سعودي متآمر فخخ الطرود ، وسعودي تائب أبلغ عنها ، وسعودي محارب للإرهاب أوصل المعلومة عبر قنوات التنسيق الأمني إلى من يعنيهم الأمر ، فيما يظل اليمن ، قبل هذا وذاك ، ساحة الاشتباك الجديدة بين الإرهاب ومحاربيه ، ساحة اشتباك القوى الإقليمية والدولية ______________________________________ فجأة ومن دون مقدمات ، تحولت "الطرود البريدية" إلى ما يشبه "الفيروس" الحامل للمرض ، وأصبحت صناعة الشحن الجوي في مرمى "الإرهاب العالمي" ، الذي وإن تلوّن ب"الأخضر" و"الأسود" ، إلا أن "الطرود اليونانية" قد أضفت عليه "خطاً أحمر" باهتا ، بنسبتها إلى اليسار اليوناني المتطرف. فجأة ومن دون مقدمات أيضا ، تنهار المنظومة الأمنية لشبكة "الشحن الجوي" وتظهر هشاشتها وتهافتها ، أمام "التهديد الإرهابي" ، فتتطاير "الطرود" ذات اليمين وذات الشمال ، لتحط في مبنى "المستشارية" الجميل في قلب العاصمة الألمانية ، أو تُكتَشَف وهي في طريقها إلى مكاتب رئيس الوزراء الإيطالي الماجن ، سلفيو بيرلسكوني ، أو لتنفجر بين يدي خبراء المتفجرات ومكافحة الإرهاب. وتتوالى القصص والحكايات "المنسوجة على نول" الكارثة التي لم تكتمل فصلوها بفعل العناية الإلهية ، فهذا الطرد حملته "طائرة ركاب" إلى وجهته الأوروبية ، وذاك الطرد حملته طائرة إماراتية إلى دبي عاصمة المال والأعمال ، وذاك اشتعل بدل أن ينفجر موقعاً الضحايا الأبرياء. وكمثل العادة في هذه المناسبات ، يشتعل الضوء الأخضر ، وتتوالى التحذيرات للرعايا ، ويعاد النظر في إجراءات السلامة وأنظمة الوقاية من الإرهاب ، وتتكثف الاتصالات بين الزعماء ومن ينوب عنهم من وزراء وخبراء في مكافحة الإرهاب ، وتتخذ شركات الطيران إجراءات احتياطية ، فتوقف رحلاتها إلى اليمن ، ويفرض على هذا البلد المنكوب بحروب أهله ، وحروب الآخرين عليه ، ما يشبه الحصار: لا شيء يشحن من اليمن ، لا طرود تخرج منه ، بما في ذلك "طرود الخير"؟،. لا أحد يُقتل أو يجرح في موسم "الطرود المفخخة" ، لا طرد واحداً يصل إلى وجهته ، لا أسماء أو شبكات يجري وضع اليد عليها ، حتى طالبة الطب اليمنية التي قيل أن سلطات صنعاء قد ألقت القبض عليها ، تحوّلت من "ضحية" إلى "بطلة" بعد أن ثبتت براءتها من "فرية الإرهاب" ، وخرج زملاؤها الطلاب والطالبات في تظاهرة دعم وتضامن معها في صنعاء. المهم ، يمضي "موسم الطرود" على خير ، ومن دون إصابات ، ولا ندري هل هي تصاريف الدهر أم يقظة الأجهزة الأمنية ، أم هي يد العناية السماوية تتدخل في ربع الساعة الأخير؟،. خلايا القاعدة النائمة في اليمن الذي لم يعد سعيداً ، تستيقظ فجأة من سباتها غير العميق على أية حال ، قبل أيام قلائل فقط من "الانتخابات النصفية" ، وتبدأ رحلة توزيع الموت في طائرات نقل البضائع ، بعد تسع سنوات من قيامها بزرع الموت في طائرات نقل الركاب ، طرود مشغولة من دون احتراف ، ترسل من اليمن إلى شيكاغو ، أما المرسل إليه فكنيس يهودي كما تقول أولى الروايات ، لنكتشف لاحقاً أن الهدف تفجير طائرات في السماء. لم تصل الطرود إلى أهدافها الأرضية ولم تبلغ أهدافها السماوية؟،. لا أحد يسأل كيف حصل كل هذا فجأة ودفعة واحدة ، وعلى هذا النحو الإعجازي والحقيقة أن ثمة "ثقوبا" كبيرة في نسيج الروايات المتعلقة ب"انفلونزا الطرود" والتي تذكرنا إلى حد كبير بانفلونزا الخنازير والطيور وغيرها من كائنات ، يستوقفنا توقيت انتشار هذه الرواية و"حبكتها" غير المحكمة ، وربما الأهداف الكامنة وراءها. هل نحن أمام عمل فعلي للقاعدة ، سار على هدية اليسار اليوناني - بئس اليسار إن اهتدى بالقاعدة وأساليبها - أم أننا أمام لعبة استخبارية متعددة الجنسيات ، لكل جنسية منخرطة فيها أهدافها وأغراضها؟، مصدر التساؤل والتشكيك في الرواية ، لا يقصد بحال تنزيه القاعدة عن أفعال جبانة من هذا النوع ، فما حصل في كنيسة "سيدة النجاة" ينهض شاهداً على هول الجرائم التي تقارفها القاعدة من دون أن يرف لها جفن ، وينتصب كدليل على قدرة القاعدة الإستنثائية على انتقاء "العدو الخطأ" وخوض المعارك في غير ميادينها ، واستهداف من لا يتعين استهدافهم أصلا. مصدر التساؤل والتشكيك في الروايات المتداولة ، يعود إلى كل ما أوردناه من تفاصيل تفضح صبيانية الجهة الجهات التي تقف خلف موجة "انفلونزا الطرود" الأخيرة ، وما تسرب من معلومات عن هوية الجهة التي كشفت ما جرى ويجري: سعودي متآمر فخخ الطرود ، وسعودي تائب أبلغ عنها ، وسعودي محارب للإرهاب أوصل المعلومة عبر قنوات التنسيق الأمني إلى من يعنيهم الأمر ، فيما يظل اليمن ، قبل هذا وذاك ، ساحة الاشتباك الجديدة بين الإرهاب ومحاربيه ، ساحة اشتباك القوى الإقليمية والدولية ، والبلد العربي الثالث بعد العراق والصومال ، المرشح لأن يكون خط التماس المقبل في الحرب الكونية على الإرهاب. والمستفيدون من "رهاب القاعدة وإرهابها" كثر ، أنظمة تريد استدرار الدعم والتأييد على قاعدة "إلحقوني قبل أن أقع" ، وصراع بين أجنحة أنظمة أخرى تشتعل فيها صراعات مختلفة ، وجهد يائس للفوز في انتخابات معروفة نتائجها منذ عدة أشهر ، و"إسلاموفوبيا" يراد إبقاؤها حيّة في العقول والنفوس ، حتى وإن تم تظليلها بخط أحمر يوناني شاحب. *الدستور الاردنية