من صنعاء مروراً بدبي والدوحة ولندن كانت البداية، وسرعان ما جرى التسويق لحديث الطردين المُفخخين المُرسلين بواسطة طائرتي شحن عبر مطاري دبي ولندن ليصلا إلى أهدافهما المقدسة في الولاياتالمتحدة، وحدد الهدف مُسبقاً بأحد المعابد اليهودية في الولاياتالمتحدة. والغريب العجيب في المحددات الثبوتية أنها جاءت قبل أي تحقيق، وخارج الاعتبارت المكانية والزمانية والسياسية للمُلتبسين المُباشرين بالحالة, هكذا بكل بساطة!, وبالتالي أصبحت صياغة الخبر المسافر بقوة الدفع الهائلة للمخاتلة الإعلامية الدولية على النحو التالي: “عناصر من القاعدة يتمترسون في اليمن بقيادة مواطن سعودي هارب يرسلون طروداً ملغمة بهدف تدمير معبد يهودي في واشنطن” وبهذا اكتمل الخبر الذي لا يأتيه الباطل من قبل ومن بعد.. بعد ساعات من الخبر أعلاه سمعنا أن طرداً مُلغّماً أرسل بواسطة طائرة ركاب قطرية عبر مطاري صنعاء والدوحة!، وبدأت بورصة الإعلام تدور باتجاه سيناريوهات افتراضية هوليوودية لا تخلو من حقيقة، لكن الفاعل مجهول، والحبكة مرتبكة، والهدف غائم، والمستفيد من العملية مجهول مجهول مجهول.. لم يمر يوم واحد على فرقعة الطرود إلا وأصبحت ظاهرة الطرود أشبه ما تكون بانفلونزا الطيور والخنازير، فبدلاً من طردين “إسلاميين إرهابيين” فإذا نحن أمام أكثر من عشرة طرود “يسارية إرهابية” انطلقت من العاصمة اليونانية في أثينا واستهدفت سفارتي روسيا وسويسرا، وطرد آخر كان باتجاهه إلى الرئيس اليميني الفرنسي ساركوزي، وآخر إلى هولندا، وثالث إلى المكسيك!!. جاء التفسير اليوناني الرسمي عطفاً على محنة اليونان المالية والاقتصادية، وشعور الشارع اليوناني بالغضب من دول أوروبا التي قدمت قروضاً مليارية لليونان ليتم استعادتها أضعافاً مضاعفة.. ولكن ما دخل روسيا بهذه القروض؟!، وأين تقع الولاياتالمتحدة من التسوية المالية التريليونية المُجيرة على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التابعين أساساً لمركزية النظام النقدي الدولي الأمريكي؟!، وللحديث صلة.. [email protected]