أثار بيان اصدره نحو 150 من علماء الدين اليمنيين أفتوا فيه بالجهاد ضد من يتعاون أو يتدخل أمنياً في اليمن ، وحرموا قتل أي شخص إلا بحكم شرعي، انتقادات حادة يمنيا وعربيا بوصف ذلك استثمارا للورقة الدينية في تأجيج عواطف العامة الرافضة لأي تدخلات أجنبية ، وتوظيفها لأغراض سياسية تلتقي مع مشروعات التطرف والتشدد في العالم الإسلامي ومنها القاعدة. ويقلل الخطاب الديني من خطر القاعدة مثلما يؤكد تدخل عسكري امريكي على الرغم من نفى الاخيرة ، ويشكك بأن الولايات المتحدة الأميركية لعبت دوراً بارزاً في العمليات الأربع الأخيرة القاسية ضد تنظيم القاعدة وقياداته في ابين وارحب صنعاء وشبوة وأخيرا بين الجوف وصعدة ..بل ويرفض تلك العمليات بوصفها قتلا خارج القانون ، وفي المقابل تؤكد السلطات اليمنية بأنها استبقت بعملياتها العسكرية لا سيما التي نفذها سلاح الجو ، اعمال ارهابية كانت تحضر لها القاعدة ، كما تعتبر تلك العمليات يمنية خالصة ورد بالوقائع على كل الأصوات التي حاولت التشكيك في قدرات اليمن وكفاءة دولته ومؤسساته ، تفسير للفتوى وتأكيد على الجهاد ويفسر الشيخ عبدالمجيد الزنداني –عضو الهيئة العليا لحزب الاصلاح المعارض رئيس جامعة الايمان ، فتوى العلماء في كونها دعوة للجهاد دفاعا عن اليمن في حال تعرضه لتدخل عسكري اجنبي.وقال الشيخ الزنداني في خطبة له "متى نزل العدو في ساحتنا وجاء لاستعمارنا فديننا يوجب الجهاد"، مؤكدا ان "هذا أمر من الله لا يستطيع احد ان يلغيه (...) لا ملك ولا رئيس ولا قائد ولا زعيم ولا عالم ولا اي احد، هذا حكم الهي الله امر به"، ملفتا إلى تقارير صحافية اميركية "قالت ان النظام اليمني آيل للسقوط وعلى القوات الاميريكة والمارينز التدخل للسيطرة على منابع النفط في اليمن"، معتبرا هذا الامر "اعلان حرب". كما انتقد المؤتمر الدولي حول اليمن المقرر في لندن في 28 يناير معتبرا انه يهدف الى وضع اليمن "تحت الوصاية". ودعا الزنداني اليمنيين الى نشر الفتوى التي اصدرها علماؤهم "بما في ذلك في اجهزة الاعلام والشبكة العنكبوتية"، مشددا على ان "تبليغ هذا الحكم الشرعي واجب". كما دعا "العرب والمسلمين لمساندة اليمن قبل ان تنزل النازلة". اصطفاف مع التطرف والغلو والإرهاب وتساءل الدكتور بجامعة صنعاء عادل الشجاع عن سبب اعلان العلماء في بيانهم الأخير الجهاد ضد الولايات المتحدة الأمريكية إذا جاءت لمحاربة القاعدة في اليمن، في وقت لم يشر فيه هذا البيان إلى إعلان الجهاد ضد هؤلاء الذين يعرضون الوطن وأمنه واستقراره للخطر.. وقال أن السؤال الذي يطرح نفسه: "هل أمريكا كانت ستجد لها مبرراً للحديث عن اليمن إلا بعد أن خرج أولئك الزعران في أبين وهم يعلنون الموت لامريكا، ليجسدوا ذلك من خلال عمر فاروق عبدالمطلب الذي تسلل إلى صنعاء تحت ستار تعلم اللغة العربية ومعها تعلم كيف ينجح في تثبيت القنبلة الجديدة في لباسه الداخلي.. وهل تساءل هؤلاء –العلماء- الذين يقفون عند مظاهر المشكلة ولا يتوقفون عند المشكلة نفسها، كيف سيكون الوضع فيما لو انفجرت الطائرة وتطايرت الأجساد في الهواء ومعهم العدد الذي سيحترق على الأرض.. لماذا لم يتوقف هؤلاء أمام هذه الواقعة ليربطوها بسلسلة الوقائع الأخرى التي تعيد إنتاج أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لماذا لم يركز هؤلاء على تنظيم القاعدة الذي أراد أن يجعل من اليمن محطة مستفيداً من التناقض بين إيران وبعض الدول الإقليمية ليدير تحالفاً مؤقتاً مع جماعات الشيعة الراديكالية؟. وعبر الدكتور الشجاع عن اندهاشه ممن يستنكر الحديث عن حماية الأمن القومي اليمني من خلال تدريب بعض الوحدات الأمنية لمواجهة الإرهاب والعناصر الإرهابية. واكد في مقال تحليلي أن عملية عمر فاروق عبدالمطلب لم تكن موجهة إلى الولايات المتحدة فحسب، بل هي موجهة بدرجة أساسية لليمن، وإلا لماذا اختار التنظيم أن تكون اليمن هي المنطلق لعمر فاروق آخر.. مشيرا الى أهمية ان يقف الجميع أمام ثقافة الكراهية التي تطلق بسبب أو بدون سبب تجاه الولايات المتحدة الأمريكية بما يسمح بتعزيز هذه الثقافة لدى كثير من الشباب، بحيث يكون لديهم الاستعداد لقتل العشرات من الأبرياء قتلاً جماعياً واعتبار ذلك وسيلة للشهادة والتقرب إلى الله، كما حصل مع الحوثيين الذين رفعوا الموت لأمريكا وذهبوا ليحصدوا أرواح الجنود اليمنيين والمخالفين لأفكارهم.. وكما حصل من قبل عندما رفعت جماعة من اليمنيين شعار محاربة الشيوعية ولم تقتل سوى يمنيين لم يقرؤوا عن الشيوعية حرفاً واحداً،. وكما حدث مع إخواننا الاشتراكيين الذين رفعوا شعار مواجهة البرجوازية وذهبوا لقتل أناس لم يكونوا يمتلكون ما يدخرونه لغدهم من فرط فقرهم. واعتبر انه من الاستهتار أو التهوين ترك جماعات لا شرعية لها تطلق بيانات وتصريحات إنما تعزز وتؤكد فكرة التواطؤ مع القاعدة، داعيا العلماء الإجلاء لليتفرغ لقراءة الدين قراءة عصرية تشدد على قيمة العقل والفكر والتفكير كمظهر من مظاهر المعرفة والتقدم للإسلام والمسلمين.. مضيفا "عليهم ألا يصطفوا مع التطرف والغلو والإرهاب الذي استباح قتل الأبرياء والعزل ويزعمون أن ذلك في سبيل الدين، وهي ليست من الدين في شيء". وطالب الدكتور الشجاع بدعم الدولة المدنية ومؤسساتها القائمة على مبدأ المساواة في المواطنة، وهو أمر رآه بالغ الحيوية والأهمية لتطوير المفاهيم الدينية، كما طالب الدولة ألا تسمح لأي كان أن يتحدث باسم الإسلام، لأنه لا سلطة دينية داخل الإسلام ولا كهنوت يسعى إلى توسيع نفوذه ومشاركته السلطة الحاكمة في الهيمنة والسيطرة. واكد الدكتور الشجاع إن الفوضى التي يخلفها تنظيم القاعدة في اليمن سيدخلنا في مستنقع يصعب الخروج منه.. وبدلاً من تحذير امريكا يجب تجفف اليمن من هذه العناصر الخارجة عن الدين وعن الإجماع الوطني والتي لا هدف لها سوى الموت.. حد قوله..وخلص بالقول انه "لابد من فك الاشتباك بين المؤسسة الدينية والقوى التقليدية، لأن بقاء هذه الجماعة في سياق الفهم الخاطئ لدورها المعاصر يحولها إلى مصدر للمشروعية بشروعية السلطة المتناقصة مع الإرادة الشعبية من خلال الادعاء بأن مشروعيتها متصلة بارتباطها بالدين والشريعة". استغلال للمرحلة..غطاء للقاعدة من جانبه هاجم طارق الحميد رئيس تحرير جريدة الشرق الاوسط البيان الذي صدر عن مجموعه من علماء الدين باليمن ، واعتبر بأنه يوضح رغبة العلماء في السيطرة علي الشان السياسي واستغلال المرحلة العصيبة الذي يمر بها اليمن بتوفيرغطاء لتنظيم القاعدة هناك . وقال انه على الرغم من المشاكل التي تعترض الدول العربية داخلياً وخارجياً فإن المؤسف هو عدم إدراك كثير من علماء الدين خطورة تدخلهم في الشأن السياسي دون تقدير حقيقي لعواقب الأمور ، متسائلا " فهل على الحكومة اليمنية قطع علاقاتها بالمجتمع الدولي أم أن البيان يريد توفير غطاء لتنظيم «القاعدة»؟ فأين علماء اليمن عن الانفصاليين وأين هم عن ما يفعله الحوثيون وأين هم عن الجهل الذي يضرب في أطناب اليمن الذي كان يقال عنه اليمن السعيد، وأين هم عن الفقر طالما أنهم يحذرون من المساس بما «يضر مصلحة البلاد» بل ويحذرون حتى من مؤتمر لندن رغم أن اليمن يواجه مشاكل لا حصر لها وفي أمسّ الحاجة للمساعدة؟". وإذ اشار الكاتب إلى أن طرحه ليس القصد منه الإساءة لعلماء اليمن أو التشهير بهم ، تساءل "ما الفرق بين ما يقولونه اليوم وما قالته طالبان الملا عمرعندما دافعت عن أسامة بن لادن وعرّضت أفغانستان وأهلها لمزيد من الدمار والحروب؟ أوليس الأجدى هو دفع الضرر عن الناس والبلاد؟". واشار الكاتب إلى أن البيان الذي صدر عن 150 عالماً باليمن يدعو للجهاد ضد من يتعاون أو يتدخل أمنياً في اليمن رغم نفي الأميركيين أن لديهم أي نية لإرسال قوات لليمن، فيه تجاوزاً وتهميشاً للحكومة اليمنية في الوقت الذي قام فيه تنظيم «القاعدة» بتقسيم محافظات البلاد إلى ولايات عين عليها أمراء وكأن اليمن بلد فاشل ، كما أن «القاعدة» شرعت في ترهيب الناس وفرض سلوكيات معينة في بعض محافظات اليمن، ناهيك عن تهديد المدارس تماماً كما تفعل طالبان التي قامت بإحراق المدارس والطالبات، والمعلمات إضافة إلى إنشاء معسكرات تدريب وإيواء للإرهابيين! واعتبر الكاتب أن بيان علماء اليمن لا يشكل خطراً على اليمن وحده بل وعلى أمن المنطقة حيث أنه يشكل غطاء ل«القاعدة» ويزيد من تعقيد الأمور باليمن، وهو أمر لا يجب السكوت عنه أو التقليل من مخاطر، كما أنه أمر ينم عن جهل سياسي وبعد عن الواقع هذا إذا أردنا إحسان الظن- حد قوله. وأضاف" الأمر الذي لا بد من إيضاحه هو أن اليمن في حاجة ماسة لمبادرة ومعالجة سياسية صرفة وعاجلة فلو أن مشكلة اليمن تنعكس على اليمن وحده لكان يمكن القول إن هذا شأن يمني داخلي لكن ما يحدث في اليمن وتحديداً ازدياد تعقد الأمور داخلياً يحتاج إلى جهد ووقفة صارمة وعاجلة لنساعد اليمن، وأنفسنا، فخطر اليمن بات يهددنا جميعاً".