعادة النظر فيه من وقت إلي آخر- يحقق المرامي الإسرائيلية فإن مشروع الأحمر - الميت يلقي قبولا واقتناعا من وجهة النظر الأردنية من خلال ما يمكن تحقيقه من فوائد بيئية متكاملة تنتج عن المشروع، ولكن لن يتحقق ذلك إلا في ظروف إقليمية مواتية من الصعب الوصول إليها في ظل الأوضاع المتردية القائمة حالياً، كما يمكن للأردن أن يطلب الدعم المالي لتنفيذ المشروع من جهات عدة سيما المنظمات المعنية بالحفاظ علي التراث الإنساني مثل اليونسكو وغيرها للحفاظ علي البحر الميت الذي يعتبر ثروة اقتصادية وتراثاً إنسانياً ويبقي الصراع مستمرا من أجل المياه وتبقي الدول العربية في قائمة المتضررين.
_________________________
المصادر
- وكالة الأنباء الروسية
-دراسات منشورة في مركز المعلومات التابع لجريدة الراية القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.