لم نكن نتوقع كصحافيين عرب، أن طردين ملغمينَ قيل أنمهما أرسلا جواً من اليمن الجمعة الماضية29 تشرين الأول-أكتوبر المنصرم، قد يهزا ليس فقط أمريكا وبريطانيا وجهتي سفر كلاً منهما أو محطتهم الثانية والأخيرة،اللذان كانا مرسلان إلى كنس يهودية في مدينة شيكاغو الأمريكية ، قبل أن يتم اكتشافهما في دبي وبريطانيا، تم السيطرة عليها قبل انفجارها،إلا أن المنطق السياسي يقول أن حتى ولو لم تنفجر تلك الطرود التي أصابت الأنظمة الغربية مجتمعة وعلى رأسها الولاياتالمتحدة بحمى طرود شديدة، ولا توجد أدوية لها ولحالة الهلع المصاحبة لها، التي قيل أنها تحمل بصمات تنظيم القاعدة في اليمن،وأنها من صنع خبير المتفجرات في التنظيم السعودي إبراهيم حسن طالع عسيري، بعد أن أبلغت المخابرات السعودية واشنطن بأن المنشق عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب جابر الفيفي، الذي سلم نفسه قبل أكثر من أسبوعين إلى السلطات السعودية، أبلغها عن تلك الطرود، إلا أن الهدف الإعلامي من ورائها قد تحقق. إلا أنه يجب أن لا نغض الطرف ونفتح الضوء الأخضر، لهذا الابتزاز والتضخيم الغربي لخطر القاعدة في اليمن، بقيادة واشنطن ولندن، وكأن الإرهاب الدولي بات صناعة يمنية بامتياز. وحتى لو كان زعيم تنظيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن من اليمن وتنحدر أصوله إلى شبوةجنوب اليمن،إلا أن هذا ليس مبرراً لذلك التضخيم.القاعدة في اليمن قد تكون الأبرز على رأس ذلك التضخيم الأمريكي الغربي،ولكنها ليست الوحيدة بيد الغرب، فقد شاهدنا تضخيماً إعلامياً غربياً وتسييسا فرنسياً كبيراً وغير مسبوق تجاه اليمن هذا البلد الذي يعد الأشد فقراً بين 30 دولة في العالم،عندما سقطت الطائرة التابعة للخطوط الجوية اليمنية(الإيرباص الفرنسية 310)،قبالة سواحل موروني عاصمة جزر القمر، في المحيط الهندي صباح الثلاثاء 30 حزيران- يونيو عام 2009، ورغم أننا سمعنا عن طائرة الإيرباص 330 التابعة للخطوط الجوية الفرنسية، التي اختفت في يوم الاثنين الأول من حزيران من العام والشهر نفسه التي سقطت الطائرة اليمنية بنفس توقيته الزمني أي حزيران 2009،بينما كانت الطائرة الفرنسية 330 في طريقها من ريودي جانيرو إلى باريس، وسقطت في المحيط الأطلسي.. وسقطت لاحقاً ومؤخراً الكثير من الطائرات، ولم نرى هجوماً إعلامياً وتسييسا غربياً ضد فرنسا أو الخطوط الفرنسية أو غيرها،مثلما حدث مع الطائرة اليمنية وخطوطها الجوية، ولماذا لأن اليمن بلدٍ نامٍ ويعاني من فساد متنامٍ لو تخلص منه، لما احتاج لأي مساعدة خارجية سوى كانت مالية أو تقنية استخباراتية، ولتخلص حتى من مشكلاته الداخلية التي تعيق عملية التنمية في البلاد. ثم إن الولاياتالمتحدة وشركائها وحلفائها في الحرب على الإرهاب، وطيلة تسع سنوات مضت يحاربون أفراد القاعدة بعيداً عن الأسباب، التي تؤدي إلى تعاطف مناصريه في العالم العربي الإسلامي على وجه الخصوص، وهي دعم أنظمة وقادة دول عربية وإسلامية (أفغانستان)فاسدة وجاثمة على ثروات وأجساد شعوبها، وتنفق تلك الثروات على حياة بلاستيكية وحفنة من أبنائهم المدللين؛ مما يزيد من الفقر والبطالة، والكراهية للغرب وأمريكا، وكلها عوامل تزيد من العنف والإرهاب وتنامي تنظيم القاعدة عالمياً. وهاهي نتيجة ذلك التضخيم والتهويل الغربي الأمريكي لخطر الطرود المفخخة القادمة من اليمن جاءت بعد4 أيام فقط زادت من قوة وفعالية تنظيم القاعدة على الأرض وليس فقط إعلامياً، فقد وصلت حمى تلك الطرود أو أكثر من سبعة من مثيلاتها إلى العاصمة اليونانية أثينا وكذلك الألمانية برلين، ووصلت خمسة طرود مفخخة نجحت القاعدة في تفجير أحدها لكن هذه المرة ليس من اليمن وإنما من اليونان أمام السفارة البلغارية في أثينا، وأربعة آخرى تم إرسالها إلى سفارات كلاً من روسيا وسويسرا وألمانيا والتشيلي، وآخر أرسل إلى برلين إلى مكتب المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل وتم السيطرة عليه وكشفه وتدميره قبل أن ينفجر، وكذلك ثلاثة طرود أخرى تم السيطرة عليها وتدميرها كانت اثنان منها في أحد عنابر الشحن في مطار أثينا، والثالث في البرلمان اليوناني، على الرغم من كثرت تلك الطرود المفخخة في اليونان وانفجار احدها، وخطورة مواقع زرعها أو إرسالها(سفارات غربية ومكتب ميركل) مع مقارنة مع ما قيل أنها أرسلت من اليمن،إلا أننا لم نشهد تضخيماً إعلامياً أمريكياً غربياً ضد قضية طرود اليونان،مثلما حدث مع الطردين المرسلان من اليمن. ما يؤلم ليس فقط هذا التمييز تجاه اليمن وتجاهل اليونان وقضية الطرود، على مرارتها وتسييسها وتضخيمها، وممارسة الضغط على الحكومة اليمنية، ووقف جميع الرحلات الجوية الألمانية والهولندية القادمة جوا من اليمن، على خلفية قضية الطرود، وإنما أيضا ظلم ذوي القربى، وتعاطي بعض الحكومات العربية مع هذا التضخيم والتسييس الأمريكي البريطاني – الغربي، وعلى رأسها الحكومة المصرية، عندما أعلنت السبت الماضي تشديد إجراءاتها الأمنية والتفتيش الدقيقة على مسافري 30 دولة على رأسها اليمن والصومال جوا إلى مطاراتها المصرية، ونحن مع أمن مصر الكبيرة في قلوبنا كيمنيين وعرب في الوقت نفسه، إلا أنه يفيد التذكير أن الحكومة المصرية نفسها ومعها الكثير من الأنظمة والدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، قالت بأنها لن تعامل المسافرين الأمريكيين بالمثل القادمين إلى مطاراتها، عقب تنفيذ أمريكا قائمة محظورات وإجراءاتٍ أمنية مشددة ومهينة للمواطنين العرب القادمين إلى أراضيها، ومطاراتها، وأجبرتهم منذ بداية العام الماضي، على المرور عبر أجهزة ضوئية أمريكية حديثة تظهر أجسادهم عراة، سواء كانوا أم نساء، مما جعلني أتذكر المثل العربي البدوي القائل" إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه"، ورغم أن اليمن لن يطيح أو ينكسر، وسيمضي قدماً إلى الإمام، وسينظم بطولة خليجي 20 في عدن وأبين بكل نجاح، وبلا مشاكل أمنية بإذن الله، رغم الحاقدين مهما بدا قابضاً على الجمر. [email protected]