هجمات إرهابية منسقة ضربت مساء الامس الجمعة العاصمة الفرنسية مخلفة 127 قتيلا ،وقبلها بأيام في لبنان ويعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها.. ذلك إذا جرس انذار ليس على خطر الارهاب بل على مدى خطر الانظمة الحاضنة له والتي صار بقائها على هذا النحو يهدد الأمن العالمي برمته. أن تطال أذرع الإرهاب العواصم الغربية فتلك نتيجة حتمية لسياساتها التي ظلت تتعامى عن دور الانظمة الوراثية الضالعة في انتاج هذا السرطان في منطقتنا الملتهبة تلك التي عربدت كثيرا في انتاج الارهاب وتصديره واستخدامه في اشاعة الفوضى والحروب في البلدان المستقرة بذرائع واهية. من غير الانصاف تبرأة عواصم الدول الكبرى وفي المقدمة فرنسا عن المشاركة في انتاج هذا السرطان سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا أو مصر أو اليمن وغيرها، ويصعب انكار الدور الذي لعبته سياساتها الجائرة في تسهيل مهمات النظامين التركي والسعودي المسؤولين عن توسع وتمويل هذا السرطان وفي التضليل الاعلامي الذي طالما شرعن لهذه التنظيمات الإرهابية بتقديمها للعالم على أنها معارضة ومقاومة وجيش حر. السياسة الغربية الخاطئة والجائرة هي ايضا من منحت التنظيمات الإرهابية ومسلحيها تسهيلات التنقل والتوسع والتسلح والتمويل.. حتى وصل الامر في العراق إلى منحها الاموال الضخمة جهارا نهارا عبر حكومة اردوغان التركية بذريعة شراء النفط العراقي منها. في اليمن ومنذ ثمانية اشهر تراقب أجهزة المخابرات الدولية ما يفعله نظام آل سعود في انتاج وتفريخ التنظيمات الإرهابية المسلحة وتمكينها من السيطرة على المدن والاحياء في محافظاتحضرموت وعدن وتعز.. وشهدنا مراكز القرار الدولي تلتزم الصمت حيال هذا الخطر اعتقادا منها أنه لن يمسها. لعدة اشهر واجهزة المخابرات الدولية تراقب عمليات التسليح والدعم المالي واللوجيستي والعملاني الذي تقدمه السعودية لتنظيمات القاعدة وداعش في اليمن وتراقب أيضا مشاركة مسلحيها في صفوف القوات السعودية والإماراتية الغازية دون ان توقف هذا العبث أو تدينه. ظلت لشهور تراقب عمليات ترحيل الإرهابيين من سوريا وتركيا إلى اليمن عبر الطيران التركي والاماراتي والقطري وكأن هذه الانظمة الإرهابية كانت تنقل إلى اليمن الورود. شهدنا جميعا تصريحات خرقاء لبعض مسؤولي العواصم الاوروبية في شأن خطر الإرهاب وكلها كانت للاستهلاك السياسي والاعلامي في حين كانت وسائل الاعلام الدولية تؤدي دورها المضلل في تشوية الحقائق واستلاب الوعي وتضليل الرأي العام العالمي بوصف هذه الجماعات الإرهابية على أنها مقاومة وطنية. فعلت اجهزة المخابرات الدولية وعواصم الدول الكبرى الشيء ذاته في سورياوالعراق وليبيا ومصر وبلدان اخرى.. وها هو السحر ينقلب اليوم على الساحر. لعل المأساة الانسانية الكبيرة التي اجترحت باريس اليوم تقدم درسا للعالم بأن الإرهاب آفة دولية يتعين القضاء على مصادر انتاجه ومحاصرة أو اقتلاع الانظمة الارهابية الداعمة لهذا السرطان الذي صار يمثل خطرا عالميا يتهدد الانسانية جمعا.